دعونا نكون جزءاً من الحل

8 سبتمبر 2018
حماس
حماس

بقلم صلاح هنية عن جريدة الايام

غالبية الناس والنخب تتحدث عن القضايا المجتمعية وكأنهم ليسوا جزءاً منها بل هم زوار صيف وعائدون ولا علاقة لهم بها، فهم ينعتون الناس الذين يعتبرونهم آخرين ليسوا منهم بصفات ونعوت ويحولونهم الى حالة دراسية، دون ان يعتبروا أنفسهم جزءاً من الحل أصلاً.

غالبية الناس تحمل القلم الأحمر لتصحح لغيرهم وهم لا يمتلكون الأهلية ان يصوبوا انفسهم، وبما اننا اخترنا القلم الأحمر بالتالي نحن نختار ان نكون معلقين معقبين ولسنا جزءاً من الحراك المجتمعي للبناء والتنمية والنهوض.

هؤلاء الغالبية يسمون المجتمع بصفات ونعوت مقارنة مع عالم آخر، وهذه مسطرة غير صالحة للقياس بها، ويجب ان نقارن تفاحة بتفاحة حتى تصح الأمور، ما الفائدة ان نحط من قيمة مجتمعنا ونحن نقارن مع مجتمعات مرت وتمر بظروف مختلفة تماماً، دعونا نركز على خصوصيتنا وننطلق منها صوب الأفضل دون إحباط وتأثير سلبي.

وما عليك الا أن تسمع تحليلاً وتعقيباً على حياتنا اليومية وقضايانا صورته سوداوية وعندما يصلون الى الاستنتاجات تعرف تماماً انهم فقط يريدون ان يتحدثوا ليس الا، التأفف من الازمة المرورية واعتبارها مصيبة، وتستمر الاوصاف حتى نصل الى انها مؤامرة ضد الشعب نتيجة للقروض الاستهلاكية من البنوك التي رفعت اعداد المركبات، وهذه نتيجة المؤامرة ولا يوجد جسور ولا انفاق، اذن ما حد بدّو يحل!!! وعندما تناقشهم قائلاً انهم لم يأتوا بجديد بل تكرار لحديث مكرر ومستنسخ، وبما أنك خبير في بلاد الغربة وسيرتك الذاتية حافلة انفعنا بشيء جديد نصل الى تكرار ممل ليس الا.

فتراهم يريدون إغلاق كل الطرق ورصفها وإخراج حركة المرور من وسط المدينة، وكأن الأمور كبسة زر وينتهي الأمر، واذا نصبت إشارة ضوئية لتنظيم المرور يتذمرون ويريدون ان تفتح من الجهة التي يمر منها وعكس ذلك مش مهم.

ويتغول أولئك علينا وهم يتساءلون: معقول ما في مخطط رئيسي يجب ان ينجز؟ هناك شركات كثيرة تعمل، ولا يعلمون ان الوطن إصابته تخمة من قضايا المخطط الرئيسي الذي حول اصغر موظف في الحكومة الى الوزير يكرر هذا المصطلح، ولكن شيئا لم يتغير، اضافة الى الحديث عن الاستراتيجية والخلوة وإعادة التقييم والمراجعة، ولكننا نذهب الى الخلاصة.. ترقيات وتعيينات دون وصف وظيفي، دون مبرر لوجود هذه الوحدة الإدارية أو شطب غيرها، والجميع أصيب بعدوى التخطيط دون سند بل تكرار للغة المشاريع ومتطلباتها، وينفذ في عقولنا أولئك أصحاب المشاريع وبناء الاستراتيجية ليقولوا لنا: انكم لا تعرفون شيئاً، ويجب ويجب ويخرجون كما جاؤوا.

الموضة العصرية اليوم قضايا الشباب والمبادرات الشبابية، وهذا واضح انه للاستخدام وليس أداة من أدوات التغيير وسيطول الحديث في هذا المجال، حتى أن بعض الناقدين والمتذمرين اقترحوا أن يكون الشباب جزءاً من العمل ليتدربوا، فذهبنا صوب الاحتفاء بانقضاء سنوات من عمر أحد الأندية الشبابية فلم نجد شبابا على المنصة بل كانوا ديكورا، الى أن صعدت إحدى الأمهات للحديث عن دور النادي في تأهيل ابنها لمرحلة ممتازة رياضياً، فشكرت الشباب من أعضاء الهيئة الإدارية والمشرفين على اللجان في النادي.

أولئك الذين يجلدون المجتمع بموجة النقد دون أن يحركوا ساكناً ولا يمارسون جزءاً من دورهم ويريدون من آخرين ان يغيروا وينجزوا وهم يتفرجون، ولا يعقل ان يستمروا بإبداء روح التحريض ضد تلك البلدية وتلك المؤسسة ويتفننون بالتحريض ضد الاقتصاد الفلسطيني، من باب ان استمرار التبعية للاقتصاد الإسرائيلي حل منطقي ( لا حول لنا ولا قوة ولا يوجد لدينا اقتصاد)، واذا تم تعبيد طريق من قبل بلدية يشحذون ألسنتهم لموجة النقد .. ما عرفوا الا مع بداية العام الدراسي؟ لماذا لا يعبّدون اول بأول ومن ثم المقطع الثاني؟ وهم يعلمون ان هذا ليس مشروعاً بطول 7 كيلو مترات عندما يحين التعبيد يتم تعبيده على مرحلتين وينتهي، الا أن الطرق الداخلية لا يتم العمل بها بهذه الطريقة، خصوصاً انها متفرقة وبحاجة لخطة عمل مختلفة تماماً.

ويخططون لحملة جديدة من باب الوضع الاقتصادي الصعب!!! ضد حملة المخالفات على عدم استخدام الحزام وكأن هذا اختراع فلسطيني بينما هم ذاتهم يربطون الحزام خوفا فقط عندما يخرجون صوب أماكن تواجد شرطة الاحتلال، يحذرون العائلة من مغبة القاء النفايات من الشباك بينما في مدننا وقرانا فهذا امر مقبول.

المطلوب ان يدمج أولئك انفسهم في المجتمع ويعيشوا قضاياه ومعاناته ويخففوا من الكلام لمجرد الكلام للانخراط في مسيرة التغيير والنهوض بواقع المجتمع والخروج من موقف المراقب والمتفرج، فالوطن بحاجة لكل أدوات التغيير، وشبعنا هرجاً وتحليلاً وسرداً ونقداً وإجراء مقاربات واختيار عناوين براقة، وهناك عشرات اللجان الاستشارية في البلديات بالإمكان الانخراط بها من أجل تقديم وجهة نظر عملية وليست أكاديمية تنظيرية، لنكن جزءاً من الحل بدون تحميل المسؤولية لآخر، وكأننا فرق شتى كلنا نتحمل المسؤولية وكلنا نسعى للأفضل، وما دون ذلك لا يعنينا.

Source جريدة الأيام
Breaking News