لبنان: القمة الروحية تطالب ترامب بالرجوع عن قراره بحق القدس المحتلة

14 ديسمبر 2017آخر تحديث :
لبنان: القمة الروحية تطالب ترامب بالرجوع عن قراره بحق القدس المحتلة
رام اللهصدى الاعلام
أعلنت القمة الإسلامية – المسيحية اللبنانية التي انعقدت في منطقة بكركي، اليوم الخميس، في بيانها الختامي، رفض قرار الرئيس الأميركي وطالبته بالرجوع عنه، معتبرة أنه يسيء إلى ما ترمز إليه مدينة القدس وهو مبني على حسابات سياسية ويشكل تحديا لأكثر من 3 مليار شخص.

ورفض المجتمعون قرار ترمب وطالبوه بالرجوع عنه، معتبرين أنه فضلا عن مخالفته القوانين والمواثيق الدولية، فإنه يسيء الى ما ترمز اليه مدينة القدس كمدينة روحية جامعة يذكر فيها اسم الله عاليا في أماكنها المقدسة، وهي تشكل بذلك موقع التقاء للرسالات التوحيدية كافة.

ودعت المرجعيات السياسية العربية والدولية للعمل معا بغية الضغط على الإدارة الأميركية للتراجع عن هذا القرار كونه يفتقد إلى الحكمة التي يحتاج اليها صانعو السلام الحقيقيون.

وأعرب ممثلو الطوائف الدينية المختلفة عن شعورهم بالصدمة بسبب إعلان الرئيس الأميركي السيد دونالد ترمب قراره الجائر باعتبار القدس التي هي عاصمة للدولة الفلسطينية عاصمة للاحتلال الاسرائيلي ونقل مقر سفارة بلاده إليها.

وأكدوا أن القدس التي تزخر بمواقع تاريخية مقدسة لدى الديانات التوحيدية ككنيسة القيامة والمسجد الأقصى، ليست مجرد مدينة عادية كغيرها من مدن العالم.

وقال ممثلو الطوائف الدينية المشاركين في المؤتمر إن للقدس موقعا مميزا في ضمائر مؤمني هذه الديانات، وبالتالي فإن قرار الرئيس الأميركي المبني على حسابات سياسية خاصة، يشكل تحديا واستفزازا لأكثر من ثلاثة مليارات من البشر، ويمس عمق إيمانهم.”

ونوهت القمة بإدراك المجتمع الدولي لهذه الحقيقة واحترامها، والتزام دول العالم كلها بقرارات الأمم المتحدة التي تعتبر القدس وسائر الضفة الغربية أرضا محتلة.

كما أشادت بالالتزام القانوني والأخلاقي للدول التي امتنعت عن إقامة سفارات لها في القدس المحتلة، مؤكدة أن  ترمب بقراره المشؤوم الذي أعلنه يوم السادس من كانون الأول 2017 خرق هذا الالتزام.

وأشارت القمة إلى أن تغيير هذه الصورة النبيلة للقدس، وتشويه رسالتها الروحية من خلال هذا القرار والتعامل معه كأمر واقع، يسيء الى المؤمنين، ويشكل تحديا لمشاعرهم الدينية وحقوقهم الوطنية، ويعمق جراحاتهم التي تنزف حزنا ودما بدلا من العمل على معالجتها بالعدل والحكمة، تحقيقا لسلام يستجيب لحقوق الأطراف جميعا، وخاصة الشعب الفلسطيني المشرد منذ أكثر من سبعة عقود.

كما توجه المجتمعون بالتقدير الكبير للشعب الفلسطيني وخاصة أهل القدس لصمودهم وتصديهم ومقاومتهم الاحتلال ومحاولات تغيير الهوية الدينية والوطنية لمدينة القدس.

وناشدوا المرجعيات السياسية العربية والدولية للعمل معا بغية الضغط على الإدارة الأميركية للتراجع عن هذا القرار الذي يفتقد إلى الحكمة التي يحتاج اليها صانعو السلام الحقيقيون.

كما ناشدوا الرأي العام الأميركي بمنظماته الأهلية والدينية أن يرفع الصوت عاليا لتنبيه الرئيس ترمب وادارته الى مخاطر القرار الجائر الذي يزج الشرق الأوسط في دورة جديدة من دورات العنف التي عانى منها كثيرا.

كما عبر المجتمعون عن قلقهم الشديد من أن يؤدي التفرد الأميركي بالانقلاب على قرار هام من قرارات الشرعية الدولية التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، إلى الانقلاب على قرارات أخرى بما في ذلك القرار الذي يتعلق باللاجئين الفلسطينيين لمحاولة فرض تقرير مصيرهم خارج إطار العودة إلى بلادهم المحتلة، وهو أمر يشكل اعتداء على أمن وسلامة ووحدة لبنان الذي يستضيف حوالي نصف مليون لاجئ فلسطيني منذ عام 1948، والذي أكد في ميثاقه الوطني وفي دستوره على رفض التوطين شكلا ومضمونا.

