من ذاكرة أوسلو -كلينتون طلب إقناع الشهيد عرفات ارتداء سترة مدنية بدلا من سترة عسكرية !

15 سبتمبر 2018آخر تحديث :
من ذاكرة أوسلو -كلينتون طلب إقناع الشهيد عرفات ارتداء سترة مدنية بدلا من سترة عسكرية !

رام الله – صدى الاعلام

أجرت صحيفة ريا نوفستي الروسية حواراً صحفياً مع مستشار الرئيس الفلسطيني  محمود عباس للشؤون الدولية والعلاقات الخارجية د. نبيل شعث.

وفيما يلي نص الحوار :

سؤال: يصادف اليوم ذكرى مرور خمسة وعشرين عاماً على توقيع اتفاقية أوسلو، هل هذا التاريخ سبباً للاحتفال أو الحداد على عملية السلام؟

 الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد وقف هذه العملية، وابتكار نهج جديد وتدمير كل ما تبقى. هو يفعل كل شيء من أجل القضاء عليها. لكن أوسلو معنا، نحن هنا- 6, 5 مليون فلسطيني على أرضه، ونؤمن بالسلام مع الإسرائيليين. اقترحنا على الإسرائيليين دولة ديمقراطية موحدة، متعددة الأديان، ومتعددة الأعراق مع فصل الدين عن السياسة، لكنهم لا يريدون، لأن حل الدولتين، دولتين تعيشان مع بعضهم البعض هو الخيار الوحيد، لا يوجد بديل آخر لأوسلو.

يوجد شعبين يعيشان على أرض، كانت لنا خلال ألف وخمسمائة سنة الأخيرة. من وجهة نظري، اعترفنا بإسرائيل، ومستعدون للعيش جنباً إلى جنب معهم في دولتين. لقد أنشأنا مؤسسات الدولة، واقتصاد مستقل. و138 دول يعترفون بدولتنا. يمكن إصلاح أوسلو، والوقت مبكراً للحزن عليها. طريقة أوسلو ليست كاملة لكن هذا ليس خطأ أوسلو. بل الإسرائيليون يرتكبون الخطأ بدعم الأمريكيين. الولايات المتحدة لا تمارس الضغط الكافي على إسرائيل لتنفيذ أوسلو. يتعين على ترامب أن يخرج أوسلو من المرحلة المتوسطة إلى المرحلة النهائية من أجل الحصول على دولتين، بدلاً من ذلك، يفعل كل شيء ممكن لتدميرها.

سؤال: حدثنا عن مشاركتك في أوسلو؟

 لقد عينني الرئيس الراحل ياسر عرفات لرئاسة هذه المحادثات في واشنطن، لكني في أوسلو لم أكن، وكنت كالكثير متفاجئا من الاتفاقات التي تم التوصل إليها هناك. أذكر اللقاء مع أبو مازن (الرئيس الفلسطيني الحالي) وأبو عمار- ياسر عرفات. لقد أخبرتهم من وجهة نظري، نقاط القوة والضعف في أوسلو. هذه النقائص أصبحت في الواقع مشكلة حقيقية. لم تحل قضية المستوطنات اليهودية بشكل صحيح، وتم تأجيل وضع القدس حتى مفاوضات الوضع النهائي، ولم يتم تحديد الوضع النهائي بوضوح. هذه هي مشاكل أوسلو، وهي مهمة لعملية السلام. كان من المفترض أن نحصل على دولة مستقلة في مدة أقصاها خمس سنوات من توقيع أوسلو. لقد مر الوقت، وما زلنا في المرحلة المتوسطة. وقد حذرت من ذلك.

سؤال: هل هناك أمور أخرى؟

الولايات المتحدة اعترفت بنا، على الأقل، اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية وياسر عرفات، قائدنا، كان يعادل رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين في تمثيل أول اتفاق ثنائي. لقد سمحت أوسلو للقيادة الفلسطينية بالعودة، وأصبح تسعة آلاف عضو في جيش التحرير الفلسطيني قوات شرطة في غزة وأريحا، ثم في جميع أنحاء الضفة الغربية. لقد فتحت الطريق لتسوية النزاع. لقد كان حدثًا تاريخيًا. كنت هناك، وكنت مفوضا بين عرفات والرئيس الأمريكي بيل كلينتون، بين عرفات والسيد اسحق رابين، وكان لدي معهم علاقات جيدة خلال المحادثات في واشنطن ومدريد.

