منصور: تطرف واشنطن وتل ابيب ينعكس من خلال السياسات العدوانية تجاه شعبنا

23 يونيو 2018آخر تحديث :
الحماية الدولية

رام الله- صدى الاعلام

قال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور إن تطرف الإدارتين الأميركية والإسرائيلية ينعكس من خلال السياسات العدوانية تجاه دولة فلسطين وشعبها، والمنطقة بأسرها التي تعيش حالة اضطراب.

جاء ذلك في كلمته في اليوم الثاني من مؤتمر المؤتمر الأول “فلسطين إلى أين.. في ظل التغيرات الدولية والإقليمية والمحلية؟” الذي يعقده مركز سياسات ودراسات حل الصراع في الجامعة العربية الأميركية، في رام الله.

وأضاف منصور “أن أمامنا تحديات كبيرة وهو ما يتطلب منا أن نواجه ما يسمى صفقة القرن التي تتبناها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب”، مشيرا إلى أنه من أجل مواجهتها لا بد من التركيز على عدة أبعاد، أولها هو إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني بشقيه السياسي والجغرافي، بما يضمن الحفاظ على المكتسبات التاريخية للحركة الوطنية الفلسطينية، وعلى اللحمة الجغرافية لأرض دولة فلسطين.

وأردف أن البعد الثاني يتمثل في أهلنا داخل أراضي عام 1948، الذين يقفون أمام تحديات كبيرة، فهم يواجهون العداء والعنصرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية الحالية، من خلال ما تشرعه من قوانين عنصرية تحرمهم من حقوقهم الوطنية كأقلية قومية داخل إسرائيل.

وتابع منصور ان البعد الثالث هو التركيز على الدور الذي يلعبه المجتمع الدولي من خلال الأمم المتحدة، حيث وبعد الاعتراف بدولة فلسطين وما تبعه من تغيير لوضعيتها في المنظمة الدولية إلى دولة بصفة مراقب، فقد مكّنها ذلك من الانضمام إلى العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية كدولة طرف فيها، ما يعزز من أركان الدولة الفلسطينية في الحلبة الدولية.

ولفت منصور إلى أن “الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، منحنا الأهلية القانونية بملاحقة الجهات المدانة بارتكاب جرائم ضد الشعب الفلسطيني، لا سيما جرائم الحرب، خاصة استمرار الاستيطان”، مشيرا إلى أن “فلسطين أصبحت قادرة على ملاحقة تلك الجهات من خلال النظام القانوني لمحكمة الجنايات الدولية”.

وأكد أنه “لمواجهة الهجمة على مشروعنا الوطني وشعبنا الفلسطيني وقيادته ممثلة بمنظمة التحرير، قمنا بتحديد استراتيجية من خلال عمل اللجنة التي سيقوم مجلس حقوق الإنسان بتشكيلها قريبا للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل بحق المتظاهرين المدنيين السلميين في قطاع غزة منذ 30 آذار/ مارس المنصرم”.

وقال منصور “إنه يتعين على تلك اللجنة، التحقيق بجرائم قتل وجرح عشرات المدنيين الفلسطينيين، ومعظمهم من الأطفال”، ورجح “أن هناك جهودا تبذل لتشكيل هذه اللجنة التي سترفع تقريرا بعملها”، مؤكدا “أن هذا الجهد ليس بالأمر السهل في ظل الحملة المضادة والقوية التي تقودها الولايات المتحدة وإسرائيل”.

وتابع “ان جزءا من استراتيجيتنا متعلق باتباع الخيارات القانونية، خاصة بعد أن وجدنا بطئا في عمل محكمة الجنايات الدولية تحديدا المدعي العام، حيث وعلى مدار ثلاث سنوات لم يتجاوز عملهم مرحلة التحريات الأولية، ولم تنتقل المحكمة إلى مرحلة التحقيق الرسمي، وهو ما أجبرنا على تقديم إحالة في أعقاب اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني”.

