الالتفاف الشعبي حول الرئيس يقلق رعاة «صفقة العار»

25 فبراير 2019آخر تحديث :
الالتفاف الشعبي حول الرئيس يقلق رعاة «صفقة العار»

رام الله-صدى الاعلام

استوقفت حملة التشهير المنظمة التي تقودها حماس وبعض المرتزقة في قطاع غزة تجاه شخص رئيس دولة فلسطين محمود عباس، الشرفاء من أبناء شعبنا، متسائلين عن أغراضها، وسر التماهي الأعمى من قبل حماس مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

حركة حماس لم تتوقف يوما عن التشكيك والطعن في الشرعية الوطنية الفلسطينية خاصة في كل محطة مفصلية تواجه القضية الفلسطينية، فبينما كان الرئيس يلقي كلمة فلسطين الرافضة لصفقة القرن ولسياسات الاحتلال في الأمم المتحدة، في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، دعت حماس إلى عقد جلسة لكتلتها البرلمانية (قبل حل المجلس التشريعي) لتخرج وتقول أن الرئيس لا يمثلها.

وفي كل مرة يخرج الرئيس لعرض قضيتنا في أي محفل دولي، كانت تخرج حماس لتشكك بشرعيته، وتحاول لفت الأنظار إلى قضايا جانبية لا تخدم المشروع الوطني، حتى وصل الأمر بها إلى انتقاد خطاباته قبل أن يلقيها،

وقبل نحو أسبوعين لم توقع حماس كما الجهاد الإسلامي على إعلان موسكو بشأن المصالحة بزعم أن منظمة التحرير الفلسطينية ليست الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.

وتصاعدت وتيرة تحريض حركة حماس على منظمة التحرير الفلسطينية، وشرعية تمثيلها للشعب الفلسطيني، كما لم تتوقف عن التحريض على الرئيس، ويرى ساسة ومراقبون أن النيل من منظمة التحرير هو جزء من صفقة القرن ولا يصب إلا في مصلحة الاحتلال والإدارة الأميركية، برئاسة دونالد ترمب، الراعية للصفقة التي أطلق عليها الرئيس “صفقة العار”.

ويقول القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أسامة الحاج أحمد، إن التطاول والمس بشرعية منظمة التحرير لا يخدم سوى صفقة القرن.

وفي اتصال مع “وفا” قال الحاج أحمد، إن الجبهة تقف مع منظمة التحرير ووحدتها والتمسك بها كممثل شرعي ووحيد وضد أي محاولة إلغاء تمثيلها للتساوق مع صفقة القرن، مشيرا إلى أنها ضد التطاول على المنظمة بأي شكل من الأشكال.

وأضاف أن الجبهة ترفض وبشكل مطلق المساس بشرعية ووحدانية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، “فهذا أمر مفروغ منه فهي البيت الفلسطيني الذي تعمد بدماء الشهداء وتاريخ طويل من النضال الفلسطيني.”

عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد العوض قال، إن ما يحاك هذه الأيام ضد منظمة التحرير يهدف إلى تفتيتها وتبديد دورها، وهذه إحدى أهداف صفقة القرن التي تهدف للقضاء على التمثيل الفلسطيني وفق رغبة الاحتلال والإدارة الأميركية.

وأضاف أن ما يجري الآن من تطاول على الرئيس ومنظمة التحرير ليست المرة الأولى التي تواجه فيها المنظمة محاولات لتفتيتها والقفز عنها، إلا أنها قفزت عن هذه المحاولات وجددت الشرعيات بهدف الالتفاف على المحاولات التي لم تعد سرية.

وطعنت حماس في شرعية التمثيل الفلسطيني في المجلس الوطني، البرلمان الفلسطيني لجميع الفلسطينيين في الوطن والخارج، كما طعنت في شرعية انعقاد المجلس المركزي، بطريقة تؤكد أنها لا تؤمن بالشراكة الوطنية وأنها تواصل العمل في إطار سياسة الإقصاء والإحلال.

وتتفق حماس اليوم في مواقفها مع مواقف الإدارة الأميركية وإسرائيل، في استهداف الرئيس، بل وصل الأمر لانسجامها أيضا مع الأحزاب اليمينية المتطرفة في هجومها واستهدافها لشخص الرئيس.

