الدم الفلسطيني ليس رخيصا

14 أكتوبر 2018آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

عمر الغول -الحياة الجديدة

تسعة شهداء سقطوا يوم الجمعة الماضي، سبعة منهم في قطاع غزة، وإثنان في الضفة من بينهم إمرأة شابة، قتلت على يد قطعان المستعمرين الإسرائيليين القتلة. هذه الدماء الزكية للأطفال والنساء والشباب الفلسطيني تسلط الضوء على انفلات وحشية جيش الموت الإسرائيلي ورديفهم الثابت من المستعمرين من عقالها، وتطرح علامة سؤال مجددا على استهتار دولة الاستعمار الإسرائيلية بالقانون الدولي وكل المواثيق والمعاهدات الدولية وخاصة اتفاقيات جنيف الأربع ، وحقوق الإنسان، وتطاولها المجنون على أبناء الشعب العربي الفلسطيني دون أي سبب يذكر، سوى أنهم مواطنون فلسطينيون، ولأنهم يدافعون عن حقوقهم بشكل سلمي لإيقاظ الضمير العالمي من سباته، ودق جرس الإنذار امام كل صاحب ضمير كي يستيقظ على المآلات المرعبة، التي تخطط لها دولة إسرائيل الخارجة على القانون الدولي.

مؤكد أن دولة الاستعمار الإسرائيلية ارتكبت قبل نشوئها (العصابات الصهيونية المختلفة) وبعد قيامها العشرات من المجازر والحروب. عكست من خلالها تخندقها في خنادق الاستعمار الإجلائي والإحلالي بهدف فرض خيار الترانسفير على أبناء الشعب العربي الفلسطيني، ويتعمق هذا الاتجاه اللاأخلاقي والإجرامي مع التماهي المطلق معها من قبل إدارة ترامب الأميركية، ونتاج صعود الفاشية فيها إلى مرحلة متقدمة مع إقرارها لقانون “القومية الأساس”، الذي يعتبر ذروة جديدة في مسارها الاستعماري، ونتاج سقوط أهل النظام السياسي العربي المتهالك في متاهة التطبيع المعلن وغير المعلن، وبسبب مواصلة قيادة الانقلاب الحمساوية لخيار الانقلاب الأسود على حساب المصالحة والوحدة الوطنية، واندفاع قيادة حركة حماس للتساوق مع إسرائيل وأميركا مع توقيعها على الهدنة المجانية الجديدة وفق مبدأ “الهدنة مقابل الهدنة ورفع الحصار”، وهو ما يعني الانغماس حتى آذان قادة الانقلاب من جماعة الإخوان المسلمين في وحول المستنقع الإسرائيلي الأميركي.

الجريمة والمجزرة الإسرائيلية الجديدة تنذر بما هو قادم من تصاعد حاد في دورة سفك الدماء الفلسطينية من قبل إسرائيل الاستعمارية، لأنها تعمل وفق خطة تقوم على كي الوعي الفلسطيني بقوة القتل والموت لزرع الإرهاب والخوف في اوساطهم، ودفعهم دفعا نحو “الهرب” و”الرحيل الطوعي” من ديارهم مجددا لبلوغ هدف “دولة إسرائيل الكاملة” على كل فلسطين التاريخية.

لكن الإسرائيليين على ما يبدو لا يريدون أن يتعلموا من تجربة الحياة، ومسيرة الصراع المرة طيلة العقود الماضية، ويتجاهلوا عن غباء وشطط سياسي وسيكولوجي، أن الشعب العربي الفلسطيني الذي اكتوى بنيران النكبة 1948 والنكسة 1967، لم يعد ساذجا، وتعلم من دمه الحي، ومن معاناته المرة أن بقاءه أعظم وأهم من كل المجازر، وتعلم أن يبقى متجذرا في تراب وطنه، وألا يسمح لنفسه بالانسحاب من ميدان الصمود والدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية، ومواجهة مخرز القتلة الإسرائيليين بكل الوسائل والسبل السلمية والقانونية ليفضحهم ويعريهم أمام العالم الحر،ويكشف مرة تلو الأخرى عن وجه الفاشية الإسرائيلية.

وهذا يتطلب مجددا من العالم وقواه الحية الوقوف لمرة واحدة عند مسؤولياته ليدافع عن القوانين والمعاهدات الدولية وحقوق الإنسان، وينصف الشعب العربي الفلسطيني، ويصون ما تبقى من خيار السلام، هذا إن تبقى شيء منه. وفي المقابل مطلوب من القيادة وجهات الاختصاص لديها ملاحقة إسرائيل في المحافل الأممية ذات الاختصاص: لجنة حقوق الإنسان، محكمة الجنايات الدولية والجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي لرفع الكرت الأحمر في وجهها. كما ان الضرورة تملي على قيادة حركة الانقلاب الأسود التوقف عن التجارة بدماء ابناء الشعب الفلسطيني من الأطفال والنساء والرجال، والكف عن العبث بمصير الشعب الفلسطيني.

الاخبار العاجلة