علم الإسفاف عند الإخوان

19 سبتمبر 2018آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

رام الله- صدى الإعلام

بقلم: عمر حلمي الغول- عن الحياة الجديدة

منذ تأسست جماعة الإخوان المسلمين في 1928 في مصر، حملت التناقض في توجهاتها وخلفياتها وأهدافها، فهي ادعت، كما أعلن مؤسسها حسن البنا، انها جماعة دعوية، هدفها حماية مكانة الإسلام بعد انهيار دولة الخلافة التركية 1917 في أعقاب الحرب العالمية الأولى. ولكن هذه الجماعة كما اتضح من مسار تجربتها ووثائقها، انها ولدت بناء على رغبة وأهداف دولة الاستعمار الإنجليزية. لا سيما وان السفير البريطاني منح البنا مبلغ 500 جنيه مصري عند التأسيس. أضف لذلك، فإن الجانب الدعوي لم يكن سوى الجانب الشكلي لتعميم تجربة الجماعة في الأوساط المصرية والعربية، وكون البعد السياسي والأمني كان الأساس لعمل الجماعة، ولعل إنشاء التنظيم الخاص المسلح للجماعة، الذي قام باغتيال العديد من الشخصيات القيادية المصرية ومن ابرزهم، محمود فهمي النقراشي باشا بعد شهر من إعلانه حظر الجماعة في كانون الأول/ديسمبر 1948، وبعد ذلك محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1954، رغم انه حرص مع قيادة الثورة المصرية على بناء علاقات إيجابية مع الجماعة. لكنها كانت (الجماعة) تريد بسط هيمنتها على الثورة، وحين رفض عبد الناصر قاموا بجريمتهم النكراء.
وهنا يلاحظ المتتبع لتاريخ الجماعة، انها اعتمدت خطابا علنيا مغايراً للأهداف والمشاريع، التي تعمل لتحقيقها، وفقا واستنادا لمبدأ “التقية”. ومن يعود لتاريخ البنا وكل من تحملوا مسؤولية المرشد للجماعة، يجد انهم مارسوا الكذب دون وجل أو خجل خدمة لأهدافهم وأهداف وأجندات سادتهم الغربيين. 
كما ان الجماعة منذ تشكلت ناصبت الدولة الوطنية والقومية العداء، وهاجمت العلمانية، ورفعت شعارات واضحة لا لبس فيها، ترفض قيام الدولة المدنية، أو دولة كل مواطنيها، وحرصت على زرع بذور الفتنة بين أتباع الديانات والطوائف والمذاهب والإثنيات المختلفة، وبالتالي عملت على تعطيل عملية التحرر من ربقة الاستعمار، رغم أنها رفعت شعارات ديماغوجية مضللة عكس ذلك. وادعت انها مع “تحرير فلسطين”، ودعت لـ”الجهاد”، ولكنها حالت دون إرسال المجاهدين إلى فلسطين، ومن ذهب منهم، ذهب على عاتقه الخاص. وحتى الأتوبيسات، التي كانت مخصصة لنقل المجاهدين، تم إلغاؤها.
ومن يعود لمبادىء وشعار (اللوغو) الجماعة يجد انه نسخة طبق الأصل من شعار الماسونية، التي أعلن سيد قطب في جريدة التاج المصرية، انه انتسب لها. ومن يدقق في منصب رئيس الجماعة الماسونية يجد أنه يدعى “الخليفة”. وهذا التكامل بين الجماعة والماسونية لم يأت من فراغ، إنما جاء وفق تخطيط ومنهجية قوى الأعداء. ويعكس وحدة الحال بين الجماعتين عميقتي الصلة مع المعسكر الرأسمالي الغربي المستهدف وحدة شعوب الأمة العربية، والمشروع القومي العربي النهضوي. 
وحيثما وجدت فرعا لجماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي خصوصا والعالم عموما، تجده أداة للدولة، التي يعيش بين ظهرانيها، وللغرب عموما. ومن يعود لما يسمى الربيع العربي 2011، فإنه يلمس لمس اليد وبالعين المجردة، ان التنظيم الدولي للجماعة كان أداة أميركا وإسرائيل لتنفيذ مخططهم الاستعماري، وبناء شرق اوسطهم الجديد أو الكبير. وكانت حركة حماس، فرع الإخوان في فلسطين، رأس حربة مشروعهم التفتيتي لوحدة دول وشعوب الأمة العربية اواسط عام 2007. وما فعلته الجماعة في مصر لاحقا بين عامي 2012 و2013، أي العام الذي حكم فيه مرسي المخلوع كشف عن عمق التناقض بين الشعار المطروح والممارسات الفعلية. وكذلك الأمر في تونس مع جماعة حركة النهضة (فرع الإخوان هناك)، الذي تدارك الانفضاح أكثر فأكثر، فتراجع نتيجة هزيمة خياره في أوساط الشعب التونسي، وهكذا في ليبيا وسوريا والعراق والسودان والجزائر وحتى بعض دول الخليج. 
ومن رحم تلك الجماعة نبتت كل مجموعات التكفير والزندقة، من تنظيم القاعدة إلى تنظيم “داعش” إلى تنظيم النصرة أو كما يسمي نفسه الآن “فتح الشام”، وغيرها من المسميات، التي لا تمت للدين الإسلامي الحنيف بصلة، بل كانت ومازالت قيادتها المركزية والفرعية عنوانا للمتاجرة بالدين والدنيا، وعنوانا  للفسق والانحراف والإسفاف. 
علم الإسفاف، هو علم الانحطاط والرذيلة، علم الديماغوجيا والردح والبلطجة، لافتقاد الناطقين باسم الجماعة للغة المنطق والعقل، ولأنهم يحفون العقل على مقاس مقولات التضليل والتحريف، وفتاوى الشيطنة والتخوين والتكفير، وتغليب مصالح الأعداء على مصالح الشعوب المسحوقة والمناضلة من اجل حريتها واستقلالها. هو علم الأراجيف والابتذال وتحقير قيمة الإنسان، وتعظيم شأن الحكام المتآمرين على مصالح شعوبهم لتأبيد حكمهم وسلطانهم. غير ان هذا العلم وأتباعه سرعان ما يندحرون ويزولون، لأن وعي الناس الفطري تمكن من كشف زيف روايتهم وأهدافهم في كل المراحل التاريخية. ولن يكن مصير أتباعهم في اللحظة التاريخية أفضل حالا من مصير من سبقوهم من مرسي وعاكف ومن والاهم.

الاخبار العاجلة