سفارة فوق بركة دماء؟

16 مايو 2018آخر تحديث :
مقالات مروان طوباس جنين
راجح الخوري-النهار اللبنانية

كيف استطاع دونالد ترمب ان يتحدث عن “ذلك اليوم العظيم” وهو يعلم تماماً ان عدد القتلى الذين سقطوا بالرصاص الإسرائيلي في “يوم العار” قد تجاوز خمسين ضحية، إلا اذا كان العار في المسؤوليات السياسية والأخلاقية وفي القانون الدولي هو وجه من وجوه العظمة، في رأي ذلك الذي يمضي في تخريب الدور الأميركي الذي يفترض ان يكون شريكاً عادلاً يصنع السلام في الشرق الأوسط!

السفارة الأميركية التي احتفل أمس بنقلها الى القدس ستبنى على أجساد الشباب الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في هولوكوست الحدود الشرقية لغزة، وسيذكر التاريخ دائماً أنها شيدت فوق بركة دماء الفلسطينيين، وفي اليوم الذي اختاره ترمب ليعمّق جروح المسيحيين والمسلمين، لأنه يصادف الذكرى السبعين للنكبة عندما تم تهجير 760 ألف فلسطيني في حرب 1948!

ليس للعار ان يصير من أعمال العظمة، إلا مع ترمب الذي أصر على قرار نقل السفارة الى القدس، التي تعتبرها الأسرة الدولية أرضاً محتلة، والتي سبق لها ان نددت في الجمعية العمومية بأكثرية 128 دولة من أصل 193 دولة وبينها دول صديقة لأميركا مثل بريطانيا وفرنسا بالقرار، وهو ما اعتبرته نيكي هايلي “إهانة لن ننساها”، لكأن العالم وخصوصاً الشعب الفلسطيني سينسى الإهانة الأميركية التي لونتها اسرائيل بدماء شبابه الذي لا يملك غير صدوره وإطارات المطاط يحرقها مع حريق قلوبه على القدس يطبق عليها ختم التهويد!

هل من حدود للانحياز الأميركي الى الاحتلال الإسرائيلي؟ طبعاً لا، فالمسؤولون في واشنطن يتعمّدون تعمّيق جروح الفلسطينيين، ليس لأن ترمب أرسل ابنته إيفانكا وصهره جاريد كوشنير لتمثيله في حفل الشؤم، بل لأن وزير خارجيته جورج بومبيو لم يتوانَ عن القول إنه يأمل في نجاح الجهود لتحقيق السلام، على رغم ان القدس هي مفتاح السلام المهدور، وقد سلّمه ترمب الى نتنياهو، ولأن مستشاره للأمن القومي جون بولتون رأى ان نقل السفارة سيجعل التوصل الى السلام أمراً أسهل وهو ما يشكل إهانة ليس لمشاعر الفلسطينيين فحسب، بل لدماء أبنائهم المسفوحة على الحدود!

ثمة حق أبدي صارخ لا يسمعه ترمب ولن يسمعه نتنياهو وهو فلسطينية القدس الأبدية، والدليل الأبرز ان الخمسين قتيلاً والألفي جريح فلسطيني الذين سقطوا عند الحدود أمس هم شباب بين الـ 14 والـ30 عاما، تماما مثل الذين سبقوهم منذ بدء الاحتجاجات في 30 آذار الماضي، أي أن أعمارهم لا تصل الى نصف عمر النكبة بما يعني ان الحق الفلسطيني سنديانة عميقة الجذور في هذا الشعب، الذي سيظل يقاتل جيلاً بعد جيل لاستعاده حقه السليب، من غير ان يلتفت بطرفة عين مشمئزة الى مجلس الجامعة العربية، الذي يجتمع على مستوى المندوبين الدائمين للنظر في أمر الدم الفلسطيني على أسوار القدس!

الاخبار العاجلة