ويرى مراقبون أن المطلوب من حماس في هذه المرحلة دفع ثمن حقائب المال التي دخلت إلى قطاع غزة بطرق غير شرعية بمساعدة إسرائيل وجهات إقليمية، وأنه على حماس توظيف ذلك باتجاه التحريض على شرعية الرئيس لتكريس انسلاخ غزة عن الجسد الفلسطيني باتجاه إقامة الإمارة أو الدويلة في القطاع ضمن صفقة العار التي بات واضحا تساوق حماس مع أطرافها.

وأوقفت الولايات المتحدة مساعداتها المالية للسلطة الفلسطينية بما في ذلك مساعدات طبية وتعليمية كجزء من الضغط على الرئيس ومنظمة التحرير للموافقة على الشروط الأميركية.

لكن الإدارة الأمريكية وافقت على دخول ملايين الدولارات (الكاش) بموافقة الاحتلال الإسرائيلي وبمرور 30 مليون دولار لحماس عبر الحواجز الإسرائيلية.

وفي عودة إلى عقود خلت قال القيادي في حزب الشعب إن المجمع الإسلامي (أول مؤسسة مُنظمة ومعلنة تتبع الإخوان المسلمين) أنشئ [بتصريح من إسرائيل] كبديل للمنظمة، وها هي الجهود مستمرة حتى الآن، وهذا طعن في ظهر المشروع الوطني لأن الإخوان المسلمين لا يؤمنون بوطن وحدود، فالمسألة قديمة متجددة

وتأسست جمعية المجمع الإسلامي في غزة بتصريح من الاحتلال الإسرائيلي أوائل السبعينات في الوقت الذي كانت منظمة التحرير في أوج صعودها الدولي وانتزعت اعترافا من الأسرة الدولية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.

وبدأ “المجمع الإسلامي” نشاطاته بالتنظير ضد منظمة التحرير وفصائلها، عبر منابر المساجد والأنشطة الرياضية والتعليمية عبر مدارس ورياض أطفال خاصة وعلى مرأى وبتصريح من قوات الاحتلال.

“اليسار شيوعي كافر”، “اليمين علماني كافر” كانت أهم ما يتعلمه من يقعون ضحايا للغسيل الدماغ الإخواني في “المجمع الإسلامي” المرخّص إسرائيليا، قال محمد فارس (45 عاما) من مدينة خان يونس.

“وتابع، كنا نجلس في حلقات في المسجد الكبير ونتعلم أن م. ت. ف كافرة، وأن محاربتها أهم من محاربة إسرائيل، كوادر حماس الآن خريجو هذه الجلسات”.

أما محمد الدنف (41 عاما) من مدينة خان يونس فيقول: “كنا نجتمع في مسجد الرحمة التابع لحماس، ونتلقى دروسا دينية تثبت أن أبو عمار جاسوس هو وكل من معه”.

ويعتقد الكاتب الفلسطيني عبد الله أبو شرخ، من مدينة غزة، أن التجمع الذي نُظم اليوم في ساحة “السرايا” بمدينة غزة كان تجمعا مدروسا منظما وليس حراكا شعبيا، رغم فشلة وفق كل المقاييس.

“قبل أسبوع حاول المعلمون تنظيم إضراب للمطالبة بحقوقهم فمنعتهم حماس، أما اليوم فعطّلوا المدارس لحشد عدد ضد الرئيس عباس.”

وأضاف أبو شرخ، الذي اعتقلته حماس أكثر من مرة على خلفية حرية الرأي، أن التطاول على منظمة التحرير والمس بشرعيتها لا يصب إلا في مصلحة صفقة القرن، “القضية ليست قضية رواتب، هذا جسم سياسي برئاسة الرئيس يقف حجر عثرة أمام الصفقة، يرعى القدس وقضية اللاجئين وآلاف أسر الجرحى والأسرى، وهو الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، والهدف الإسرائيلي الأميركي هو إزاحة هذا التمثيل.

وأضاف كاتب الرأي، أبو شرخ، أن الرئيس عباس بذل جهودا في الأمم المتحدة لمنع تصنيف “حماس” كحركة إرهابية ونجح في ذلك، والآن حماس تطعن في شرعيته وشرعية منظمة التحرير بدل من أن توافق على إجراء الانتخابات.