وقال: “قدمنا هذه الإحالة مع التركيز على الجرائم المستمرة المتمثلة بالاستيطان، ونأمل أن نرى نتائج ملموسة على طريق الوصول إلى تحقيق فعلي في الجرائم المتواصلة بحق شعبنا، خاصة جريمة الاستيطان، وهناك بالفعل تحريات ودراسات تقوم بها محكمة العدل الدولية، متعلقة بوضعنا الفلسطيني بما في ذلك القدس”.

وتحدث منصور عن عمل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلا “إننا عارضنا الإجراءات غير القانونية والاستفزازية أحادية الجانب التي اتخذتها الإدارة الأميركية الحالية، التي تحدّت من خلالها القانون والقرارات الدولية والمتعلقة بمدينة القدس”، مضيفا “اننا نجحنا في توحيد 14 من أعضاء مجلس الأمن كأغلبية للدفاع عن قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي، لمجابهة تلك السياسات، خاصة إعلان ترمب القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها”.

وقال: “بعد هذه الخطوة توجهنا إلى الجمعية العامة وكسبنا 128 صوتا لصالحنا في مقابل 9 أصوات ضدنا، وبعد المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة ذهبنا مرة أخرى إلى مجلس الأمن، وطلبنا منه الوقوف عند مسؤولياته وتبني قرار بتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي”.

وأضاف ان “القانون الإنساني الدولي، تحديدا اتفاقية جنيف الرابعة، يحدد مسؤولية سلطة الاحتلال وحقوق المواطنين الذين يعيشون تحت الاحتلال فيما يتعلق بالحماية، حيث يقران أنّ سلطة الاحتلال هي المسؤولة عن توفير الحماية للمدنيين الخاضعين لاحتلالها في كافة الظروف والأوقات، وعندما تتحول سلطة الاحتلال إلى طرف يقتل ويرتكب مجازر بحق المدنيين الذين يفترض منها حمايتهم، فإنّها تتنصل من مسؤولياتها، وبالتالي فإنّ المسؤولية تنتقل إلى المجتمع الدولي لتوفير هذه الحماية”.

وأردف: “بموجب هذا الفهم القانوني ذهبنا إلى مجلس الأمن لطلب الحماية لشعبنا الفلسطيني. وحصلنا على 10 أصوات لصالح مشروع القرار الذي تقدمنا به، لكن القرار فشل بسبب الفيتو من الولايات المتحدة، لذا تقدمنا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة”.

واعتبر منصور “أن طلب الحماية لنا لا يكفي، إذ يجب أن يعقبه إجراءات وتطوير أفكار عملية تنقل إلى الأمين العام للأمم المتحدة وطواقمه، بحيث عندما نعود للجمعية العامة فإنّ علينا تبني هذه الأفكار الملموسة، وهي أفكار ذات طبيعة معقدة. نحن لا نتحدث عن نشر قوات حفظ سلام، فهي من مسؤولية مجلس الأمن بموجب البند السابع، ولكن في المقابل يمكننا تزويد الأمين العام للمنظمة بأفكار ملموسة وعملية يمكنها المساهمة وبطريقة خلاقة تفضي إلى تحقيق الأمن والسلام لشعبنا”.

وقال: “دون إضافة عنصر الحماية، وهو عنصر سياسي، فإنّ أية أفكار لتقديم مساعدات اقتصادية أو إنسانية للشعب الفلسطيني ولا سيما في غزة ستكون ذات طبيعة محدودة”.

من جانبها، تحدث المستشارة القانونية في مشروع دعم المفاوضات الفلسطينية بمنظمة التحرير تمارا صياد عن الفروقات بين محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية، فالأولى تحقق بالجرائم التي يرتكبها الأفراد، في حين تختص محكمة العدل الدولية بمسؤولية الدول عن مسائل معينة.

