لماذا اغتال الموساد ماجد أبو شرار؟

10 أكتوبر 2018آخر تحديث :
لماذا اغتال الموساد ماجد أبو شرار؟

باسم برهوم-الحياة الجديدة

قبل 37 عاما، اغتال الموساد في العاصمة الايطالية روما، القائد الوطني الفلسطيني ماجد ابو شرار، عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، مسؤول الاعلام الفلسطيني الموحد. وفي كل سنة ونحن نتذكر هذا القائد الكبير يتبادر إلى ذهننا السؤال ذاته، لماذا اغتال الموساد ماجد ابو شرار؟

قد يبدو السؤال غريباً، خصوصاً اذا علمنا ان جهاز المخابرات الاسرائيلية الموساد قد اغتال معظم القادة المؤسسين لفتح وفي مقدمه هؤلاء القائد التاريخي للشعب الفلسطيني ياسر عرفات “ابو عمار”، وخليل الوزير “ابو جهاد”، وكمال عدوان، وأبو يوسف النجار وكمال ناصر وغيرهم، كما اغتال الموساد عددا كبيرا من قادة فصائل الثورة الفلسطينية لعلنا نذكر من أبرزهم الكاتب والأديب الفلسطيني غسان كنفاني.

“الموساد” كان يتابع عن كثب أبو شرار ويتابع دوره الرائد والمهم في فتح وفي الثورة الفلسطينية، وعندما قرر ان يغتاله كان يدرك أهمية هذا القائد الفلسطيني، فبالإضافة إلى كون أبو شرار أحد مؤسسي فتح، فإنه كان احد مفكريها ومنظريها الأساسيين، وكان له دور بارز في تأسيس اعلام الحركة وصياغة خطابها الوطني عبر جريدة فتح التي كان هو رئيس تحريرها، هذه الجريدة التي بدأت في الصدور في الاردن عام 1968 لعبت دوراً في صياغة الوعي الوطني وحشد الطاقات لأجيال من الشعب الفلسطيني وكانت سبباً في وحدة الشعب الفلسطيني على أهداف الحرية والاستقلال، وهو يحدث للمرة الأولى منذ نكبة 1948. ولكون ماجد هو أحد من صاغوا هذا الوعي الوطني وهو أبرز من صاغ الخطاب الإعلامي لفتح والثورة، فقد كلف عام 1973 بمسؤولية الاعلام الفلسطيني الموحد التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك بعد ان اغتال الموساد مسؤول هذا الاعلام السابق القائد الشهيد كمال عدوان.

كان جهاز الاعلام الموحد مؤسسة اعلامية كبيرة ومؤثرة فلسطينيا وعربيا ودوليا، هذا الاعلام كان يضم وكالة الانباء الفلسطينية “وفا”، اذاعة صوت الثورة، جريدة ومجلة فلسطين الثورة، جهاز الاعلام الخارجي، الذي كان يخاطب العالم بخمس لغات “الانجليزية والاسبانية والفرنسية والروسية والالمانية”، إضافة إلى جهاز الاعلام الجماهيري ومؤسسة السينما الفلسطينية، ومركز التوثيق والمعلومات، الذي أنشأه ماجد قبيل استشهاده بأشهر قليلة.

أهمية ابو شرار لم تقتصر على كونه مفكراً ومنظرا وإعلاميا وأديبا، بل لكونه مفصلا رئيساً في حركة فتح وفي الثورة الفلسطينية وأحد الضامنين لوحدة فتح، فكما هو معروف فإن تيارات سياسية وفكرية كانت تتصارع وتتعايش داخل فتح. ماجد ابو شرار كان الممسك لمفتاح التيار اليساري داخل فتح، وكان ضابطا لحركة هذا التيار والحريص على ضمان التوازنات الداخلية في فتح، فالشعار الذي كان يردده دائماً “وحدة فتح هي الأهم، وهي العامل الحاسم لوحدة الثورة والشعب”. وفي هذا المجال يمكننا ان نتخيل دور ماجد وأهميته عندما نعلم انه وبعد اغتيال الموساد له بعام حصل الانشقاق الخطير داخل فتح وداخل منظمة التحرير الفلسطينية، الذي ألحق اضرارا فادحة بالشعب الفلسطيني، وتضحيات كبيرة الى ان استعادت فتح والمنظمة وحدتها.

ماجد ابو شرار كان وطنيا فلسطينيا حتى النخاع، فتحويا اصيلا، يدرك الأهمية المركزية لفتح في النضال الوطني الفلسطيني، باعتبارها حركة الشعب الفلسطينية الوطنية. ماجد كان مفكرا فذا ومثقفا متعدد الثقافات، وكان كاتبا واديبا وروائيا… انسان بكل هذه المواصفات وهذه الاهمية كان لا بد ان يغتاله الموساد.

الاخبار العاجلة