وأضف أن فرع الإخوان المسلمين في فلسطين [حماس] تشكّل ليكون بديلا عن منظمة التحرير ويتساوق مع الاحتلال، وهذا إرث تاريخي وصل اليوم للتساوق مع صفقة القرن.

ممارسات حماس المثيرة للجدل طالت أي انجاز سياسي تحاول م. ت. ف تحقيقه، فبعد إنشاء السلطة الوطنية وبعد كل اتفاق بين منظمة التحرير والاحتلال سواء للانسحاب الإسرائيلي من مناطق فلسطينية أو للإفراج عن أسرى، كانت حماس تنفذ عمليات تفجيرية (التسعينات وبادية الألفية الثانية) لتضع الرئيس عرفات في مأزق ويتراجع الاحتلال عن تنفيذ الاتفاق.

التفجير لم يطل الإسرائيليين بل الفلسطينيين أيضا، حتى بعد سيطرة حماس بالقوة على غزة وقتل وإصابة المئات من أبناء الأجهزة الأمنية والمواطنين، شنت أكثر من مرة حملات تعذيب لأبناء “فتح” والأجهزة الأمنية كما نفذت عمليات تفجير لمداخل بيوت الحركة لوأد أي حراك مناهض لهم. ليس آخرها استهداف موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله في مارس 2018 عند وصوله لغزة لافتتاح مشاريع تنموية تزيد قيمة تمويلها عن نصف مليار دولار.

وفي إطار المس بالشرعية رفضت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، على لسان عضو لجنتها المركزية، صالح ناصر، أي محاولة للمس بشرعية الرئيس ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وفي تعليق حول تنظيم حماس لفعاليات تنال من الرئيس وشرعية منظمة التحرير عبر ناصر عن رفضه لأية “أفعال” تمس بالشرعيات وبوحدة التمثيل الفلسطيني.

وأضاف أن الحفاظ على شرعية المنظمة واجب وطني “فهي البيت الفلسطيني الجامع وهي الممثل الشرعي الذي عمّد بدماء الشهداء والجرحى والأسرى”.

وتطلق حماس في هذه الآونة حملة تحريضية ضد الرئيس عباس في إعلامها ومنصات التواصل الاجتماعي بما في ذلك وسم “ارحل” فرد عليهم نشطاء فتحاويون وغير فتحاويين “أوسمة” (أكثر من هاشتاق) باسم “اخترناك” و”فوضناك”، على منصات التواصل الاجتماعي، تأييدا للرئيس عباس ورفضا لحملات حماس الإعلامية، وانتفضت محافظات الوطن رفضا لسياسة حماس وتأييدا للرئيس.

وعلى صفحته الخاصة على “الفيسبوك” قال الأسير المحرر، عبد الله أبو سليمان: “ما يمر به اليوم الرئيس يذكرني بالأشهر الأخيرة للرئيس أبو عمار من حيث الأطراف والمحركين والمظاهر !”

وفي تغريدة سابقة رفض أبو سليمان التطاول على منظمة التحرير، على الرغم من أنه ليس عضوا في أحد فصائلها، وقال إنه خلال فترة أسره كانت م ت ف ترعى جميع المعتقلين بغض النظر عن انتمائهم.

أما المواطن مروان أبو شريعة (على الرغم من أنه لا ينتمي لأحد فصائلها) فقال إنه مع منظمة التحرير: “لأني لما كنت بالسجن، أبوي الله يرحمه ذهب إلى مكتب م ت ف في عمان واخذ منهم مخصص شهري لأسير متزوج بدون أن يسألوه عن انتمائي ورأيي في م ت ف … ولأنه عندما كان الطيران الحربي الإسرائيلي يحرق بيروت سنة 1982 فوق رؤوسنا ورؤوس اللبنانيين كان الشيخ عبد الله عزام [أحد قادة الإخوان] مشغولا بتجنيد الطلاب الفلسطينيين في الخارج وإرسالهم إلى أفغانستان لقتال السوفييت.”

ورغم كل المحاولات التي تقودها حماس لإفشال المشروع الوطني، إلا أن أبناء شعبنا قالوا كلمتهم في كافة محافظات الوطن ومخيمات الشتات، وانتفضوا داعمين ومؤيدين لسيادته في كافة توجهاته في صفعة ليست الأولى لكل أعداء الشعب وعرابي صفقة العار.

الاخبار العاجلة