الميلاد والسلام صنوان

24 ديسمبر 2017آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

صدى الإعلام- 24/12/2017

بقلم عمر حلمي الغول- عن الحياة الجديدة

يهل عيد الميلاد المجيد هذا العام وابناء السيد المسيح، يكابدون ويواجهون العدوان المزدوج الأميركي والإسرائيلي. باسم بعض أتباع الكنيسة الأنجليكانية، أي مركز اليمين المسيحي المتشدد او المتصهين في أميركا، وهو ما يمثله “الأفانجيليكانيون”، الذي وقف خلف قرار الرئيس ترامب في نقل السفارة الأميركية إلى القدس. لا سيما وأن هذا التيار يؤمن بأن هذا القرار يقرب العالم من نهاية التاريخ البشري في معركة “هارمجدو”، كونهم يعتقدون أن السيد المسيح سيقوم مجددا بعد زوال إسرائيل.

ومع ان الكنيسة الأنجيليكانية رفضت قرار ترامب، ودعت لبقاء وضع المدينة المقدسة على ما هو عليه دون اية تغييرات. غير ان مركز اليمين المتطرف فيها، الذي دعم ترامب في معركته الانتخابية أدار الظهر لموقف الكنيسة، وتبنوا ودفعوا الرئيس الأميركي لإصدار قراره المشؤوم. غير ان البعد الديني، ليس سوى الجانب الشكلي في العلاقة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة الأميركية ودولة الاستعمار الإسرائيلية. لان البعد السياسي والاقتصادي والأمني والثقافي، هو الأساس في العلاقة بين المركز الإمبريالي في بلاد الغرب الرأسمالي وبين أداته الإسرائيلية الصهيونية، التي جاءت لتلبي حاجات ومصالح الغرب عموما وأميركا خصوصا في السيطرة على دول وشعوب الأمة العربية، ونهب ثرواتها، وتفتيت عوامل وحدتها، والحؤول دون نهضتها، وفي ذات الوقت التخلص من إشكالية المسألة اليهودية، واستخدام اليهود كوقود للدفاع عن المصالح الاستعمارية الغربية، وتأمين نهب خيرات وثروات العرب، ودرء اية أخطار قد تنجم عن مشروعهم النهضوي القومي.

هذا الخلط المتعمد بين الديني والسياسي مقصود ومتعمد بهدف التغطية على البعد الحقيقي لقرار الإدارة الأميركية غير المسؤول، والمتناقض مع كل الشرائع والأعراف والمواثيق الدولية ومرجعيات عملية السلام، وفيه جنوح واضح نحو دفع المنطقة والعالم إلى مستنقع الإرهاب والفوضى والحروب لإحداث مزيد من التفتيت لشعوب المنطقة والإقليم، وتعميق عملية الاستئثار بثروات الشعوب لصالح الطغم المالية الرأسمالية.

لذا على اتباع الديانة المسيحية في اصقاع الأرض وأولا في الولايات المتحدة التصدي للقرار الترامبي الأرعن، والمهدد للسلام والعدالة والتسامح بين بني الإنسان، والعمل على عزل هذه الإدارة المارقة، والانتصار لقيم ومبادئ السيد المسيح عليه السلام، الذي جاء لينشر الأخاء بين بني الإنسان. الذي تصادف ميلاده المجيد مع انتصار دول العالم لشعب رسول السلام قبل يومين في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وبهذه المناسبة المجيدة والعظيمة، على الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية الشرعية- وهم يواجهون تغول الاستعمار الإسرائيلي المدعوم من إدارة الشر الترامبية بانتفاضة شعبية سلمية دفاعا عن الحقوق الوطنية- أن يحتفلوا بعيد ميلاد السيد المسيح، عليه السلام، كما يليق بالمناسبة وبتراثهم وحضارتهم وثقافتهم النبيلة والمتسامية مع قيم الحضارة البشرية، ليؤكدوا للعالم كله انهم رواد الحياة، وزراع الأمل في ربوع الدنيا كلها، وينيروا درب الآلام بالتفاؤل بين بني الإنسان حيثما كانوا، وغرس بذور الحرية والاستقلال والعودة، ورفض خيار طغاة الاستعمار الإسرائيلي الوحشي، والتأكيد على أن شعب الجبارين بقدر ما يتحدى ويتصدى للمستعمرين الإسرائيليين بسواعدهم وإرادتهم الحرة والأبية، بقدر ما يعمم وينشر الفرح والتسامح بالعيد المجيد. لأن الاحتفال بالميلاد المجيد، هو احتفال بالسلام، وتحويل الفعاليات الدينية إلى فعاليات وطنية تؤكد على الحقوق والثوابت السياسية لشعب السيد المسيح.

في عيد الميلاد المجيد للسيد المسيح، عليه السلام نردد مع كل ابناء شعبنا من اتباع الديانة المسيحية، وكل مسيحيي الأرض: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة. وكل عام وشعبنا وشعوب الأرض بخير وسلام.

الاخبار العاجلة