الانتفاضة الشعبية السلمية في الضفة والقطاع هي الطريق الوحيد لانتزاع حقوقنا المشروعة

9 يونيو 2018آخر تحديث :
حماس
حماس

بقلم: فيصل أبو خضرا عن جريدة القدس

غريب عجيب هذا الوضع الذي وصلنا اليه، وكأن الفلسطيني أصبح لا يعلم اذا كان شعب غزة المناضل الصابر، هو لوحده شعب فقد وطنه، وهل نحن شعبان يقعان تحت نفس ظلم اميركا والاحتلال الاسرائيلي؟ لان الاحتلال هو فقط الرضيع من هاتين الدولتين اللتين فقدتا جميع القيم والمبادىء التي كانتا تتبجحان بهما أم اننا شعب واحد لنا نفس الهدف والطموح ونعاني نفس الظلم التاريخي؟

اعتقدنا أن ضالتنا في جامعة الدول العربية التي ثبت انها شعار لا حول لها ولا قوة طالما ان العرب منقسمين، او يتبع بعضهم لقوى دولية أو اقليمية، بدون سياسة واحدة، الا بقرارات لا ينفذ منها شيء، مع أن فلسطين هي وقف اسلامي مسيحي لكافة العرب والمسلمين.

ومع الأسف فان زعماءنا بانقسامهم المأساوي، جعلوا بأيديهم الامور تبدو وكأن تراب غزة هاشم وباقي فلسطين ليسا ابدا قطعة جغرافية واحدة بل قطعتين كل واحدة منهما تابعة لنظام مختلف كليا عن الأخرى، في واقع أليم إراده زعماؤنا الأفاضل سواء لصالح قوى إقليمية، أو لانانيات ضيقة همها الوحيد تكريس زعامتها على قطعة صغيرة من الوطن، الذي بلع المحتل ٧٨ بالمائة منه ويسعى لابتلاع الباقي.

وهذا ينفذه زعماؤنا بعكس ما هو معروف تاريخياً وبعكس ما تنص عليه الشرعية الدولية وبعكس ما هو مذكور حتى في اتفاقية اوسلو، التي أقرتها اسرائيل والتي نصت على ان الأراضي الفلسطينية ولاية جغرافية واحدة.

ماذا يريد هؤلاء الذين كرسوا الانقسام من هذا الشعب الجبار الصابر دون أي رد فعل حقيقي رغم الوعود الكثيرة والشعارات الرنانة وتهديد اميركا والاحتلال منذ سنوات طويلة بدحر هذا الاحتلال ومحاكمته في المحافل الدولية أو تلقينه دروساً لا ينساها، ومن ثم اكتشف الشعب بانه لم يحصل أي شي من هذا القبيل، وان الاحتلال يمعن في ممارساته ضد شعبنا وحقوقه.

ألا يدري زعماؤنا الأفاضل بأنهم بهذه الحالة المزرية من الانفصال البغيض يدمرون قضيتنا رويداً رويداً حتى يصبح قطاع غزة منفصلا عن باقي الوطن و وحتى الأخ لا يعرف أخاه بعد غياب قسري عشر سنوات ولربما تصبح عشرين سنة، لأن قضيتنا في هذه الحالة الانفصالية أصبحت وكأن قطاع غزة هو الولد الشقي، أما الضفة فهي الدويلة المسخ التي تمثل فقط الشعب الفلسطيني الذي يسعى المستوطن السارق ومن ورائه الاحتلال لتضليل العالم اجمع وكأن هذه الأرض الفلسطينية تابعة لاسرائيل!!

الخطابات الرنانة لم تعد تجدي كما ان الشعب الفلسطيني يستغرب ويتعجب من كثرة البيانات التي تقول بأن الاحتلال يعمل على تهويد القدس وتهجير أهلها وخصوصا هدم المنازل، وكأن هذا جديد أو غريب على الشعب الفلسطيني، لذلك نرجو ونطلب من الجميع الكف عن هذه البيانات التي يعرفها حتى ابن القدس الرضيع، واستبدال ذلك بعمل جاد لوقف هذا النزيف المخرب لمقدساتنا وقدسنا الشريف، ومخطط وفعل حقيقي بدل كلمات الادانة الدورية التي تطلق في الهواء، وكفى الله المؤمنين شر القتال !

