من داخل المعتقل: حياة معدمة تعانيها أسيرات هشارون

7 نوفمبر 2018آخر تحديث :
أسيرات

رام الله- صدى الإعلام

بعد قرار إدارة سجون الاحتلال تركيب كاميرات مراقبة في ساحة الفورة بسجن هشارون قبل قرابة 60 يوم، أعلنت الأسيرات في الخامس من شهر أيلول اتباع خطوات تصعيدية بالامتناع عن الخروج للفورة رفضا لهذا القرار الذي يقيد حريتهن، وهو ما اعتبرته إدارة السجون حالة من العصيان التي بدورها قابلته بقطع المياه الساخنة عنهن قطع بث بعض المحطات العربية عنهن، علاوة على منع أهالي الأسيرات من الزيارة، على الرغم من أن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تعنى بحماية المدنيين وقت الحرب نصت في مادتها (116) على أنه يحق للأسير في زيارة دورية وروتينية لذويه مرتين شهرياً، كما ونصت الاتفاقية أيضا على” حق الأسير عدم سحب احتياجاته الشخصية أو مصادرتها” بحسب المادة (97).

ماذا يعني امتناع الأسيرات عن الخروج للفورة؟

في داخل غرفة صغيرة جدا معتمة لا تتسع لأكثر من 4 أشخاص، بمساحة لا تتعدى الثلاثة أمتار، بجدرانها القاتمة، وإضاءتها الرديئة، غرفة لا تحتوي على نوافذ، وإن وجدت فيها فتكون مغلقة بصفائح حديدية، تعيش أسيرات معتقل هشارون في عالم آخر معزول تماما عن الخارج،لا يستطعن قضاء حاجاتهن الأساسية، ما يدفعهن إلى انتظار ساعات الفورة حتى إنجازها.

الفورة هي وقت الحرية وقضاء الحاجات للأسيرات، هي الوقت الذي تتحرك فيه الأسيرات لتحريك أجسادهن المثقلة من ضيق مساحة غرف المعتقل، وهي الوقت الذي يرين فيه نور أشعة الشمس ونسيم الهواء، وهنا تكمن خطورة قرار سلطات الاحتلال تركيب كاميرات المراقبة في الساحات الخارجية.

إن قرار سلطات الاحتلال تركيب الكاميرات بذرائع أمنية، يعني تقييد حرية الأسيرات في ممارسة طقوسهن اليومية، وما بيتنه من حاجات يقضينها في ساعات الفورة، فلا الشمس ترى جدائل شعرهن، ولا الهواء يلمس بشرتهن، ولا هن يتنفسن جزءا من الحرية المسلوبة، في هذه الساعات القليلة التي لا تتجاوز الخمس ساعات مقسمة على ثلاثة مراحل، تقضي الأسيرات وقتهن في ممارسة الرياضة وغسيل ملابسهن وتهويتها، وتنظيف غرفهن الرطبة المعطوبة الرائحة، عدا عن الأنشطة الأسبوعية والمسابقات وحلقات النقاش.

اليوم، الأسيرات محرومات من أدنى حقوقهن الإنسانية، فامتناعن عن الخروج لفسحتهن اليومية (الفورة)، يعني حدوث تغيرات جسدية ونفسية لهن، فالكبت الذي تعاني منه الأسيرات داخل الغرف الموصدة والقمع المستمر والتفتيش المهين المفاجئ، يجعلهن بحاجة ماسة إلى مساحة يفرغن فيها كل ما سبق.

ولا يجب أن ننسى أيضا، البيئة المقيتة الغير صحية داخل غرف معتقل غير صالحة للحياة الآدمية، الأمر الذي يجعلهن بحاجة لاستنشاق الهواء النقي وأشعة الشمس، هذا إن وجدت في ساحة الفورة المغطاة بشكل شبه كامل بألواح (الزينكو).

تجدر الإشارة إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تعنى بحماية المدنيين وقت الحرب، نصت في المادة (3) على “حق الأسير في صون كرامته و حريته الإنسانية و عدم معاملتهم معاملة إنسانية غير حاطة بالكرامة”، وكفلت له حقه في “الإضراب لتلبية مطالبه، وحقه في الأمان على شخصه و نفسه وممتلكاته الخاصة داخل السجن”.

كما وضمنت الاتفاقية سالفة الذكر عدة حقوق للأسرى المدنيين، من بينها ” حق الأسير في التريض في الهواء الطلق ثلاث ساعات يوميا”، وهو ما تفتقر له الأسيرات والأسرى على حد سواء في المعتقلات الإسرائيلية.

أسرى محررون: الأسيرات بحاجة لدعمنا

إن أكثر ما يحتاج له الأسير داخل المعتقل، الشعور باحتواء شعبي لقضيته، والتضامن معه، فهو الأمر الذي يمكنه من الصمود في معركته مع السجان، وفي هذا الشأن قالت الأسيرة المحررة نجوان عودة في مقابلة على تلفزيون فلسطين ،اليوم، “ إن تجربة الاسر تجربة قاسية جدا خاصة انني أسيرة عشت كافة تفاصيل الإعتقال، فعدم خروج الأسيرة من غرفتها لمدة 63 يوم هذا بحد ذاته جريمة، فهو يعرض الأسيرة للكثير من الضغوطات الصحية والجسمانية والنفسية”.

من جانبه قال عضو اللجنة الإدارية في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الأسير المحرر عبد الفتاح دولة في مقابلة على تلفزيون فلسطين اليوم : ” نحن بحاجة أن نعمل أكثر كمؤسسات رسمية تعمل بمجال الأسرى، بالاضافة إلى أن هناك مسؤولية فصائلية وشعبية للأسف هي غائبة بالفترات الأخيرة”.

 وأضاف “قريبا سيكون هناك ورشة موسعة، تهدف إلى تشكيل جبهة وطنية لمواجهة ما تسمى لجنة “اردان” لان هذا من باب الواجب، وقريبا سنعلن عنها”.

تعاني قضية الأسيرات ومعاناتهن من ضعف في التفاعل الشعبي والجماهيري، على الرغم من أنها تمس جوهر القضية، وتمثل واجبا وطنيا وأخلاقيا بحقهن.

 

الاخبار العاجلة