نبض الحياة – زيمرمان نموذجا للشجاعة

11 أغسطس 2016آخر تحديث :
نبض الحياة – زيمرمان نموذجا للشجاعة

بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة  

شكلت فلسطين الشعب والقضية، التي تقع تحت نير الاستعمار الاسرائيلي الاقتلاعي الاحلالي والاجلائي نقطة استقطاب وجذب لرواد السلام في اوساط شعوب العالم. وكلما افتضح وجه دولة التطهير العرقي الاسرائيلية العنصري والفاشي، كلما تضاعف التأييد والدعم من قبل انصار السلام في العالم للشعب الفلسطيني. ولعل اتساع نطاق الدعم العالمي لحركة المقاطعة (BDS) يؤكد هذه الحقيقة، التي باتت تقض مضاجع حكومة الائتلاف اليميني المتطرف الاسرائيلية. رغم ادعاءات نتنياهو بانه واركان مجلس وزرائه، استطاعوا حصار حملة المقاطعة الفلسطينية. إلا ان من تابع قرار الحكومة الاكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل في الجلسة الاخيرة، الذي شكل لجنة مختصة لحصر اماكن وعناوين إقامة أنصار السلام ومنظمة مقاطعة دولة الاستعمار الاسرائيلية (BDS)، وحتى عناوينهم في دولهم الام، وذلك لمطاردتهم، وطردهم من إسرائيل، وحرمانهم من الدخول إليها، يستطيع ان يستنتج بسهولة عمق الارق والارباك، الذي تعانيه تلك الحكومة المعادية للسلام.

ومع ان التركيز هنا سيكون على جانب آخر من الدعم لكفاح الشعب الفلسطيني، المتمثل باشتراك اصدقاء امميين لفلسطين القضية والشعب والاهداف، بصفتهم فلسطينيين في المحافل الاممية من خلال حملهم الجنسية الفلسطينية لتمثيل دولة فلسطين. من بينهم النموذج، الذي يعتز به، هو الفارس كريستيان زيمرمان، المتسابق في منافسات فردي ترويض الخيول، الماني الجنسية والانتماء القومي. والمهم في شخصية زيمرمان (54 عاما)، انه رجل اعمال، ولديه شركة تضم (700) موظف، ويصل رأسماله إلى (136) مليون دولار اميركي حتى عام 2013/2014 حسب المصادر الاعلامية. بمعنى ادق، انه ليس هاويا، ولا مراهقا سياسيا، إنما هو عميق الادراك لما يفعل ويقوم به لنصرة قضية الشعب الفلسطيني. لانه مؤمن بعدالة القضية السياسية، التي شاء تمثيلها امام العالم اجمع.

وتم تسجيل المناضل الاممي زيمرمان في الاتحاد الدولي للفروسية كرياضي فلسطيني منذ عام 2013. الذي تعود علاقته مع فلسطين وشعبها المنكوب بالاستعمار الاسرائيلي إلى عشر سنوات خلت، بعد عودته لممارسة منافسات الفروسية عقب انقطاع طويل عنها. وتم الاقرار من قبل الاتحاد الدولي للفروسية به كرياضي فلسطيني. كونه يحمل الجنسية الفلسطينية جنبا إلى جنب مع حمله الجنسية الام الالمانية.

ورغم صعوبة القرار، كما قال، إلا انه تحمل بشجاعة فائقة إتخاذ الخطوة الشجاعة. ولم يأبه بأي تداعيات قد تنجم عن قراره الجريء. الامر الذي يشير، إلى انه اتخذ قراره بعد تفكير عميق بالخطوة المتميزة. وهو ليس المتضامن الاممي الوحيد في الفريق الفلسطيني، الذي يشارك في الاولمبياد في ريو دي جانيرو، بل هناك متضامنون امميون آخرون. ما يعكس اتساع دائرة الدعم في اوساط الرياضيين الامميين لقضية الشعب الفلسطيني، لتأكيد حضور دولة فلسطين في منبر اممي رياضي مهم.

شجاعة رجل الاعمال الالماني في تمثيل فلسطين في الاولمبياد تعطي الدلالة مرة جديدة على الاهمية، التي تحتلها فلسطين في اوساط دول وشعوب العالم. لا سيما ان تمثيل فلسطين يختلف اختلافا جوهريا عن مشاركات لاعبين من دول وقوميات اخرى لدول مستقلة وذات سيادة. لان تلك الدول او الفرق الرياضية، تقوم بشراء او دفع مبالغ كبيرة لقاء استقاطبها للاعبين من دول اجنبية اخرى. ولكن فلسطين لم تدفع لابن كولونيا الالماني، بل هو تبرع بفروسيته وشجاعته لدعم فلسطين في الاولمبياد الرياضي.

شكرا لزيمرمان الالماني ولأقرانه، ممن امتلكوا إرادة القرار والارادة على تمثيل فلسطين الواقعة تحت نير الاستعمار الاسرائيلي. لانهم يستحقن كل التقدير والاحترام على قرارهم غير العادي، الذي يشكل نموذجا للبطولة في الرياضة، كما في السياسة. وبالضرورة ستبقى فلسطين بكل مكوناتها السياسية والرياضية والثقافية والتربوية ممتنة لهم ولدورهم المتميز في دعم كفاح شعبها التحرري. وستحفظ لهم مكانتهم في سجلاتها الذهبية المضيئة على مر التاريخ.

الاخبار العاجلة