وأعربوا عن دعمهم الموقف اللبناني الرسمي الرافض لقرار الرئيس الأميركي الجائر، وتأييدهم للمشروع الذي طرحه رئيس الجمهورية اللبنانية أمام الأمم المتحدة باعتبار لبنان مركزا دوليا للحوار بين أهل الأديان والثقافات المختلفة وذلك تكاملا مع صيغة عيشه المشترك ورسالته باحترام التعدد الديني والثقافي.

وقدم المجتمعون بمناسبة عيد الميلاد المجيد، التهاني إلى أهلهم وأحبائهم في لبنان وفي العالم العربي والعالم، وبخاصة الى الصامدين في القدس المحتلة، داعين الله أن يجعل من هذا العيد المبارك بداية لمرحلة جديدة من العمل المشترك من أجل توطيد أواصر الأخوة والمحبة والسلام بين جميع الناس.

وقد شدد المتحدثون في هذه على الحق الفلسطيني في القدس، منددين بقرار الرئيس الأميركي بشأن المدينة المقدسة.

وفي هذا السياق، أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أن القدس ليست قطعة أرض، بل هي قضية العرب التي يجب أن تكون القضية الأولى والمركزية والمحورية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

وقال المفتي، في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للقمة بالعاصمة اللبنانية بيروت: “نحن نعبر عن ضمير وموقف اللبنانيين جميعا حول قضية القدس الشريف، ولا كرامة ولا عزة للعرب ما دامت فلسطين مغتصبة، والقدس تُنتهك من الاحتلال الإسرائيلي ومن الرئيس الأميركي بقراره المشؤوم”.

وأكد دريان دعم لبنان للفلسطينيين في حقهم المشروع في المقاومة؛ لأن ما يقومون به هو مقاومة للاحتلال الغاصب للأرض.

من جانبه، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بجعل مدينة القدس عاصمة لإسرائيل، والذي صدم به العالم، قرار جائر بحق الفلسطينيِين والعرب والمسيحيين والمسلمين، وقرار مخالف لقرارات الشرعية الدولية ولمقررات الأمم المتحدة وللقانون الدولي.

وأوضح أن مثل هذا القرار ينتهك حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق المسيحيين والمسلمين في المدينة المقدسة، ويهدم كل أساسات المفاوضات السابقة للسلام بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل، ويقوض أسسه ويبتر رأس دولة فلسطين الموعودة بأن تتكون حول عاصمة هي القدس الشرقية، ويشعل نار الانتفاضة الجديدة والحرب.

ولفت إلى أن مجلس أساقفة الولايات المتحدة الأميركية رافض لمثل هذا القرار منذ سنة 1984؛ حيث تقدم المجلس للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بإعلان خطي رفض به نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ووصف اقتراح نقلها من قبل أحد الشيوخ اليهود بأنه “غير حكيم سياسيا، ولا يصب في مصلحة إحلال السلام في الشرق الأوسط”.

وأضاف البطريرك الماروني أن مجلس الأساقفة طالب في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1973، بإنشاء دولة فلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين والتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم في الماضي من إسرائيل، ومن أعضاء اللجنة الدولية المسؤولة عن تصميم التقسيم سنة 1948.

وطالب أيضا بحماية القدس في طابعها الخاص ومعناها الديني بالنسبة للديانات التوحيدية الثلاث، بحيث يُضمن دوليا الدخول إليها.

وعبر عن أمله بأن يدعم مجلس أساقفة الولايات المتحدة الأميركية وغيره من المجالس الأسقفية في العالم مطالب هذه القمة، مضيفا: “نحن -المسيحيون مثل إخواننا المسلمين- أول المعنيين بالقدس”.

وأضاف البطريرك الماروني: “أول ما نطالب به معا كما فعلت بالأمس قمة الدول الإسلامية في اسطنبول، هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي صدرت تباعا منذ سنة 1947 وعلى الأخص القرار 181 (29 /11 /1947) الذي اعتبر أن للقدس وضعا دوليا خاصا، وجعل منها كيانا منفصلا تحت وصاية دولية بغية (حماية المصالح الروحية والدينية الفريدة للمدينة)، والقرار 478 (20 /8 /1980) الذي أقر عدم الاعتراف بالقانون الأساسي الصادر عن الكنيست الإسرائيلية الذي أعلن مدينة القدس عاصمة إسرائيل، واعتباره انتهاكا للقانون الدولي”.

وبدوره، قال شيخ طائفة الموحدين الدروز في لبنان نعيم حسن إن “المكان الذي تستقر فيه القدس هو ضمائر وقلوب المؤمنين”، مؤكدا أن “القوة الغاشمة مهما طغت فليس لها من سلطان على قلب أي مؤمن صادق”.

وأضاف: إن “فلسطين أرض عربية والقدس روحها بكل ما تعنيها في الذاكرة والتاريخ والمستقبل، وللشعب الفلسطيني الحق في أرضه وفي قدسه ودولته ورسالتنا أن القدس مدينة السلام لا الحروب”.

الاخبار العاجلة