الصهاينة يكرهون التاريخ (الحملة على الرئيس)

3 مايو 2018آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

بقلم : عمر الغول

من النادر اللقاء مع يهودي صهيوني يقبل التاريخ وحقائقه، كما هي. ودائما عند اللقاء مع اليهود من مختلف الإتجاهات والمشارب والفرق الصهيونية حينما لا يجد ما يقوله بشأن الرواية التاريخية الفلسطينية الملتصقة بالحقائق والشواهد على الأرض الفلسطينية العربية، ويصطدم بأكاذيب الرواية الصهيونية، يطالبك “بعدم الحديث عن التاريخ”، ويقول بفم ملآن، أن ” إستمرينا نتحدث عن التاريخ، فهذا يعني اننا لن نتفق. ولنبدأ من حيث نحن عليه الآن”. وهو ما يعني الهروب من الوقائع. وحتى يعطل نقاش التاريخ، يأخذك إلى التفاصيل وهوامش الأمور، ليقطع الطريق على البحث الجدي للإمور.

والإسرائيلي الصهيوني يعلم ان الفلسطيني العربي مسؤلا أم مواطنا عاديا، لا يلجأ للتاريخ بهدف التنكر للسلام. ولكن لإقناع الإسرائيلي بحجم التضليل، الذي أُخضع له من قبل الحركة الصهيونية ومن يقف خلفها من الغرب الإستعماري؛ وأيضا لمطالبته بالإقرار بالحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية لبناء جسور السلام، وفي نفس الوقت التخلص من الديماغوجيا الرسمية للحكومات الإسرائيلية وقادة الحركة الصهيونية، التي تعمل بخطى حثيثة للتدمير المنهجي لركائز السلام الممكن والمقبول، وخلق كتلة سياسية وثقافية وإجتماعية وإقتصادية إسرائيلية مؤمنة بالسلام والتعايش مع الشعب العربي الفلسطيني.

ما تقدم له عميق الصلة بالبيان الصادر عن مكتب نتنياهو الفاسد أمس، الذي إتهم الرئيس محمود عباس بعبارات أقل ما يمكن ان يقال عنها، انها تليق بشخصه وموقعه ورؤيته الإستعمارية الإستعلائية، الرافضة من حيث المبدأ لتاريخ فلسطين العربية من البحر إلى النهر. وجاء في البيان الوقح، الهادف للتحريض على شخص الرئيس محمود عباس عبر تأويل ما تضمنه خطابه في المجلس الوطني يوم الإثنين الماضي، حيث قال ” ويبدو ان من أنكر المحرقة (الهولوكست)، يبقى منكرا للمحرقة.” وإدعى نتنياهو في بيانه العنصري، أن الرئيس ابو مازن “أطلق مرة أخرى أحقر الشعارات المعادية للسامية”. فضلا عن وصف الرئيس عباس، بما ليس فيه، حيث تم وصفه بصفات متجذرة في شخصية رجل الفساد الإسرئيلي الأول، الذي يخشى التاريخ، ويرفض الإنصات إلى صوت العقل، لإنه مسكون بتعاليم أسياده في الغرب الرأسمالي، الأمر الذي يلزمه بالتمسك بالرواية المزيفة والديماغوجية الصهيونية، الكاذبة، والتي لا علاقة لها باليهود الساميين.

ويعلم نتنياهو وكل اقرانه من الصهاينة الخزر اللاساميين، ان الرئيس محمود عباس، اشار إلى شراكة النظام النازي الهتلري مع الحركة الصهيونية في عملية الإستعمار لفلسطين التاريخية في العام 1933، وهو في ذات الوقت لم ينكر المحرقة. ولكنه قال أن المذابح والصراعات المحتدمة كل عشرة إلى خمسة عشر عاما بين الأوروبيين واليهود الخزر ناجم عن طبيعتهم الربوية وعمليات إستغلالهم للشعوب الأوروبية لتحقيق مآربهم الخاصة. كما ان المسألة اليهودية نشأت في أوروبا ولم تنشأ في فلسطين، وعندما عاد بالتاريخ للوراء حيث ولدت أول فكرة لإقامة دولة لليهود من قبل الأميركي كرومويل في 1653، ثم دعوة نابليون 1798 ، والقنصل الأميركي في 1850 إلى آخر الرواية المتعلقة بالمشروع الصهيونيا لإستعماري، شاء الرئيس عباس، ان يؤكد ان اليهود ليس لهم علاقة بالمشروع الإستعماري من أساسه، بل إستعملتهم الدول الرأسمالية أداة لتنفيذ ذلك المشروع، الذي وضع مداميكه مؤتمر كامبل نبرمان 1905/1907 ومن ثم إتفاقية سايكس بيكو 1916. وبالتالي عباس لم ينكر المحرقة، ولكنه شخص اسباب وخلفيات المحرقة (الهولوكست). كما انه لم يتنكر للسلام، بل أعلن تمسكه بالتسوية السياسية، لإنه يدرك ان اليهود المضللين، الذي فرضت عليهم الحركة الصهيونية الهجرة إلى فلسطين، لا يتحملوا الوزر الأكبر من المسؤولية، بل من وقف خلف المشروع الكولونيالي الصهيوني، هم من يتحمل كامل المسؤولية، والذين اليوم يتمثلون في إدارة ترامب الأميركية ومن لف لفها من الغرب الرأسمالي. وعليه دعا ابو مازن للسلام والتعايش مع الشعب الإسرائيلي على اساس قرارات الشرعية الدولية وآخرها القرار 2334 الصادر نهاية 2016، ومبادرة السلام العربية 2002.

وفي السياق البغيض والحقير تقف الصحفية الإسرائيلية “عميرة هس”، التي حاولت في مقالة لها في “هآرتس”، ان تزاود على زعماء اليمين الصهيوني في تحريضها على الرئيس ابو مازن، لاسيما وانها تدعي انها “يسارية”، وهي لا علاقة لها باليسار، ولا بالسلام، واكاذيبها عن تضامنها مع ابناء الشعب الفلسطيني، إنما هي وسيلة لتسريب مواقفها أو إيصال رسائل اجهزة الأمن الإسرائيلية للشارع الفلسطيني. ويتطابق معها الصحفي الصهيوني “نداف شرجاي”، الذي أيضا تناول الموضوع في صحيفة “يسرائيل هيوم”، والأخير لم يدع انه يساري، كما تفعل أبنة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية “هس”. جميعهم يخشون التاريخ، ويرفضون الإصغاء لصوت العقل، ولا يرغبون في سماع شيء يتعارض مع روايتهم الإستعمارية. ولكن الأيام ستعلمهم شاؤوا ام أبوا، أن تاريخ فلسطين العربية سيبقى ركيزة اساسية لبناء دعائم السلام، وعندما يتحدث الفلسطينيون عن التاريخ، فإنهم لا ينكرون الواقع ، ولا يديرون الظهر للسلام، انما العكس صحيح، لإنهم رواد سلام وتعايش.

 

 

الاخبار العاجلة