وقالت: “هناك أمران مهمان لا بد من الحديث عنهما فيما يتعلق بمحكمة الجنايات الدولية، الأول ذو طابع خلافي والآخر رأي استشاري، وتتعلق المسألة الخلافية بإمكانية قيام دولة فلسطين بالتقدم بدعوى ضد إسرائيل، وقد يكون من الصعب على دولة فلسطين أن تتقدم بهذه الدعوى وحدها بسبب وضعيتها الحالية، حيث يتعين على دولة أخرى التقدم بهذه الدعوى نيابة عن فلسطين”.

وأردفت صياد “أنّ الحصول على رأي استشاري أسهل من التقدم بدعوى، كون الأخيرة ملزمة في حين أنّ الرأي الاستشاري ليس ملزما”.

وبينت أنه من الفوارق الأخرى بين محكمة الجنايات ومحكمة العدل الدولية هو أنّ إسرائيل والولايات المتحدة لا يمكنهما رفض شرعية محكمة العدل الدولية، على خلاف تحديهما لشرعية محكمة الجنايات الدولية من خلال عدم توقيعهما على معاهدة روما، كذلك فإنّ إمكانية رفض الولايات المتحدة لشرعية محكمة العدل الدولية سيجعلها في وضع محرج.

وحول مسألة الحماية الدولية، أوضحت صياد أن هذه القضية تحتمل خمسة أبعاد، منها نشر قوات حماية دولية، ونشر قوة مراقبة، والتدخل الحكومي المباشر، والعقوبات الاقتصادية والسياسية، والمراقبة من خلال المنظمات الدولية.

بدوره، تحدث رئيس لجنة العلاقات الدولية في القائمة العربية المشتركة يوسف جبارين عن التوتر القائم بين معايير النظام الدولي والقانون الدولي من ناحية، وتوازن القوى السياسي على أرض الواقع، مشيرا إلى أن المعايير والشرعية الدولية تنصر حقوق الشعب الفلسطيني بشكل مطلق، “غير أننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق أمنياتنا الوطنية على أرض الواقع”.

وقال جبارين “إن هناك العديد من قرارات القانون الدولي تتحدث عن حقوق شعبنا كاعترافها مثلا بحق اللاجئ الفلسطيني بالعودة إلى دياره التي هجر منها، غير أننا على أرض الواقع نرى تنكرا لمثل هذه القرارات”.

وتطرق إلى القوانين الدولية التي تتحدث عن أن القدس منطقة دولية، يحدد وضعها في مفاوضات الحل النهائي، “لكن على أرض الواقع إسرائيل وأميركا تجاوزتا هذه القوانين من خلال ضم القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل”.

وقال إن “أحد أعمدة القانون الدولي هو مبدأ المساواة بين المواطنين، لكن إسرائيل خرقت من خلالها سياستها العنصرية تجاه الفلسطينيين داخل الأراضي عام 1948، كل القوانين الدولية، كونها تتعامل معهم بعنصرية من خلال سنها قوانين تميز اليهود على حساب الفلسطينيين”، معتبرا أن هذا نوع من نظام “الأبارتهايد”.

وأشار جبارين إلى ضرورة فضح هذه العنصرية، ومساندة الدبلوماسية الفلسطينية، من خلال دعمها بتحركات جماهيرية على أرض الواقع، تعيد القضية الفلسطينية إلى الواجهة.

وتحدث مساعد وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني للعلاقات المتعددة الأطراف عمار حجازي، عن أهمية المعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها وانضمت إليها دولة فلسطين، مستعرضا الجهود التي بذلتها الدبلوماسية الفلسطينية والعراقيل التي واجهتها في سبيل الوصول إلى هذه المرحلة.

وأوضح حجازي أن هذه المعاهدات مهمة كونها تتضمن أوامر ملزمة تستوجب من دول العالم تنفيذها ومحاسبة كل من يخترق هذه القوانين، مؤكدا أن فلسطين أصبحت قوة في صنع القانون بعد انضمامها لتلك المعاهدات.

الاخبار العاجلة