رواتب الأسرى حق علينا

2 يوليو 2018آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

عمر الغول- الحياة الجديدة

صوت الكنيست الإسرائيلي الأسبوع الماضي بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون خصم رواتب الأسرى من أموال المقاصة الفلسطينية، والتي تقدر بـ10% من إجمالي ما تجبيه دولة الاستعمار الإسرائيلية من الضرائب الفلسطينية. وهو عدوان قديم جديد على أموال المقاصة الفلسطينية، وعلى حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني عموما وعلى حقوق أسرى الحرية خصوصا.

الاستهتار الإسرائيلي المتزايد بالقوانين والاتفاقات المبرمة بين منظمة التحرير ودولة إسرائيل، خاصة اتفاقية باريس البائسة، لم يأتِ من فراغ هذة المرة، بل جاء متلازما مع سلسلة الجرائم الأميركية الإسرائيلية، التي سبقته، والهادفة لتصفية القضية الفلسطينية وملفات الحل النهائية المتعلقة بها، ومنها ملف أسرى الحرية، حيث تعمل قوى الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم بشكل حثيث على نسف وتبديد ما تبقى من تلك الاتفاقات الهشة، والفاقدة نواظمها ودلالاتها السياسية والاقتصادية. مع ان الاتفاقية آنفة الذكر باتت من زمن غير قريب محل إجماع فلسطيني، بأنها لم تعد صالحة، وباتت قيدا على الاقتصاد الفلسطيني، وتحتاج إلى تغيير جذري يسمح بتحرر الاقتصاد الوطني كليا من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي.

ولكن لنكن واقعيين ونحن نتعامل مع هذه المسألة لجهة، أن دولة الاستعمار الإسرائيلية وحكومتها الحالية مازالت تمسك بمقاليد الأمور، وميزان القوى يميل بشكل واضح لصالحها، كما انها تستند إلى وقوف الإدارة الأميركية بشكل كامل معها منذ تولي ترامب الرئاسة، وهو ما يزيد من تعقيد عملية المجابهة معها. وللأسف ان القوى المساندة للموقف الفلسطيني عربيا وإسلاميا وأمميا، رغم كل التصريحات والمواقف الإيجابية المعلنة والداعمة للحقوق والمصالح الفلسطينية، لا تقوَى على كبح التغول الاستعماري الإسرائيلي، ومازالت تعاني من ازدواجية وانفصام بين ما هو معلن رسميا وبين قدراتها وإمكانياتها على الفعل وتطبيق ما تعلنه. وهذا الواقع ينعكس سلبا على الصراع الدائر مع حكومة نتنياهو المتطرفة، ويضعف موقف القيادة الشرعية الفلسطينية نسبيا في معركتها لاستعادة حقوق شعبها، وفي التحرر من قيود المحوطة والتبعية للغلاف الجمركي خصوصا، وللاقتصاد والسوق الإسرائيلي عموما.

غير ان كل القيود الإسرائيلية لن تحول دون متابعة مشوار الكفاح الفلسطيني حتى التحرر الكامل من التبعية الاقتصادية والمالية والجمركية لإسرائيل. وعليه المطلوب العمل على الآتي: أولا على فريق الاقتصاديين الفلسطينيين بالتعاون مع القيادة السياسية وضع خطة عمل إبداعية لتفكيك اتفاقية باريس، ومن ثم إلغائها كليا وفق المعطيات والقوانين الفلسطينية والدولية؛ ثانيا التوجه للمحاكم الأممية لمحاكمة دولة الاستعمار الإسرائيلية على انتهاكاتها الخطيرة لمواد وبنود الاتفاقية ذاتها، دون أن يعني ذلك الاستسلام لمشيئة وإملاءات إسرائيل؛ ثالثا التوجه مجددا للأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات الصلة لإزالة الغبن اللاحق بأسرى الحرية الفلسطينيين، واعتبارهم أسرى حرية، وليسوا “إرهابيين”، بل العكس قلب المعادلة رأسا على عقب، بحيث يتم وصم جيش الموت الإسرائيلي وقيادته بالإرهابيين وفقا لجرائم الحرب، التي ارتكبوها ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني؛ رابعا رواتب أسرى الحرية، هي حق مكفول لهم، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال السماح لإسرائيل الاستعمارية أو الولايات المتحدة أو غيرهم التطاول على هذا الحق المكفول لهم وفق المعايير والقوانين الوطنية الفلسطينية والدولية، باعتبارهم مناضلين من أجل الحرية.

ولتعميق النضال الوطني على جبهة الالتزام بحقوق وملف الأسرى يفترض القيام بسلسلة من الأنشطة والفعاليات الوطنية والقومية والأممية لإيصال الرسالة لكل العالم، بأن قضية الأسرى، هي قضية كل أسرة فلسطينية، وهي بالضرورة قضية عامة للشعب وقيادته السياسية، ولا يمكن التنازل عن أي حق من حقوقهم المالية أو الاجتماعية أو السياسية. ورواتبهم حق على الشعب والقيادة ودون أي انتقاص من مكانتهم الاجتماعية والوطنية.

الاخبار العاجلة