سموم غرينبلات المفضوحة

4 ديسمبر 2018آخر تحديث :
مقالات مروان طوباس جنين

عمر الغول- الحياة الجديدة

بين الفينة والأخرى يخرج علينا أحد أعضاء فريق الرئيس ترامب لما يسمى “السلام” لدس السم في العسل، وغالبا غرينبلات، الذي نشر يوم الجمعة الماضي مقالا في صحيفة القدس المقدسية بعنوان “الفلسطينيون يستحقون أكثر..”، وركز على الإساءة للقيادة الفلسطينية، وروج للحل الاقتصادي الشكلي، وجانب الصواب في كل ما ذكر إلا مسألة واحدة، وهي الجزء الأول من العنوان، ان الفلسطينيين يستحقون أكثر مما هم عليه الآن، ولكن هذا الاستحقاق، ليس شيئا آخر غير الاستقلال السياسي، وزوال استعمار دولة إسرائيل عن أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين لديارهم، التي طردوا منها في أعقاب نكبة ال1948 ونكسة حزيران 1967.

غير ان ممثل الرئيس الأميركي لم يشر من قريب أو بعيد لما تقدم أعلاه، بل حصر الأمر في التحسين الإقتصادي الشكلي لقطاع من الفلسطينيين، وإبقاء الفلسطينيين واقتصادهم في دائرة التبعية المطلقة للإقتصاد الإسرائيلي، وهو هدف حكومة الائتلاف اليميني المتطرف في إسرائيل. ولم يشر لوقف الاستيطان الاستعماري، ولا لإزالته، ولا لبناء اقتصادي مستقل، ولم يتطرق للفصل التدريجي بين الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي كمقدمة للانفكاك التدريجي والتاريخي بين المجتمعين، وبناء ركائز سلام حقيقي يستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام.

وفي إطار عملية التضليل، التي ساقها في مقالته توقف مطولا ممثل اليمين الأميركي الحاكم عند ضرورة فتح المجال أمام الشباب الفلسطيني للإستفادة من “الخبرات الإسرائيلية في عالم الهاي تيك”، وهو ما يكشف عن مسألتين، الأولى جهل بكفاءة الفلسطينيين في هذا المجال، الذي يتفوقون فيه على الإسرائيليين، والثاني يبدو انه لا يعلم، أن الإسرائيليين يركضون وراء الكفاءات الفلسطينية في هذا الحقل للعمل معهم. وبالتالي ما يحاول غرينبلات أن يسوقه باعتباره أفضلية إسرائيلية، ليس كذلك، لإن العكس صحيح.

وأما موضوع القيادة الفلسطينية، التي سعى جيسون غرينبلات الى الإساءة لها، والانتقاص من مكانتها، نسي أنها القيادة الشرعية والممثلة لأماني وأهداف الشعب العربي الفلسطيني في التحرر الوطني، والأمينة على مصيره ومستقبله. والهجوم عليها نابع من ردة فعل أميركية، لإنها رفضت صفقة القرن، وقالت بصوت واضح وعال: لا كبيرة للسياسات الأميركية المسمومة، تلك السياسات، التي أعلن عنها ونفذها سيد البيت الأبيض بدءا من الإعلان عن الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وثم نقل السفارة الأميركية من تل ابيب إلى القدس.. إلخ من الإجراءات، التي اتخذتها الإدارة الترامبية، والمتناقضة مع ركائز عملية السلام، ومرجعياتها الأميركية.

ولم يتوقف الأميركي البشع عند ما تقدم، بل ذهب بعيداً في تحميل القيادة الفلسطينية المسؤولية عن “إفشال اتفاق أوسلو”، مع ان القيادات الإسرائيلية وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الحالي، أعلنت عن تبجحها وافتخارها، بأنها هي من قتل ودفن اتفاقيات أوسلو. أضف إلى ان الأمم المتحدة ودول وأقطاب العالم، أكدوا أن من يقف وراء تدمير اتفاقيات أوسلو وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 هي الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من خلال رفضها العمل بروحية الاتفاقيات، رغم ما بها من علل ونواقص، ومواصلتها التخندق في مربع الاستيطان الاستعماري، ورفض الإنسحاب من المناطق B وC والانقضاض على المنطقة A ومواصلة اقتحاماتها، وإطلاق العنان لقطعان المستعمرين للإعتداءات على مصالح السكان الفلسطينيين، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ في الميادين بذرائع وحجج واهية لا تمت للحقيقة بصلة، ومواصلة سياسة الإعتقالات، وهدم البيوت، وسحب الهويات من سكان القدس، والسيطرة على بيوت الفلسطينيين في أحياء العاصمة الفلسطينية، وتغيير معالمها الجغرافية والديمغرافية، وشن الحرب الشاملة عليها لإسرلتها، هذا بالإضافة لحصارها الظالم لقطاع غزة، وإصرارها على فصل القطاع عن الضفة بما فيها القدس.. إلخ.

من قراءة مقالة غرينبلات لا يحتاج أي إنسان بسيط وعادي، من إكتشاف سمومه المفضوحة، التي لا تنطلي على مجنون، وليس عاقل. لذا من الأفضل له ولإدارته ان يغزلوا بغير هذة المسلة المتغابية والمتغطرسة، وأن يعودوا لجادة الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، إن شاؤوا أن يكون لهم دور ما في رعاية عملية السلام. فهل يتعظ قادة الإدارة الأميركية من الدروس والتجربة، التي مروا بها؟

الاخبار العاجلة