لقد انعقد المجلس الوطني الفلسطيني مؤخراً واتخذ قرارات مهمة مما جعل المجلس والذي هو أعلى سلطة ومرجعية تشريعية يبدو وكأنه دون سلطة لانه فوّض جميع السلطات للمجلس المركزي، والذي بإمكانه اتخاذ جميع القرارات التي تعطي للشعب الفلسطيني الأمل بالحياة، كشعب حر يعيش على أرضه وأرض أجداده.

ليلة السبت الماضي بتاريخ ١-٦-٢٠١٨ لجأت الولايات المتحدة مجددا لاستخدام الفيتو بقيادة الصهيونية نيك هيلي ضد مشروع قدمته الكويت، مشكورة، وامتنعت عن التصويت أربع دول أخرى ومنها المجرمة الحقيقية بحق الشعب الفلسطيني، بريطانيا، ولا يدري الشعب الفلسطيني ، لماذا لا نقطع علاقاتنا مع هذه الدول المجرمة بحق أرضنا ومقدساتنا، والتي على الجامعة العربية تفعيل قراراتها السابقة تجاه هذه الدول المارقة، وتجاه أميركا، فبريطانيا المسؤولة ايضا تاريخياً عن مأساة شعبنا ونكبته وتشريده ويجب أن تعامل على هذا الأساس.

ان استشهاد المئات بل الالاف من ابناء شعبنا في غزة الصامدة واخرهم الشابة ملاك الرحمة رزان النجار التي قتلت برصاص الاحتلال، مثلما قال الاخ الوطني د. احمد الطيبي:” جزمة رزان بتسوى رأس ابو ابو الذي خلف نيك هيلي” وهي التي تحمل في يدها وقلبها الرقة والحنان لإسعاف من أصيبوا، والنتيجة الحكم عليها بالاعدام بيد حلفاء اميركا اليهود الاشكناز الذين يواصلون ارتكاب جرائمهم ضد شعبنا، وبموافقة بريطانيا التي ما زلنا نقيم معها علاقات جيدة للاسف، كي تتبرع لنا بحفنة قليلة من أموال لصرفها على التعليم، فأي ذل ذلك اكثر من هذا ؟.

القوة الأممية السلمية التي اقترحها مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن هي فقط لحماية شعبنا المناضل سلميا من بطش جيش الاحتلال، مما جعل ممثل الكويت وايضا “مشكوراً” باحالة القرار للجمعية العمومية بعد الفيتو الأميركي. وكالعادة مع الاسف يصبح القرار في أدراج الأمم المتحدة بدون تنفيذ، لأن قرار التنفيذ بين اميركا، والعرب الان لا يستطيعون أو لا يملكون ارادة عمل اي شيء يجبر اميركا على التراجع عن قراراتها المجحفة بحق شعبنا، خصوصا ان ترامب وعائلته صهاينة أكثير بكثير من اليمين الاسرائيلي المتطرف، .

وفي اسرائيل لا يوجد يمين أو يسار، فجميعهم يتنكرون للحقوق المشروعة لشعبنا وجميعهم كاذبون تاريخا وتوراتياً وسياسياً، ووجدوا في ترامب وابنته وكوشنر والمتطرف دافيد فريدمان ضالتهم.

هذا هو الواقع، واذابقيت سياستنا الانفصالية على هذا الحال، فستصبح الضفة عبارة عن بلديات تابعة سياسياً وأمنياً الى حكومة نتنياهو، وكفى القول بأن عاصمة اسرائيل هي فقط القدس الغربية ، لانه اذا بقينا على هذا الحال التعيس في وضع غزة التي تقاوم لوحدها، وضفة يتحكم بها المستعمر الصهيوني، فسنجد أنفسنا نعيش في الضفة كشعب لا حول له ولا قوة الا ما تريده حكومات الليكود المتعاقبة والتي ستكون أكثر عنفاً وتمييزا عنصرياً من الآن.

