الفشل والعجز إلى أين سيأخذان حماس؟

20 مارس 2018آخر تحديث :
مقالات مروان طوباس جنين

يحيى رباح -الحياة الجديدة

بعد ربع قرن، او بدقة اكثر، بعد ثلاثة وعشرين عاما، اعترف الاخوان المسلمون في فلسطين ان خطر الإبادة والإهمال الكامل يتهددهم، لأنهم رفضوا المشاركة بأي شكل من الاشكال في المساحة الشاسعة للنضال الفلسطيني الذي تحول الى رافعة كبرى للنضال العربي، وكان تنظيم الاخوان المسلمين قد تعرض في تلك الفترة الى خسائر فادحة من خلال الخروج الكثيف والمستمر لكوادر الاخوان من التنظيم نفسه، فقد ذهبت كوادر بارزة منهم واشتركوا في تأسيس حركة فتح التي بدورها اطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة، ودفقت كل قوتها في جسم منظمة التحرير هي والفصائل الوطنية الأخرى التي كان لها عناوين ايديولوجية قومية او يسارية، بل إن أحد هذه الفصائل خرج في عام 1985 من قلب الاخوان المسلمين انفسهم على يد شاب متحيز هو الدكتور فتحي الشقاقي الذي أسس حركة الجهاد الإسلامي، وقد لقي من جماعة الاخوان هجوما شاذا، وقالوا فيه اكثر من الف مرة ما قال الامام مالك في الخمر، لكنه لم يأبه لذلك، اما هم فظلوا يرزحون تحت نهجهم المقيت الى ان زجوا بأنفسهم قبل النهاية في الانتفاضة، فاستغلوا زخمها، واعلنوا عن تأسيس حركة حماس، التي بقيت رغم ذلك، خارج السرب، وخارج الشعب، بل انها ظلت حاضرة في صلب المشروع الصهيوني، واحدى حلقاته الانسحاب الأحادي من قطاع غزة عام 2005، على خلفية تسليمه لهم، لإيقاعهم في اللعبة المكشوفة التي حدثت بعد قليل وهو الانقسام الذي يرونه انفصالا شاملا، وامارة غزة التي يريدونها بدلا من الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ومنذ وقع الانقسام في الرابع عشر من حزيران 2007 واتفاقات المصالحة تتوالى ولكن عراقيل حماس تستمر، حتى بعد اعلان حماس عن المراجعة التي قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي السابق ان النقاش حولها استمر اربع سنوات، فإن الانحناءة للمراجعة كانت شكلية وقصيرة النفس، وبرغم القيادة الجديدة ممثلة باسماعيل هنية، ويحيى السنوار، والعاروري الذي سبق له ان اعطى إسرائيل اكبر مبرر لاستدراج العنف في عام 2014، بحرب ثالثة على غزة، بعد ان كانت حماس قد نفت علاقتها بقتل الشابين الاسرائيلين فاعترف العاروري ممثل حماس في تركيا، بان الفاعلين ينتميان الى حماس!! لماذا هذا الاعتراف بعد طول نفي؟ هذا هو السؤال الكبير، ومعروف ان حرب إسرائيل الثالثة ضد قطاع غزة استغرقت واحدا وخمسين يوما، وقتلت اكثر من الف واربعمائة، ودمرت عشرات الآلاف من المنازل، وألحقت اضرارا خرافية أخرى بمفردات البنية التحتية في القطاع، لكن حماس اعتبرت نفسها بألف خير، على ماذا؟ هذا هو الذي ينكشف الان في ممارسات شاذة أهمها عمليات الاعتقال والتعذيب والاعدام على خلفية التخابر مع رام الله، والتفجير الاجرامي ضد موكب رئيس الوزراء الذي كان يضم رئيس المخابرات العامة، وتكثيف الهجوم على شخص الرئيس من أناس في حماس تكمن شهرتهم في تفاهتهم، ومحاولة احياء المجلس التشريعي الذي انقلبوا عليه والمنقلب لا شرعية له، وعمليات التشكيك والاعتقالات والاغلاق ضد شركتي “جوال” و”الوطنية موبايل” لانهما لم يحصلا على بيانات المشتركين التي لا يمكن ان تفصح عنها الشركات الا بامر من النائب العام الشرعي في رام الله لان النائب العام الذي عينته حماس في القطاع ليس شرعيا.

هذه السلوكيات الدالة على اقصى حالات التناقض، لأن تيارات حماس الموزعة على ولاءات متعددة، هذه الموجه الثأرية من الشعب وكأنه سبب فشلها وليس الاندفاع الهستيري وراء مشاريع وهمية، والركض الاهوج وراء غزلان ميتة، الى أن يأخذ حماس، سيأخذها حتما الى التمزق، والى حرب أهلية بين صفوفها المتعارضة المصالح، والى طرق للخبية كثيرة، قد يكون اشدها خطرا الارتماء في أحضان العدو الرئيسي وهو الاحتلال علنا، والدلائل على ذلك كثيرة، وهذه هي المعركة القادمة، كيف تتم السيطرة على انتحار حماس؟.

الاخبار العاجلة