مارك هيل ينتصر للسلام

3 ديسمبر 2018آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

عمر الغول-الحياة الجديدة

الحرب في أميركا ضد كل من يدافع عن خيار السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي مفتوحة على مصاريعها. لا تتورع أركان إدارة ترامب واللوبيات الداعمة لإسرائيل الاستعمارية عن تلفيق التهم، وحرف الحقائق، وملاحقة أي إنسان، أو مجموعة ، أو منظمة داعمة للتسوية السياسية كما منظمة BDS، وتطالب بالعدالة المشروعة، والمتوافقة مع قوانين ومواثيق الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام في حال شخصت الواقع كما هو، ووصفت دولة التطهير العرقي الإسرائيلية بما هي عليه من عنصرية، ومعادية للسلام، وطالبت بمنح الشعب العربي الفلسطيني بعض حقوقه السياسية والمتوافقة مع ما ذكر آنفا.

آخر جرائم القوى المتماهية مع إسرائيل الخارجة على القانون كانت يوم الخميس الماضي الموافق 29 نوفمبر 2018 ضد البرفيسور الأميركي، مارك لامونت هيل، الأستاذ بجامعة تمبل في ولاية بنسلفانيا، الذي طرد من عمله في شبكة CNN بعد إلقاء كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ونادى فيها بإقامة دولة واحدة من البحر للنهر بما يؤمن العدالة للفلسطينيين والإسرائيليين، ودعا لتعزيز السلام على اساس العدالة النسبية للجميع. وهذا ما أوضحه بعد قرار طرده من الشبكة الإعلامية الأميركية، التي خضعت لابتزاز أنصار إسرائيل من اليمين الأميركي في الحزبين الجمهوري الحاكم والديمقراطي المعارض، والإيباك اليهودي، وكل جماعات الضغط.

ومع ذلك لم يتراجع هيل عن موقفه المبدئي والمنسجم مع جوهر العدالة السياسية. ووقوفه إلى جانب الحقوق السياسية الفلسطينية، ووضع إصبعه على الجرح، عندما حدد ما هية دولة الاستعمار الإسرائيلية، كدولة عنصرية، ومعادية للسلام، ووضع رؤيته للحل المناسب، وهو بالمناسبة الممر الإجباري، الذي تدفع به إسرائيل نفسها، ومن خلفها إدارة ترامب، ولكن وفق المعايير العنصرية، ودون قيم ومبادئ العدالة السياسية، والذي لا يخدم بحال من الأحوال أي صيغة من صيغ التعايش والسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين الصهاينة، ويعمق عمليات التطهير العرقي، والدفع قدما بخيار الترانسفير ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني داخل حدود فلسطين التاريخية لبناء دولة “إسرائيل الكاملة”، ويزيد من استعار الفاشية الصهيونية ضدهم لبلوغ المخطط مبتغاه الاستعماري.

لكن قادة وممثلي الأحزاب الصهيونية بمشاربهم المختلفة في إسرائيل وادواتهم وأبواقهم المعادية للسلام، وحلفائهم في الولايات المتحدة رفضوا دعوة رجل السلام الأميركي من حيث المبدأ، ولم ينصتوا لوجهة نظره، ولم يسمحوا له بتوضيح موقفه، مما دعاهم لإعلان الحرب عليه، ودعوا الشبكة الأميركية CNN لطرده، وايضا استجابت فورا، ولم تمهله للدفاع عن وجهة نظره.

والجريمة الأميركية الجديدة تشير بشكل واضح إلى عقم وبؤس الديمقراطية في بلاد العم سام. وتكشف عن خوائها وإفلاسها، وتوضح للقاصي والداني، أن ما تتحدث بشأنه المؤسسات التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة عن حقوق الإنسان، وحرية الرأي والتعبير، والرأي والرأي الآخر ليست إلا بالونا مخروما، وطرحها ليس إلا للتضليل والخداع للشارع الأميركي والرأي العام العالمي، وهي لا تعدو أكثر من اسلحة بيد الإدارات الأميركية المتعاقبة لملاحقة الشعوب الضعيفة لنهب ثرواتها، والتسيد عليها، ولإلقائها كقفازات في وجوه خصومها واعدائها في الداخل والخارج الأميركي. أضف إلى انها مفصلة على مقاس الحزبين المتنفذين في الحكم، وطغم رأس المال.

ورغم اننا شعب ضعيف، ويعاني من همجية ووحشية الاستعمار الإسرائيلي، والحرب القذرة، التي تشنها علينا إدارة ترامب وكل جماعات اليمين المتصهين في أميركا، غير أن القيادة والشعب العربي الفلسطيني، وكل انصار السلام والعدالة في العالم العربي والعالم كله يثمنون عاليا موقف البرفيسور مارك لامونت هيل الشجاع والنبيل. ونؤكد وقوفنا إلى جانبه بما نملك من إمكانيات متواضعة، وسندافع عنه بالقدر الممكن والمتاح، لإننا نقف دون تردد في خنادق السلام والعدالة النسبية والممكنة لنسقط خيار العنصرية والفاشية الإسرائيلية حتى ينتصر خيار السلام، ويزول الاستعمار عن اراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران/ يونيو 1967 وفي المقدمة منها القدس عاصمة الدولة الفلسطينية الأبدية، ويتمكن اللاجئون الفلسطينيون من العودة لديارهم، التي طردوا منها في اعقاب النكبة 1948.

شكرا كبيرة للبرفيسور مارك لامونت هيل، الشجاع، الذي انتصر لخيار السلام، والذي يفترض ان تمنحه القيادة الفلسطينية وسام الفروسية والشجاعة فورا تعبيرا عن موقفه المتميز في نبله ومقداميته.

الاخبار العاجلة