اصطفاف جديد لمواجهة تاريخية

11 ديسمبر 2017آخر تحديث :
اصطفاف جديد لمواجهة تاريخية

بقلم:يحيى رباح- الحياة الجديدة

ليس مستبعدا ان الذين نصحو دونالد ترمب الرئيس الأميركي، وأشاروا عليه بقراره حول القدس لإنقاذ نتيناهو من السقوط، قد خدعوه وافهموه ان القرار سيمر بسهولة، وانه لن يستثير سوى العادي من قرارات الشجب والاستنكار او حالة من الاستعطاف والتوسل، وبعدها ينتهي كل شي، وتنجح صفقة الإنقاذ المتبادلة بينه وبين نتنياهو.

ولو كان الرجل مازال يملك ذرة من عقل وذرة من شجاعة، فان واجبه الأول بعد التراجع العلني عن قراره الخاطئ والاحمق والجاهل، هو ان يحقق مع الذين نصحوه، لانهم أرادوا له فشلا ذريعا، وسقوطا مدويا وذهابا الى مزبلة التاريخ، لانه تجاهل الى حد الإهانة العبثية بمليار ونصف مليار مسلم ومن بينهم العرب، وتجاهلٌ لملوكهم ورؤسائهم وامرائهم ودينهم وتاريخهم في الأرض وكأنهم لا شيء، مع ان قراره الاحمق يمس عقيدتهم في الصميم، فالقدس ليست مجرد مدينة، بل هي جزء من عقيدة، وهي ارض المعجزة المحمدية، وعنوان العزة الإسلامية ((سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا)) فمن لا يؤمن بالقدس ليس له ايمان إسلامي.

كما ان قرار ترامب الاحمق المتهور يصيب في العمق جميع المسيحيين شرقا وغربا شمالا وجنوبا في العالم كله، باستثناء بعض اللا مسيحيين المندسين بينهم، ويطلون برؤوسهم بين فينة وأخرى، فالقدس تحتضن كنيسة القيامة زميلة كنيسة المهد في بيت لحم، فهل هذه الحقائق البديهية يتجاهلها عقل ترامب الأخرق؟

بالإضافة الى ذلك، وعلى مستوى الحقائق السياسية، فان العالم كله، وخاصة الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الامن قد اسقطت قرار الضم الإسرائيلي للقدس عام1967، فهل العالم كله ليس له قرار ولا مصالح ولا رؤى، بل كل شيء في يد ترمب، وثم عودة الى امتنا العربية، حيث قبل أيام وليس قبل سنوات، زار ترامب الرياض وعقد فيها ثلاث قمم، أميركية سعودية، وأميركية خليجية، وأميركية عربية شارك فيها رئيسنا الفلسطيني أبو مازن، وبعدها زار ترامب فلسطين واستضافه رئيسنا في بيت لحم، افبعد ذلك يكون هذا القرار الملعون وكان من قابلهم واجتمع معهم اشبه بغثاء السيل ؟

لا بد من اصطفاف جديد فنحن لسنا امة هباء، نحن لنا دور في حضارة العالم، وفي امن العالم، وفي استقرار العالم، ولسنا امة لا تحمل مجمل الجد كما فعل ترامب بقراره الأحادي الغبي، ولا بد من اصطفاف جديد، يجمد خلافاتنا الثانوية، او المفتعلة، او المخطط لها من اعدائنا، قضيتنا الأولى هي القدس رمز حضارتنا ورمز عقيدتنا ورمز وجودنا في الأرض، اما صفقة الشر والاستهانة التي عقدها ترامب مع نتنياهو فلتذهب الى الجحيم.

الاخبار العاجلة