الرئيس عباس.. وخطاب الشرعية الدولية

22 سبتمبر 2018آخر تحديث :
الرئيس عباس.. وخطاب الشرعية الدولية

بقلم الدكتور ناجي صادق شّراب عن القدس

الخطاب المرتقب للرئيس، محمود عباس، في الأمم المتحدة أمام الجمعية العامة وهي أكبر منتدى دولي، وتجسد الشرعية الدولية، ليس كأي سياسي سبق أن استمعت له الجمعية العامة من الرئيس الفلسطيني، وقد يذكرنا بخطاب الرئيس عرفات لأول مرة، وهو خطاب السلام والمقاومة المشروعة التي يملكها الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه التي أقرتها الجمعية العامة.

الخطاب هذه المرة يحدده المكان الذي تمثله الأمم المتحدة المسؤولة عن القضية الفلسطينية، والمسؤولة ايضاً عن تنفيذ قراراتها بشأن الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وخصوصاً قرار الدولة الفلسطينية، ويحدده الزمان الذي تحاول فيه الولايات المتحدة واسرائيل نزع الشرعية الدولية عن القضية الفلسطينية.

ورأينا القرارات العديدة التي إتخذتها الإدارة الأميركية الحالية وأهمها القدس واللاجئين والتي تحمل مدلولاً سياسياً خطيراً وهو إلغاء كل القرارات التي تبنتها الأمم المتحدة وجمعيتها العامة بشأن القدس واللاجئين أي إلغاء القرار المشهور رقم ١٩٤، وإلغاء دور الوكالة الدولية لغوث اللاجئين، ومن هنا الخطاب السياسي للرئيس الذي ينبغي أن يضع فيه المسؤولية الدولية الكاملة على الأمم المتحدة، والمطالبة بتنفيذ قرار الدولة الفلسطينية وتحولها لعضو كامل تحت الاحتلال، ومن ثم المطالبة بإنهاء الاحتلال عن هذا العضو، لأن الإحتلال الاسرائيلي يعتبر مناهضاً ومناقضاً لميثاق الأمم المتحدة وأهدافها ومبادئها في السلام والأمن.

فأولاً المطلوب من الرئيس ليس فقط التذكير بهذه القرارات والشرعية الدولية والدفاع عنها، بل المطلوب أولاً اتخاذ قرار دولي واضح وصريح بشأن الدولة الفلسطينية الكاملة العضوية، وعليه التقدم والإقتراح بممارسة الجمعية العامة لحقها في تنفيذ قرار أو قانون الإتحاد من أجل السلام للتغلب على الفيتو الأميركي وصيانة مصداقية الأمم المتحدة، في الدفاع عن دورها، وإعلان مرحلة قيام الدولة الفلسطينية من الأمم المتحدة، ولهذا دلالة سياسية عظيمة وكبيرة.

فالدولة الفلسطينية مسؤولة الأمم المتحدة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية دولية، ولذا أرى ان يكون هذا الخطاب خطاب إعلان الدولة الفلسطينية، بما يعني ذلك مطالبة اسرائيل بالتعامل مع الفلسطينيين كدولة وليس كمنظمة أو سلطة.

وفي السياق نفسه مطالبة الأمم المتحدة لتحمّل مسؤوليتها في قيام مؤسسات هذه الدولة، والتسهيل لإجراء الانتخابات الفلسطينية لبناء مؤسسات الدولة، وعند قيام هذه الدولة والإعتراف بها يمكن لها تحمل مسؤولياتها كاملة إزاء مواطنيها، وأن يتضمن الخطاب مواصفات ومحددات كاملة لهذه الدولة كدولة ملتزمة بميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية، وكدولة ديموقراطية وسلمية تنبذ العنف والإرهاب، واقتراح أن تشارك الأمم المتحدة في صياغة دستور هذه الدولة، وهنا باحياء العمل بالقرار رقم ١٨١ الذي تبنته الجمعية العامة والذي نص على قيام الدولة العربية على مساحة لا تقل عن ٥٤ في المائة من مساحة فلسطين، وأن المطالبة بقيام دولة فلسطينية على حدود العام ١٩٦٧، وهو عام الاحتلال يعني أمرين هامين أولاً حجم التنازل الذي يقدمه الفلسطينيون من أجل السلام، وثانياً تحديد عام ١٩٦٧ يتوافق وكل القرارات الدولية التي تعتبر الاحتلال الاسرائيلي لكل الاراضي الفلسطينية غير شرعي، بما في ذلك المستوطنات التي أقيمت على أراضي الدولة الفلسطينية، فالمطلوب هنا ليس فقط إنهاء الاحتلال، بل ايضاً ازالة كل المستوطنات من الاراضي الفلسطينية المخصصة للدولة الفلسطينية.

وهذه النقطة، التذكير بها مهم جداً في هذا الخطاب، والنقطة الأخرى المطالبة بتوفير كل الدعم المالي والسياسي والاقتصادي لهذه الدولة الفلسطينية، حتى تضيف للسلام والأمن الدولي.

وأخيراً على الرئىس ان يقدم اقتراحاً كاملاً وتفصيلياً لكيفية تحقيق السلام بمنح الأمم المتحدة دورها كاملاً في السلام، وهذا بديل للدول الاميركي، واحياء للدور الدولي ومرجعيته في السلام. وهنا يمكن التذكير بدور اللجنة التي انشأتها الأمم المتحدة والخاصة بفلسطين، والمطالبة بإعادة تشكيل هذه اللجنة وأن تتشكل من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدائمين، وغير الدائمين ويمكن أن تضاف دول أخرى، وتكلف هذه اللجنة بتقديم تصور كامل للحل، على ان ينتهي دورها خلال عام، وتقدم تصورها في الدورة القادمة للجمعية العامة ، وعندها يتم تبني توصياتها.

وفي حال الإعتراض عليها بالفيتو الاميركي يتم تبني التوصيات بموجب قانون الاتحاد من أجل السلام، وفي حال تبنيها تصبح ملزمة لفلسطين واسرائيل، وعندها يبدأ تنفيذ قرارات الأمم المتحدة.

الخطاب ينبغي ان يبتعد عن العموميات والشعارات والهجوم وأن يتضمن مقترحاً تفصيلياً كما اشرت.

ليكن خطاب الدولة الفلسطينية ويتحول لوثيقة سياسية تحدد الرؤية الفلسطينية للحل والسلام.

السلام إقتراح ورؤى وليس مجرد مطالبة، وليكن خطاب المبادرة السياسية، التي تحمل إسم الرئيس.

وهذا سيكون أكبر إنجاز للرئيس على مستوى حياته السياسية، ومستوى القضية الفلسطينية وسيشكل نقلة نوعية في مسار النضال السياسي الفلسطيني.

المصدر الرئيس عباس.. وخطاب الشرعية الدولية
الاخبار العاجلة