ملاحظات حول طرح الفيدرالية والكونفدرالية الآن؟

15 سبتمبر 2018آخر تحديث :
حماس
حماس

بقلم: ناجي صادق شراب عن جريدة القدس

الزمان ليس الزمان وإن كرر نفسه بصورة مختلفة، وفلسطين قبل أكثر من أربعين عاما ليست فلسطين اليوم، وطرح الأفكار والمبادرات والتصريحات لا يفهم إلا في سياقاته الزمنية والمكانية. وإبتداء لا أتفهم اي تصريح وإعلان سياسي لأي مسؤول سياسي فلسطيني بدءاً من الرئيس عباس إلا بربطه بالقضية الفلسطينية ومستقبل مشاريع التسوية التي تطرح. فقبل اكثر من أربعين عاما طرح الرئيس عرفات على الملك حسين فكرة الكونفدراليه للخروج من مأزق الضغط الأمريكي على منظمة التحرير وإستبعادها من أي مفاوضات، وكان الرد الأردني واضحا وحاسما كما هو اليوم من المبكر الحديث عن الكونفدرالية.

واليوم وفي تصريح للرئيس عباس أثار الكثير من الجدل والنقاش وتباين المواقف والأراء ما بين معارض ومنتقد وما بين موقف خجول أو صامت، يقول فيه أن الإدارة الأمريكية طرحت عليه فكرة الكونفدرالية مجدداً، وأشترط ان تكون إسرائيل طرفا فيها. وهنا أسوق بعض الملاحظات حول هذه الفكرة.

أولاً: الفيدرالية والكونفدرالية يشكلان من أشكال التكامل والإندماج بين الدول، وهي شائعة ولها أمثلة كثيرة، وتفرضها مصالح مشتركة ومحددات داخلية وإقليمية ودولية ورؤى مستقبلية للقيادات السياسية، وكل منها تمثل درجة من درجات التكامل الكونفدرالية أدناها وتفترض شكل من أشكال التنسيق في مجالات كثيرة بين الفاعلين لها، ولا تفقد أي منهما جنسيتها ولا سيادتها ولا شخصيتها الدولية ولا علاقاتها الدبلوماسية.

اما الشكل الثاني الأكثر إندماجا فهو الفيدرالية حيث تفقد الدول شخصيتها الدولية، وجنسيتها وعلاقاتها الدبلوماسية ويكون لها دستور اتحادي ومؤسسات إتحادية عليا لها السمو على المحلية.

والشكل الثالث الإندماج والإنصهار أي التحول لدولة واحدة بسيطة مركزية. وفي كل هذه الأشكال الشرط والمحدد ان تكون الأعضاء دولا مستقلة لها سيادتها وحدودها بداية.

ثانياً: العلاقات بين الأردن وفلسطين اكبر من كونها علاقات كونفدرالية، فالتنسيق والتكامل في العلاقات موجود، ولكن الطرح قبل الدولة غير مقبول، لأنه ببساطة يسقط الحق الفلسطيني في الدولة والعاصمة القدس ويجدد فكرة الوطن البديل، لذلك ليس من المصلحة الوطنية المشتركة القبول بالفكرة وتجددها. الموقف الأردني ثابت من قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، لذلك جاء الرد على لسان الملك عبدالله الثاني حاسما وقاطعا من؟ والمقصود هنا أين هي الدولة الفلسطينية؟

ثالثاً: ربط الرئيس محمود عباس بين الإقتراح ومشاركة إسرائيل فيه خروج ورفض غير مباشر للفكرة ،لأنه يدرك ويعرف مسبقا أن إسرائيل سترفض فكرة إنضمامها لأي رابطة عربية فيها الأغلبية للعرب والفلسطينيين، وهذا يتنافى مع الحفاظ على هويتها القومية لكن السؤال ماذا لو قبلت إسرائيل؟ كيف سيكون الرد؟

رابعاً: الرئيس عباس يعرف ويدرك أن الكونفدرالية تحتاج لدولة فلسطينية مستقلة، وإنهاء الاحتلال، وهنا الفارق بين طرح الرئيس عرفات وطرح الرئيس عباس، في الحالة الأولى الحديث عن مفاوضات، والآن الحديث عن تسوية نهائية.

خامساً: ما طرح ليس مجرد تصريح ولا فكرة بل يكمن خلفه مشروع ورؤية كاملة، والفكرة في أساسها إسرائيلية وتبنتها الأدارة الأميركية لتطرح على الرئيس فقط، ولم تتم مناقشتها لا مع الأردن ولا على المستوى الفلسطيني وهنا التحفظ.

المشروع المتجدد إسرائيلي ليكودي يتفق ورؤية الليكود الفكرية «لا للدولة الفلسطينية ونعم لفكرة الوطن البديل»، ومن هنا جاء الرفض السريع من الأردن، ولها الحق. المسألة لا تحتاج مناورات الان، بل مواقف وقرارات قاطعة.

سادساً: لا يجوز الحديث عن أي كونفدرالية ولا فيدرالية قبل الحديث عن إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة. أما الحديث الان ان تقوم الأردن بما ستقوم به الدولة الفلسطينية، فتتحول المسؤولية الأمنية إلى الأردن، وحماية الحدود للجيش الأردني, والمعاهدة المعقودة مع إسرائيل هي البديل.

سابعاً: لا حاجة للتفاوض مع الفلسطينيين، ولا حاجة لمعاهدة سلام معه،/ ولا حاجة حتى لصفقة القرن التي تكون قد حققت أهدافها بالكونفدرالية، بإستبعاد القدس وتبقى الوصاية الأردنية الدينية، وإستبعاد اللاجئين. وقضايا الحدود، أي تفريغ القضية الفلسطينية عبر الأردن.

ثامناً: الكونفدرالية تعني منح المواطنة لكل اللاجئين في الأردن، والسلام مع الأردن، وتحويل الفلسطينيين لمجرد سلطة أقل من دولة وأكبر من حكم ذاتي بقليل، وتحويل القضية الى قضية حقوق إنسانية.

تاسعاً: إستبعاد غزة من هذا التصور لأن الهدف هو الضفة الغربية التي لن تسمح إسرائيل بقيام الدولة الفلسطينية فيها وهي القلب لها، والبديل لذلك الأردن. وشرعنة المستوطنات، وشرعنة الإحتلال.

عاشراً: العلاقات بين الأردن وفلسطين أكبر من الكونفدرالية، وأقرب إلى الفيدرالية وذلك مع قيام الدولة الفلسطينية، وبعد ان يتحقق هذا الهدف، قد تطرح مشاريع تكون فيها إسرائيل طرفا لأننا وقتها نحتاج الى أن نفكر خارج الصندوق، وبرؤية مستقبلية متحررة من الأفكار التقليدية، فأقرب الطرق للتعامل مع إسرائيل مشاريع التكامل ولكن بعد قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال.

وأخيرا يقول ان القضية الفلسطينية والتسوية والسلام لا تقبل التأويل، ويبدو لي أيضا أن هذا مرتبط بفشل خيار حل القضية وفشل إدارتها والذهاب لمرحلة تحويل القضية من قضية فلسطينية وقضية حقوق سياسية الى قضية أردنية بحقوق إنسانية.

أنا مع الفيدرالية بعد مرحلة الدولة، ومع التنسيق الان بين فلسطين والأردن، فتبقى الأردن العمق الإستراتيجي والسكاني للدولة الفلسطينية وشعبها ولا حديث بدون غزة وبحرها. وأخيرا ما كتبته إجابة على السؤال كيف تفكر إسرائيل وأميركا

المصدر جريدة القدس
الاخبار العاجلة