حلمٌ حلق إلى عالم الإبداع

16 أبريل 2018آخر تحديث :
حلمٌ حلق إلى عالم الإبداع

رام الله- صدى الإعلام

تقرير: إيمان عودة

“يا تاريخنا العريق، ويا دساتير حكامنا، كيف لصلاح الدين أن يغفر لنا عمراه، وقد أضعنا تاريخنا كما صنعناه، فهل تتذكرون مسرى رسول الله؟ وموسى كيف مات متلمسا أقصاه؟ فلم يحن الأوان بعد ليعودوا إلى أقصاه؟”

جسد الفنان التشكيلي اسماعيل علي البالغ من العمر، 23 عاما، بيت الشعر القصير هذا في إحدى لوحاته الفنية، مُثلت بطفل صغير  يقف على حافة شاطئٍ تتلاطم أمواجه، يحاول بكامل قواه أن يسحب زورقا يحمل على متنه مجموعة من الأفراد على وشك الغرق، بواسطة حبل يصل بين الزورق والطفل، وكلٌ من الطرفان يحاول التمسك به، حيث جسد الأفراد على الزورق أبناء شعبه، وبريشته استطاع علي أن يعبر عن ملامحهم الخائفة من الموت، والتي رسمت أدق التفاصيل، فأحد الذين على متن الزورق يشير بيده مستنجدا لعل أحدا على الشاطئ قد يلبي النداء، والآخر قذفته الأمواج إلى البحر محاولاً بيديه أن يتشبث بأطراف الزورق، فيما تحاول فتاة ممن حالفهم الحظ في البقاء على متن الزورق أن تنقذه، والآخرون بجهدٍ جماعي يمسكون بطرف الحبل موجهين أنظارهم نحو الطفل، لكن صرخاته التي تخرج من فمه المفتوح تشير إلى أن الأمر تعدى طاقة جسده الصغير.

 

 

جملة صغيرة غيرت مسار حياتي  

يقول علي :” عندما كنت في الصف الثالث الابتدائي، طلب الأستاذ مني أن أذهب إلى المكتبة العامة وأرسم خريطة للوطن العربي، كنت أسكن في قطاع غزة في ذلك الوقت، فذهبت وبدأت برسم الخريطة، وأثناء ذلك، أتت مسؤولة المكتبة؛ أذكر أن اسمها كان آلاء.

وتابع اسماعيل، “قالت لي آلاء: ليش ما حكيتلي إنك بتعرف ترسم يا اسماعيل؟، فقلت لها أن هذا مجرد واجب طلب مني وأني لست برسام، هذه الجملة لم تغب عن ذهني مطلقا، وهي التي دفعتني بعدها للذهاب يوميا الى المكتبة، وكانت آلاء في كل مرة تطلب أن أرسم رسمة بسيطة على اعتبار أنها ستوضع في المكتبة، لكن في الحقيقة كانت من أجل أن أتعلم الرسم”.

 

لحظة انقطاع فعودة قوية

لا ينسى الفنان التشكيلي اسماعيل علي فضل مسؤولة المكتبة عليه ودعمها وتشجيعها له، حيث اكتشفت موهبته وساعدته على تنميتها، بل وبفضلها استمر ذهابه إلى المكتبة حتى وصل إلى الصف الثامن.

انتقال اسماعيل من قطاع غزة إلى السكن في رام الله اضطره إلى ترك الرسم لأربع سنوات، ما لبث أن عاد بعد المرحلة الدراسية الأخيرة “التوجيهي إلى موهبته المحببة على قلبه من جديد، عبر الرسم على جدران المدارس والحضانات.

يقول اسماعيل: “قررت أن أنمي موهبتي بأن انضممت إلى مركز “يعيش” في رام الله، والذي يتطلب الدراسة فيه لمدة سنتين، لكنني تمكنت من إنهائها خلال سبعة شهور فقط وبتقدير امتياز أيضا، علما أنني لم أحصل على تشجيع ودعم من أحد، بل اعتمدت على نفسي، وكنت متميزا بلوحاتي الفنية التي نالت إعجاب أساتذة الرسم في المعهد، ونتيجة ذلك عُينت مديرا لهذا المركز”.

   

إنجازات

من هذه البداية انطلق علي ليبدأ مشواره الفني المتميز، فافتتح في عام 2014 و2015 و2016 على التوالي معرضين فنيين في مدينة رام الله أطلق عليهما اسم “ملامح” و”حكايات”، وانطلق بعدها لعدد من المؤسسات الشبابية والفنية.

يقول الفنان التشكيلي اسماعيل: “عملت في مؤسسة (جماعة الفن السابع) لدعم ومساعدة الشباب الموهوبة، والتي ساعدت العديد من الشباب للانطلاق والإبداع، ثم افتتحت مركزي الخاص الحالي (بصمة فن)، وأعمل أيضا في (ميجا لاند) في طولكرم، كما أنني عضو في الهيئة الإدارية لمركز بلدية بيتونيا للثقافة والفنون، ومسؤول عن القسم الفني في مؤسسة بيت الإبداع، وأيضا شاركت بأكثر من تسعة معارض فنية جماعية، حيث أنني أميل وأبدع في الفن التعبيري والفن السريالي والرسم ثلاثي الأبعاد ورسم البورتريه”.

 

شراكة

يتشارك اسماعيل في رسوماته مع خطيبته روان، فيقول :” ما يميز عملي حقا هو أنني أشترك مع خطيبتي روان وهي خريجة بتخصص علم النفس من جامعة أبو ديس-القدس، إلى جانب أنها مرشدة تربوية في مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة في رام الله، فهي تتقن الرسم وهذا ساعدنا كثيرا في علاج ومساعدة العديد من الأفراد والأطفال وخاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة في التغلب على مشاكلهم النفسية ومخاوفهم، وذلك بشهادة أهاليهم والأفراد الذين يحيطون بهم، من خلال دفعهم لتفريغ الطاقات والأفكار السلبية بالرسم، وإبراز أهميتهم وموهبتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وأهمية المشاركة والتفاعل مع الأفراد المحيطين بهم، ووضعهم في مواقف تحمل المسؤولية لضبط وترسيخ فكرة أنهم أشخاص فعالين ومسؤولين عن تصرفاتهم”،

وأضاف علي: “إلى جانب ذلك قمت بالتعاون مع خطيبتي بإصدار منهاج أكاديمي خاص يشمل المستويات الثمانية الفنية والأكاديمية لمركزي “بصمة فن”، وبذلك نعد أول مركز يصدر هذا النوع من الإنتاج”.

 

عقبات

رغم النجاح الذي حققه علي، إلا أن مشواره الفني لم يكن سهلا، فأشار إلى أن هناك العديد من المشاكل التي واجهته، خاصة في بداية مشواره الفني، أبرزها التكاليف المادية التي كانت ملقاة بأكملها على عاتقه، وبسبب عدم وجود أي دعم أو تشجيع من أفراد أسرته أو أصدقائه أو البيئة المحيطة به، اضطر للعمل في مطعم لتغطية التكاليف.

الاخبار العاجلة