اما قطاع غزة فسينفصل نهائياً، لا قدر الله، عن القضية الأم، لأن غزة هاشم غير القدس التي فيها المسجد الاقصى وكنيسة القيامة. ومع الأسف فإن الواقع على أرضنا وهذا الانقسام الذي تعودنا عليه يقضيان على أي أمل بقيام دويلة فلسطينية فما بالك بدولة مستقلة معترف بها دوليا؟ أي أننا وبأيدينا نعطي اسرائيل القوة الحقيقية على أرض الواقع، لتواصل تنفيذ مخططاتها الاستعمارية، بينما نكتفي بالشعارات والبيانات وقرارات اممية بلا اسنان.

أما خطة الطريق التي اقترحها الأخ الرئيس محمود عباس مؤخراً على مجلس الأمن فلن ترى النور أبدا لسبب بسيط وهو أن اميركا لن تقبل بها ابداً، وبدون الموافقة الاميركية سنجد مع الوقت بأن اوروبا ستميل الى اميركا، أو ستظل صامتة، ونحن وسط انقسامنا هذا سنظل نشاهد ابناءنا في غزة شبانا واطفالاً ونساءً وحتى معاقين يستشهدون بنيران الاحتلال الذي لا يأبه بالبيانات والتنديدات.

لذلك على السلطة الشرعية والممثلة للشعب الفلسطيني ان تتخذ قرار بدعم النضال بالطرق السلمية التي حفظتها لنا القوانين الدولية حتى التحرير ، واتخاذ القرارات التي تنهك الاحتلال كي يعرف العدو الاميركي والمحتل الاسرائيلي بأن غزة والضفة أرض واحدة وشعب واحد اضافة الى فلسطينيي الداخل والشتات ، علما أن مختلف الأطر القيادية اتخذت قرارات عدة بشأن النضال الشعبي السلمي الاّ أن ذلك لم يطبق بشكل حقيقي حتى الآن.

السيناريو الاخر الذي يفكر به المحتل ، هو شن حرب حقيقية على أهلنا في قطاع غزة، باعتباره “الولد الشقي” كي يهرب نصف الشعب الى صحراء سيناء ، وتبدأ نكبة جديدة ونصب خيام في سيناء، أي في أرض مصر، وتنتهي محنة غزة لدى المحتل، وهذا سيناريو وارد، اذا بقيت الأمور على ماهي عليه الآن. لذلك على المجلس المركزي وكافة الفصائل اتخاذ قرار ببدء المقاومة والنضال الشعبي السلمي في الضفة والقطاع برؤية واضحة واستراتيجية واضحة وخطة واضحة يعمل الكل الوطني على تنفيذها.

اما اذا انتظرنا مجلس الأمن او الجمعية العمومية أو أي اجتماعات داخل أو خارج الوطن فهذا يعني استمرار الوضع على ما هو عليه ويعني أننا نتجاهل أننا أمام غاصب تارة يستعمل القوة العسكرية بدعم أميركي، وتارة يزوّر التاريخ على مزاجه. لدرجة انه يستعمل انبيائنا ذريعة بأنهم يهود كسيدنا ابراهيم وأولاده وأحفاده، ويضرب عرض الحائط كل القوانين الدولية، ويواصل تنفيذ مخططاته الاستعمارية.

وأخيرا اريد التعليق باختصار على مقالة الأخ العزيز هاني المصري، بأن لا يكون متشائما لهذا الحد ، لأن شعب الجبارين مثلما قال عنه الرئيس الرمز ياسر عرفات رحمه الله صنع ثورة بدون أي نوع من التخطيط، بل اعتمد على زعماء كانوا مجهولين، واليوم حالنا أفضل بكثير رغم كل الأوضاع المأساوية الراهنة، والذي لا يريد المضي في مسيرة الوحدة الوطنية فالشعب الفلسطيني كفيل بلفظه، اما القافلة فانها ستسير بسواعد أبناء الشعب الفلسطيني بجميع طوائفه الدينية وتياراته السياسية والذي يريد أن يترجل فالله معه وألف سلامة عليه.

ونرجو للمرة المليون ان تستعمل حركتا “فتح” و ” حماس” الحكمة والتعقل لأن فلسطين أهم من “فتح” أو ” حماس” أو أي فصيل آخر.

المصدر جريدة القدس
الاخبار العاجلة