الأسرى في مواجهة الجلاد

12 أبريل 2019آخر تحديث :
حماس
حماس

بقلم عوني صادق عن الخليج 

انتهت المفاوضات «الإضافية» بين ممثلي «الحركة الأسيرة» وإدارة السجون الإسرائيلية مرة أخرى إلى الفشل، وقررت قيادات الأسرى البدء فوراً، بالإضراب المفتوح عن الطعام، مساء يوم الاثنين، بعد تنصل مصلحة السجون الإسرائيلية من الاتفاقات المبرمة، وإبلاغ الأسرى باقتصار المكالمات الهاتفية على الأقارب من الدرجة الأولى فقط، والتنصل من عدد من المطالب الأخرى».

وقد كان واضحاً أن التمديد للمفاوضات لم يكن سوى مناورة إسرائيلية لكسب الوقت، وربما حتى لا يبدأ الأسرى الإضراب الذي كانوا قرروه احتجاجاً على ظروفهم القاسية التي تفاقمت منذ شباط الماضي، قبل أن تنتهي انتخابات الكنيست. وكان الناطق الإعلامي باسم «مركز أسرى فلسطين» أوضح أن الحوار الذي جمع ممثلين عن الأسرى ومصلحة السجون الإسرائيلية الذي انتهى مساء السبت الماضي، لم يتمخص عن اتفاق. وعليه قرر الأسرى أن يبدأ الإضراب الأحد الماضي، إلا أن اتصالات جرت مددت المفاوضات. ورغم استجابة الأسرى لهذا التمديد، فإن القوات الإسرائيلية الخاصة لم توقف اقتحاماتها وأعمالها القمعية، إذ اقتحمت وحدة «كيتر ودرور» القمعية يوم الاثنين، قسم (23) في سجن النقب، وأجرت عمليات تفتيش ونقل للأسرى من داخل القسم.

يذكر أنه منذ مطلع العام الحالي، شهدت السجون الإسرائيلية توترات على خلفية إجراءات اتخذتها مصلحة السجون بحق الأسرى، اشتملت على تركيب أجهزة تشويش في غرف الأسرى بذريعة استخدام الأسرى لأجهزة اتصال نقالة مهربة. وارتفعت حدة التوترات في الأيام الأخيرة نتيجة لاقتحام القوات الخاصة عدداً من السجون والاعتداء على السجناء بالضرب والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات وحالات الاختناق.

وبعد انتشار شائعات في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية عن التوصل لاتفاق مع الأسرى، نفى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد إردان، يوم الأحد الماضي (7/4/2019)، التوصل إلى اتفاق مع الأسرى، بل وتعهد بالاستمرار في مواصلة الحملة الخاصة بحثاً عن الهواتف المهربة، وأضاف: «يتم الاستعداد للتعامل مع الإضراب عن الطعام»، مشيراً إلى أنه زيد عدد الأطباء والمسعفين في السجون لمعالجتهم ميدانياً، وحتى لا تكون هناك حاجة لنقلهم إلى المستشفيات، مضيفاً أنه «يأمل أن ينكسر الأسرى قبل ذلك».

ويطالب الأسرى بتمكينهم من التواصل مع أهلهم وذويهم، وإزالة أجهزة التشويش المسرطنة التي تمنع الاتصالات وتضر بالصحة، وتكاد تلغي عمل أجهزة الراديو والتلفزيون، ورفع العقوبات الجديدة والقديمة، كما يؤكدون على مطلبهم المتعلق بعلاج الأسرى الذين تضرروا بسبب تعرضهم للاعتداء والضرب أثناء الاقتحامات، والذين يتراوح عددهم ما بين 160- 180 أسيراً جريحاً.

لقد كان التمديد مناورة إسرائيلية، وكان من غير المنتظر أن يتم التوصل لاتفاق، أو أن يستجاب لكل طلبات الأسرى، بل كان المرجح أن يستجاب لبعضها أو يؤجل البعض الآخر لمفاوضات لاحقة تتم في وقت لاحق. في الوقت نفسه، ليس أسهل على سلطات الاحتلال من التنصل من أي اتفاق يتم التوصل إليه بعد أن يتحقق الهدف من المماطلة. إن سلطات الاحتلال تتلاعب بالأسرى في وقت تمارس فيه أبشع الإجراءات والممارسات ضدهم، والسبب واضح ومعروف .

لقد ساهم (اتفاق أوسلو) في تراجع الحركة الأسيرة، وشجعت مواقف السلطة الفلسطينية من خلال (التنسيق الأمني المقدس) سلطات الاحتلال على التغول على الأسرى وتشديد إجراءاتها القمعية واللاإنسانية ضدهم. في السياق نفسه، يلعب (الانقسام الفلسطيني) ورخاوة الفصائل الفلسطينية تجاه سياسات السلطة الفلسطينية دوراً لا يختلف عن دور السلطة إلا في الدرجة فقط، في حين تحول الأسرى إلى (ورقة سياسية) يستخدمها الطرفان لأغراض المناكفة حيناً، والمتاجرة والبهرجة حينا، وهم الذين يدفعون الأثمان في كل الظروف. إن قضية الأسرى ليست قضية موسمية، وهي قضية سياسية بامتياز، ولا تنفصل في أولويتها عن هدف إنهاء الاحتلال والقضية الوطنية الأساس: قضية تحرير الأرض.

المصدر الخليج الاماراتية
الاخبار العاجلة