كانت هناك العديد من الصعوبات. سأخبركم عن قصة واحدة. الرئيس كلينتون هاتفني وقال: “أريد أن أطلب تنازلاً مهماً، وهو أمر مهم لضمان نجاح هذا الاجتماع. حسنا، ما هو؟  هل يمكن إقناع السيد عرفات ارتداء سترة مدنية بدلا من سترة عسكرية؟ نعتقد أنه من المهم أن نبين التحول الحقيقي من الكفاح المسلح إلى السلام “.

قلت أسف، لا يمكنني القيام بذلك. لقد حاولت بالفعل عندما جاء إلى الأمم المتحدة في عام 1974. وصلت هناك مبكراً للتحضير لخطابه. ثم أجاب عرفات: “لا، لأن الشيء الرئيسي هو ما تؤمن به، وليس كيف تلبس”. بعد ذلك، ألقى خطابه الشهير: “جئتكم يا سيادة الرئيس حاملاً غص الزيتون بيدي وببندقية الثائر بيدي الأخرى، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي”.

لذلك أخبرت كلينتون أن عرفات لن يفعل ذلك، هذه صورة شعبنا. رد الرئيس على ذلك: “حسناً، سأطلب معروفاً آخراً، هل يمكن أن تطلب منه ألا يقبل ولا يحض، وأن يكتفي في المصافحة”. أجبته: “الأمر صعب للغاية، لكن من أجل السلام سأفعل ذلك”. ونتيجة لذلك، يمكنك أن ترى عرفات يصافح رابين وكلينتون.

بعد هذا التوقيع، جاءني رابين وسألني عما إذا كان بإمكاننا ترتيب اجتماع صغير مع عرفات، هو وأنا. طلبت من كلينتون أن يوفر غرفة لنا في البيت الأبيض، والشيء الوحيد الذي طلبه رابين من عرفات، هو الاتصال بملك المغرب حسن، يطلب منه بأن يسمح لرئيس الوزراء الإسرائيلي التوقف في الدار البيضاء خلال الطريق من واشنطن إلى تل أبيب واستقباله رسميا.  قال عرفات: “أعتقد أنني أستطيع ترتيب ذلك، ولكن لماذا تحتاجه؟”. وأوضح رابين السبب: “أريد أن أبين لشعبي أن توقيع السلام مع الفلسطينيين يفتح لإسرائيل أبواب العالم العربي، وهذا هو الحافز الرئيسي السعي نحو السلام، وليس السلام معكم، بل الطريق إلى السلام مع الدول العربية”. اتصل عرفات على الفور بالملك حسن واتخذ الترتيبات اللازمة لاستقبال رابين في الدار البيضاء.

ثم ظهرت بعض اللحظات الصغيرة، التي تبين كيف أدى هذا الاجتماع في البيت الأبيض إلى ذوبان الجليد، وأعطى الفرصة لإطلاق عملية السلام. أستطيع أن أقول إن عرفات ورابين ملتزمان بعملية السلام، وأن مقتل رابين كانت أول ضربة حقيقية للاتفاق. ورابين قتل على يد المتطرفين الإسرائيليين اليهود الذين لم يريدون تنفيذ اتفاقات أوسلو، ولم يريدون وقف مشاريع البناء في المستوطنات، ولا يريدون تطوير العلاقات، التي من شأنها أن تؤدي إلى دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل.

أتذكر كيف أخبروني عن قتل رابين، ذهبت لرؤية عرفات. كان يقف في مكتبه بجوار الكرسي. قلت له: “أبو عمار، رابين اغتيل للتو. لقد قتل”. وانهار عرفات، انهار على الكرسي. قال لي: “نبيل، اليوم مات اتفاق أوسلو”.

هذا يمكن أن يعطيك فكرة عن مدى أهمية هذين الزعيمين. بعد عدة سنوات، قتل الإسرائيليون ياسر عرفات. وأصبح موت عرفات ضربة قوية أخرى لأوسلو.

