الأبعاد الأخطر لقرار ترامب بوقف دعم “الأونروا”

3 سبتمبر 2018آخر تحديث :
مقالات مروان طوباس جنين
باسم برهوم-الحياة الجديدة
عندما تأسست وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الادنى “الأونروا” عام 1949، كان لهذا التأسيس، من وجهة نظر العالم، ثلاثة أبعاد رئيسية، الاول: ربط وجود الوكالة بتنفيذ القرار (194) وبالتحديد البند (11) الذي ينص على ضرورة عودة اللاجئين الى ديارهم في اقرب وقت ممكن. هذا الأمر يعني بوضوح ان هناك مسؤولية قانونية تقع على عاتق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بأن يستمر في دعم “الأونروا”،
وان تستمر هذه الأخيرة في تقديم خدماتها للاجئ الفلسطيني حتى تتم عودته بموجب القرار 194.
هذا الالتزام القانوني اعاد المفوض العام لـ “الأونروا” بيير كرينبول، مؤخرا التأكيد عليه عندما قال: إن تأسيس الوكالة عام 1949 جاء من أجل تقديم المساعدة وحماية حقوق لاجئي فلسطين الى ان يتم ايجاد حل عادل لمحنتهم. عدم القدرة على إعادة اللاجئين الى ديارهم طول هذه المدة، تتحمل مسؤوليته اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية، الأولى التي منعته بالقوة، والثانية عملت ما بوسعها ضد تحقيقه”.
البعد الثاني، بعد سياسي، ويتعلق بدور وموقف الدول المسؤولة مباشرة عن محنة الشعب الفلسطيني، عندما دعمت اقامة دولة اسرائيل في فلسطين على حساب الشعب الفلسطيني، وحقه المشروع في تقرير المصير في أرضه التاريخية. الولايات المتحدة الاميركية من أبرز هذه الدول الى جانب بريطانيا. اما البعد الثالث والمتعلق بالبعد الإنساني والقيم الانسانية، فالتزام الدول في دعم “الاونروا” له بعد أخلاقي وإنساني لذلك هو التزام تطوعي، مثلما هو التزام أخلاقي تجاه شعب جرى تشريده من وطنه بالقوة، وتحوله إلى شعب لاجئ ممنوع من العودة الى بلده ومحروم من أبسط الحقوق الانسانية.
الرئيس ترامب وادارته، عندما قرروا وقف دعم “الاونروا” إنما انتهكوا الأبعاد الثلاثة المشار اليها، فهم انتهكوا القانون الدولي والالتزام القانوني الذي نص عليه القرار (302)، قرار تأسيس “الأونروا”، وتخلوا عن مسؤوليتهم السياسية كطرف مسؤول عن محنة الفلسطينيين تاريخيا وراهنا. كما ان ترامب وادارته قد ضربا بقرارهم عرض الحائط منظومة القيم الانسانية والاخلاقية التي تحكم علاقة الانسان بأخيه الانسان وتحكم العلاقات بين الدول والشعوب.
خطوة ترامب لا يمكن تصنيفها إلا كجريمة مع سبق الاصرار، ليس بحق الشعب الفلسطيني وحسب، وإنما بحق كل البشرية وللأبعاد الانسانية والقيمية التي طورها الانسان عبر آلاف القرون، وعبر تضحيات جسيمة نتيجة للحروب وويلاتها.
ان مسؤولية الرد على قرار ترامب وادارته ليست مسؤولية فلسطينية فقط، وإنما كذلك مسؤولية العالم بأسره الذي يرفض العودة بالبشرية لقانون الغاب. تصرفات هذه الادارة وقراراتها التي تؤسس لحالة فوضى على الساحة الدولية وتأخذ العالم نحو الفاشية والتطرف الأعمى وتهدد السلم العالمي بأسره.
إن المسألة لا تقتصر على تصفية القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين فقط، وإنما هي تصفية لمنظومة القانون الدولي التي تنظم العلاقات بين الدول وتمنع الصراعات لتأخذ بدونها أشكالا عنيفة.
بالنسبة للشعب الفلسطيني والذي يعتبر القرار عملا عدائيا ضده، فله موقف بسيط وواضح، هو التصدي بكل ما يستطيع للصفقة الترامبية التي تهدف إلى تصفية قضيته الوطنية، وبهذا الشأن ليس لديه ما يخسره فالتحدي المفروض عليه تحد مصيري ووجودي. أما بالنسبة لإسرائيل، دولة الاحتلال، والتي تشعر بنشوة النصر فإنها سرعان ما ستكتشف أنها هي أول من سيدفع ثمن إفقار الشعب الفلسطيني والامعان في ظلمة.
مخططات ترامب ليست جديدة فهي تمثل جوهر المشروع الصهيوني، الذي نتعرض له ونواجهه منذ مئة عام، لذلك نحن لم نفاجأ، ولا نعيش حالة صدمة، إننا ببساطة نواصل حالة المواجهة بإصرار أكبر على الصمود فنحن باقون وترامب هو من سيرحل مع مخططاته في نهاية المطاف.
الاخبار العاجلة