أية تهديدات باقية!

24 سبتمبر 2018آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

عمر الغول-الحياة الجديدة

أمس الأول صرح عضو المجلس التنفيذي للمكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، ملوحا بـ “عصا غليظة” ستلقيها حركته في وجه الرئيس محمود عباس في حال اتخذ أي إجراءات جديدة ضد القطاع، وهو يقصد ضد حركته، حيث يمارس الخلط والتضليل المتعمد بين حركته الانقلابية وجماهير الشعب الفلسطيني في القطاع. وفي اليوم ذاته أدلى فوزي برهوم، أحد أبواق حماس بذات التصريح.

وجاءت تصريحاتهما قبل وصول الوفد الأمني المصري، الذي يضم اللواء أحمد عبد الخالق والعميد مصطفى الشحات، القنصل الجديد للقاء قيادة حركة حماس، وبعد وصوله لأرض قطاع غزة، وكأن الرسالة توجه مباشرة للوفد المصري، في محاولة من جماعة الإخوان المسلمين لقطع الطريق على الدور والرعاية المصرية، وأيضا لإبلاغهم بشكل غير مباشر، أن ما تحملونه من مقترحات وأفكار لا يلزمنا بشيء، ولسنا معنيين بها، وخيارنا هو ذاته، وهو مواصلة تأبيد الإمارة، والتشبيك مع إسرائيل عبر البوابة القطرية.

ورغم ان قيادة حركة حماس، تحاول لي ذراع الواقع المعقد والصعب المحيط بها، وتدرك خطورة إدارة الظهر للراعي المصري لأكثر من اعتبار واعتبار، إلا أنها تعتقد للحظات نتيجة حالة البارانويا والوهم، الذي تعيشه، أنها قادرة على تكسير المجاديف المصرية، مراهنة على الدورين القطري والتركي وقبلهما التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ولافتراض خاطئ وساذج تقوم ركائزه على الاعتقاد، ان ثقل مصر في حالة تراجع، وبالتالي يمكن الالتفاف عليه، أو إشغاله لحين من الوقت تكون فيه الشروط تغيرت لصالحها.

لكن من يعرف ولو نسبيا مبادئ ومحددات المنظومة الأمنية والسياسية للنظام المصري عموما والدولة العميقة خصوصا، يستطيع ان يجزم، بأن مصر إذا سمحت فيما مضى لحركة حماس أن تناور عليها، وبرغبتها وبتجاهلها عن سابق عمد وإصرار الاعيب الحركة الانقلابية لاعتبارات خاصة بها. فإنها في اللحظة السياسية الراهنة، وإدراكا منها أن الوقت الافتراضي للعبث انتهى، لأن مصلحة مصر القومية، ومصلحة القضية الفلسطينية تحتم عليها وقف عملية الاستنزاف والتبديد للمصالح الفلسطينية العليا، وقطع الطريق على مشروع الإخوان المسلمين، ومحاصرة الدورين القطري والتركي المتربصين بمصر، الذين جميعهم يستهدفون الدولة المصرية بشكل مباشر، وحيث أن مخطط التخريب والتمزيق لمصر لم يغلق حتى الآن، لأن المعلم الأميركي الكبير وشريكه الإسرائيلي الصغير مازالا يراهنان على إقامة نظام الشرق الأوسط الجديد، وتسيد إسرائيل على رأسه.

وعلى أهمية ما تقدم، فإن ما استوقفني تهديدات قيادة الانقلاب الأسود لرئيس الشرعية الوطنية الرئيس أبو مازن بـ”عواقب الأمور”، وكأنه مازال بعد الانقلاب على الشرعية قبل اثني عشر عاما شيء يمكن إضافته؟ هل تريدون تنفيذ خيار الهدنة من أجل الهدنة؟ ام هل تريدون إنشاء مرجعية جديدة موازية أو بديلة عن منظمة التحرير؟ أو انكم ذاهبون للاتفاق المعلن مع إسرائيل بواسطة قطر؟ أم انكم ستطبقون قانونكم القديم الجديد اجتثاث حركة فتح في محافظات الجنوب؟ أم انكم ستحولون الإمارة إلى دويلة مستقلة؟ وهل الجماهير الفلسطينية معكم، حتى تتحدثوا باسمها؟ وهل القوى والنخب السياسية والثقافية معكم حتى تتنطحوا للحديث نيابة عنها؟ الا تعلمون ان لوحة التحالفات، رغم هشاشة الوضع العربي والعالمي تسير ضدكم، أم أنكم لم تتعلموا حتى الآن الإمساك بناصية وقوانين السياسة؟

كل السيناريوهات الافتراضية لا تضيف شيئا جديدا لخياركم الانقلابي. جميعها تصب في ذات الاتجاه، فلن تقدم ولن تؤخر في المعادلة الفلسطينية، لأنكم لو استطعتم طيلة الاثني عشر عاما تحقيق اي خطوة إضافية لما توانيتم للحظة عن الإعلان عنها. ولكنكم فشلتم ألف مرة، ولم يحالفكم الحظ بتاتا، كما ان لعبة التصعيد الجارية الآن على الحدود مع دولة الاستعمار الإسرائيلية باتت مكشوفة، ولم تعد تنطلي على أحد سوى البسطاء والمسحوقين من أبناء شعبنا. وبالتالي عليكم أنتم أن تتنبهوا جيدا للتوقف عن العبث بمصيركم ومصير الشعب والقضية والأهداف الوطنية. راجعوا أنفسكم جيدا، لأن موعد العاشر من الشهر العاشر لن يكون سوى فقاعة واهية، وسيرتد عليكم.

لذا تعالوا إلى جادة المصالحة، واطووا صفحة الانقلاب، وتوطنوا في البيت الفلسطيني وداخل حاضنته منظمة التحرير الفلسطينية أفضل لكم ألف مرة، لأنكم لم تفلحوا لا في الحكم ولا في المعارضة ولا في صيانة مصالح العباد، ولا حتى خدمتم أسيادكم كما كتب وخطط لكم. فالفشل كان عنوان تجربتكم الدائم أسوة بتجربة فروع جماعة الاخوان في الوطن العربي. فهل تعقلون وتعودون أو تذهبون وتذهب ريحكم؟

الاخبار العاجلة