الفلسطينيون في لبنان وضع مأساوي.. حان وقت الحلول

25 أبريل 2018آخر تحديث :
مقالات مروان طوباس جنين
باسم برهوم-الحياة الجديدة

عشية انقاد المجلس الوطني الفلسطيني، اعلى هيئة في منظمة التحرير الفلسطينية، ارى انه من الضروري ومن قبيل تحمل المسؤولية الوطنية، تسليط الضوء مجددا على الواقع الماساوي بل المزري لللاجئين الفلسطينيين في لبنان. فالصمت، وان نبقى مكتوفي الايدي حيال هؤلاء لم يعد مقبولا، فأفضل وصف لحالهم هو انهم الاحياء الاموات ، او المحرومون من العيش بشروط الحد الادنى من الحياة البشرية.

اعادة طرح هذه القضية في هذه المرحلة هو امر هام وضروري، خصوصا ان لبنان على ابواب انتخابات برلمانية، ستجري في السادس من الشهر القادم، الامر الذي يعني  حكومة جديدة وبرنامج حكومي جديد، لذلك علينا وضع واقع الفلسطينيين وحالهم على جدول اعمال هذه الحكومة.

هذا المقال لا يمكن ان يكون دعوة للتوطين، فهذا امر اصبح مبتوتا به تماما، كما انه ليس محاولة للاخلال بتوازنات المجتمع اللبناني والشعب اللبناني الصديق، فهذا امر مرفوض فلسطينيا تماما. هذا المقال هو دعوة لإتاحة الفرصة للفلسطينيين في لبنان لتنمية انفسهم اجتماعيا واقتصاديا، وان تتاح لهم الفرصة للمساهمة في تنمية لبنان وازدهاره واستقراره من خارج التوازنات اللبنانية الداخلية. فاللبنانيون بالنسبة لنا هم اشقاء لنا جميعا لا نميز فيهم بين لبناني وآخر.

باختصار، انه لم يعد مقبولا انسانيا، وفي هذا العصر، وبعد 70 عاما من النكبة، ان يبقى الفلسطينيون في لبنان ممنوعين من العمل، او انشاء النقابات والانضمام اليها، ممنوعين من التملك و التوريث. واعتقد هنا ان اللبنانيين انفسهم يجب ان لا يقبلوا استمرار القوانين والمراسيم التي تحرم شقيقهم الفلسطيني من العيش بحياة كريمة، ان يحرم من ممارسة اكثر من 25 مهنة مهمة، التي تتطلب عضوية نقابة، ومن ابرزها مهن الطب والمحاماة والهندسة.

لبنان الدولة عليها مسؤولية اعادة النظر في هذه القوانين، وخاصة القانون الذي صدر عام 2010، والذي يمنع الفلسطيني من تسجيل ممتلكاته او توريثها ان وجدت. كما انه ليس من مصلحة احد ان يعيش 70% من الفلسطينيين في حالة فقر شديد، وان يبقى اكثر من 57% منهم عاطلين عن العمل جائعين يائسين، يتحولون. فريسة سهلة للتنظيمات الارهابية المتطرفة.

علينا ان نتذكر هنا الوجه الاخر المشرق للفلسطينيين في لبنان، والذي اورده الزميل طلال سلمان في مقاله الشهير قبل سنوات  تحت عنوان:” الفلسطينيون جوهرة الشرق الاوسط”. في هذا المقال اشار سلمان الى مساهمة الفلسطينيين الملحوظة والملموسة في تنمية لبنان اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفنيا، هذا الوجه المشرق هو الذي نريده ان يسود وليس واقع البؤس والجوع والتطرف والارهاب.

الاستمرار في كشف الواقع السيئ للاجئين الفلسطينيين في لبنان لا يعني بأي شكل اننا ناكرون للجميل، او اننا نغمض اعيننا عن ما قدمه لبنان لاشقائه الفلسطينيين، وتحمله الكثير بسبب تشريدهم من وطنهم الى ارضه. اننا نرى ونلمس ونقدر بل ونشعر بوطأة ما تعرض ويتعرض له لبنان الشقيق، وخصوصا في الآونة الاخيرة، بعد لجوء اكثر من مليون مواطن سوري اليه وهم ايضا ضحايا الحرب الدموية التي تجري في بلادهم.
هناك مفارقة غير مفهومة بالنسبة لنا، ارى من الضروري التطرق لها والحديث بصراحة بشأنها، فنحن من جهة نلاحظ ونقدر ونجل تقديس لبنان واللبنانيين للقضية الفلسطينية ودعمهم السياسي لها، فهذا مصدر فخر وتقدير ومصدر للشعور بدفء الاخوة الحقيقية، ولكن بموازاة ذلك لا نلمس هذا الموقف الايجابي المتميز من القضية ينسحب على الانسان الفلسطيني في لبنان. من دون شك ان القضية هي اولوية، ومقاومة اسرائيل المسؤولة عن كل مآسي الشرق الاوسط هي اولوية، ولكن الانسان الفلسطيني يجب ان يحضى بالاهتمام، لانه بدون هذا الانسان القوي والمتماسك لن يكون هناك قضية او مقاومة.

ان ترك الفلسطيني يائسا وجائعا، وابقاءه فريسة سهلة للارهاب، هو ليس من مصلحة احد، لذلك فان تحسين ظروف معيشته وحياته هو من جهة يصب في مصلحة فلسطين والقضية الفلسطينية، ومن جهة اخرى هو مصلحة للبنان وامنه واستقراره وازدهاره.

هذا المقال هو دعوة لحوار متجدد وتعاون مكثف ومتكامل بين الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية والدولة الفلسطينية لتحمل المسؤولية المشتركة، خصوصا اننا في وقت نشهد فيه الانسحاب التدريجي لوكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (الاونروا) من مسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين. انها باختصار لحظة البحث عن حلول وليس استمرار الهروب الى الامام، فهذا الهروب من تحمل المسؤولية لا مصلحة لأحد فيه.

الاخبار العاجلة