سؤال: هل تعتقد أن مبادرات إدارة الرئيس ترامب: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، تخفيض المساعدات للفلسطينيين، إغلاق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن – مسار طويلة الأجل للسياسة الأمريكية أو مع تغيير الرئيس، فإن الوضع سيعود إلى طبيعته، إلى عهد كلينتون أو باراك أوباما؟

 ترامب- خبر سيء للجميع في أمريكا وبقية العالم. لقد تغير ميزان القوى في العالم، ولا يرغب الاعتراف بذلك. يقول ترامب إنه يريد أن يجعل أميركا عظيمة مرة أخرى، ولا أحد يشكك بأن أمريكا بلد عظيم. لكن الحقيقة هي أن أميركا لم تعد الدولة العظمى الوحيدة في العالم. هناك روسيا، وروسيا ليست كعام 1991. اليوم روسيا قوة عظمى في العالم. والصين عملاق اقتصادي. وأصبحت أوروبا مهمة للغاية في المعنى السياسي والتكنولوجي. وجنوب أفريقيا مهماً. العالم يتغير، ونحن نتجه نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب، وترامب يواصل ارتكاب أخطاء فظيعة، لأنه يعتقد أن أمريكا لا تزال قادرة على حكم العالم بمفردها. لن يحصل ذلك. لهذا السبب رفضنا خططه، ورفضناه بذاته. لا نريد أن تكون الولايات المتحدة الوصي الوحيد على عملية السلام في الشرق الأوسط. علاقاتنا مع الدول الأخرى، مع روسيا والصين وأوروبا مبينة على القانون الدولي والصداقة والتعاون والرغبة الصادقة في تحقيق السلام.

ليس لدى السيد ترامب أي خطة. إنه لا يتشاور معنا حينما يتحدث عن صفقة القرن. الصفقة تحتوي على شريكين، وإلا لن تكون صفقة. نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وأعلن أن المدينة عاصمة للشعب اليهودي. وأوقف مساعدة الأونروا، قائلاً إن اللاجئين ليس لهم الحق في العودة إلى فلسطين. وأمر وزارة الخارجية الأمريكية بعدم استخدام عبارة “المحتلة” بالرجوع إلى الضفة الغربية وغزة. وأعطى تعليمات لهالي، المرأة التي تمثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، ليس لانتقاد الاستيطان الاستعماري الذي ينخرط فيه الإسرائيليون. لقد غير كل شيء لصالح إسرائيل، ولصالح نتنياهو.

أهدافه لا علاقة لها بفلسطين. انه يسعى لشراء نتنياهو ولممارسة الضغط على العرب لكي يحارب الإسرائيليين والعرب وخاصة دول الخليج ومصر من أجله مع إيران وأن يحدوا من تنامي نفوذ روسيا في سوريا وأماكن أخرى في المنطقة. هذه لعبة سياسية ستدمر حقوق الشعب الفلسطيني، لعبة سياسية لا يمكن أن تتوج بالنجاح.

ولذلك رئيسنا يحدد: “أريد السلام، وأنا أريد السلام على أساس حل الدولتين، وانا ما زلت التزام بأوسلو، وإذا أردنا الآن أن نفعل شيئا، فمع روسيا والصين وأوروبا والولايات المتحدة، وربما شركاء آخرين. وليس مع الولايات المتحدة وحدها. نحن لا نستبعد الولايات المتحدة، لكن لا نريد من الولايات المتحدة أن تستبعد روسيا والصين وأوروبا. وأريد أن تكون هذه العملية على أساس اتفاقات أوسلو، وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. حينا سأنضم إلى عملية السلام، بدونها، لا، لن أشارك في هذه العملية، لا أريد أن أسيء إلى أي شخص – السياسة المجنونة التي ينفذها السيد ترامب دون محاسبة معنا”.

سؤال: – سيلقي الرئيس عباس خطابا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ووفقا لبعض التقارير، قد يحتوي الخطاب على تصريحات هامة، على سبيل المثال، سيعلن أن فلسطين دولة تحت الاحتلال أو يقول إن عملية أوسلو ميتة. هل هذا صحيح؟

 سيوضح الرئيس عباس رفضنا لخطة السيد ترامب وسياسته. بشكل تمام وليس لبس فيه. وبأننا مستعدون للعودة فقط إلى طاولة المفاوضات مع العديد من المشاركين، مدفعوعين بالميثاق وقرارات الأمم المتحدة، الاتفاقيات التي وقعناها منذ 25 عاما. وسيطرح الأمر بشكل واضح. سيطلب الاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. نحن بالفعل عضو مراقب، ولتنفيذ هذه الخطوة يتطلب موافقة مجلس الأمن، لكن قبل الولايات المتحدة ستحظر الطلب. لكنه سوف يطلب ذلك. سوف يطلب مرة أخرى بحماية دولية. وسوف يثير مرة أخرى مسألة معاقبة إسرائيل على ما تفعله ضد شعبنا. لقد تم إيضاح كل هذا بالفعل، ولكن سيكون هناك بيان شامل أخر، حيث سبين للعالم سياستنا بكل وضوح.  ونحن نريد السلام، ولكن ليس مثل هذا السلام.

سؤال: – ذكرت وسائل الإعلام أن روسيا اقترحت تنظيم لقاء بين الرئيس عباس ورئيس الوزراء نتنياهو في موسكو على هامش كأس العالم لكرة القدم. يقال إن الفلسطينيين قد أيدوا ذلك، لكن الإسرائيليين رفضوا المبادرة. هل يمكنك تأكيد ذلك؟

 إنه كذلك. اقترحت روسيا ذلك مرتين. وقال نتنياهو إنه على استعداد للاجتماع، بينما كان يعتقد أن السيد عباس لن يوافق على ذلك. في اللحظة التي قبل فيها الرئيس عباس الاقتراح، أصبح نتنياهو يبرر بقوله “الوقت غير مناسب الآن”، “لدي مشاكل سياسية داخلية”، “في مرة أخرى”. عندما اقترحت روسيا مجداً ذلك خلال بطولة كأس العالم، قال نتنياهو لا.

سؤال: هل يخطط الرئيس عباس لزيارة موسكو مرة أخرى؟

 هناك دائما مثل هذه الخطط. لكن هذه مسألة وقت. علاقتنا مع روسيا كانت دائما علاقة الحلفاء والأصدقاء. ونحن نقوم على تنسيق جميع القضايا. أنا مع نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، أترأس لجنة العمل الروسية الفلسطينية لمنطقة الشرق الأوسط. في بعض الأحيان يكون هذا على مستوى الرؤساء عباس وبوتين، ولكن على أساس دائم، فإننا نتشارك مع السيد بوغدانوف.

سؤال: هل عرقلت رام الله اتفاق وقف إطلاق في قطاع غزة بين حماس وإسرائيل؟

 قبل ذلك، كانت هناك ثلاث محاولات للاتفاق على وقف إطلاق النار – في 2009 و2012 و2014. لفترة طويلة لم تكن هذه الاتفاقيات كافية. والآن يجري الحديث عن عملية طويلة الأجل، ولا يمكن أن تتعامل معها سوى حكومة فلسطينية واحدة ومستقلة. لا أحد يعترف بحماس حكومة فلسطين أو غزة. هنا يوجد انفصالية. ثم لا يمكنك الدخول في اتفاق، والتخلي عن الكثير من الأمور، بما في ذلك المطار الذي سيكون غير واضح، والميناء البحري، الذي سيكون إما على سيناء، أو في قبرص. ما هذا الاتفاق؟ لقد أصرينا فقط على ضرورة الاتفاق المبدئي على الوحدة الوطنية. عندما يحدث هذا، دعونا نتفاوض مع إسرائيل.

سؤال: هل وافق المصريون بصفتهم الوسطاء في عمليتي تسوية الوضع في قطاع غزة والمصالحة الفلسطينية مع موقفكم؟

 نعم، لقد أعطى المصريون بوضوح بأنه لن تكون هناك اتفاقيات طويلة الأجل حتى يتم تحقيق الوحدة الوطنية.

سؤال: هل ترى احتمال نشوب حرب جديدة في قطاع غزة؟

 “أنا لا أعرف. الإسرائيليون يتحدثون عن الحرب. لقد خاضوا بالفعل هناك ثلاثة حروب. في كل مرة أدى هذا إلى الدمار، وقتل المدنيين الأبرياء، إذا حدثت الحرب، فذلك لأسباب سياسية إسرائيلية داخلية فقط. لا أدري ما إذا كان الإسرائيليون يريدون القتال مرة أخرى أم لا. لن تغير الحرب أي شيء، لن تؤدي إلا لزيادة معاناة غزة، وزيادة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، حيث سيقوم ترامب بمزيد من الأمور الفظيعة مع عملية السلام. نحن ضد الحرب، نحن ملتزمون بالمقاومة السلمية والشرعية الدولية.

 

 

المصدر ريا نوفستي
الاخبار العاجلة