طرد الطيبي وزحالقة وغنائم من الكنيست الصهيوني شرف لجميع الفلسطينيين

29 ديسمبر 2018آخر تحديث :
طرد الطيبي وزحالقة وغنائم من الكنيست الصهيوني شرف لجميع الفلسطينيين

بقلم: فيصل ابو خضرا عضو المجلس الوطني الفلسطينيعن جريدة القدس

لا بد أن تعي الحكومات العربية والعالمية بأن الكنيست الاسرائيلي تأسس أصلاً لخدمة المستعمرين الجدد، فمنذ إعلان قيام دولة الصهيونية وانتخاب أعضاء الكنيست الاسرائيلي وحتى يومنا هذا فان أكثر من ثمانين بالمائة من قوانينها وقراراتها مجحفة بحق الشعب الفلسطيني بل وتستهدف شعبنا وحقوقه، وخصوصاً بعد احتلال جميع الأراضي الفلسطينية في العام ١٩٦٧م.

ما شهدناه مؤخراً من قيام الكنيست الصهيوني بطرد الإخوة النواب الدكتور أحمد الطيبي وجمال زحالقة ومسعود غنايم بسبب مواقفهم المشرّفة ما هو الاّ أوسمة شرف على صدورهم، وشعبنا الفلسطيني داخل ما يسمى بــ “الخط الأخضر” وفي غزة والضفة والشتات يحيي هؤلاء الأعضاء ويشدّ على أياديهم دفاعاً عن الحق الفلسطيني وحقوق الإنسان، التي يدوسها يومياَ أعضاء الكنيست الصهاينة الذين يتنكرون للحق والعدل ولحقوق شعبنا المشروعة.

ان من السخف والحماقة من قبل رئيس الكنيست ومن ورائه الأعضاء الذين يؤيدون قتل الفلسطينيين وضم الاراضي المحتلة ومناهضة القوانين والقرارات الدولية أن يقدموا على هذه الخطوة فيما يمارس الاحتلال الذي يدافعون عنه والمستوطنون أبشع الجرائم بحق شعبنا مثل مجزرة الحرم الابراهيمي واحراق الطفل الشهيد محمد ابو خضير واحراق عائلة دوابشة والجرائم ضد المدنيين العزل وممتلكاتهم، وقمع هذا الاحتلال للمظاهرات السلمية وما يتخلله من قتل جماعي للفلسطينيين من جميع الأعمار بينما تبجّح دولة الاحتلال بالديمقراطية ومشاركة الغرب قيم الحرية وحقوق الانسان وهي أبعد ما تكون عن ذلك.

وأذكر انه في العام ١٩٩٤ م وفي بيت السفير المصري في هرتزيليا في حينه، الاخ محمد بسيوني رحمه الله، كان لي مقابلة مع اسحق رابين، رئيس وزراء اسرائيل الأسبق، اذ قال رابين بأن اسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تُمارس الديمقراطية، وكان جوابي له بأن هذا غير صحيح وأكبر دليل على ذلك ما تمارسه المحاكم الاسرائيلية من تفرقة عنصرية وليس فقط في الأراضي المحتلة ولكن أيضا ضد الفلسطينيين في اسرائيل ، وهذا واضح للعيان في الأحكام القاسية ضد الفلسطينيين والتسامح الواضح مع جرائم المستوطنين.

إن المصادقة الأولية على مشروع قرار طرد عائلات منفذي العمليات، في الكنيست دليل على بربرية عقلية أعضاء الكنيست، مما دفع النواب العرب الى رفض هذا القرار بالطريقة الديمقراطية وليس بالقوة المسلحة، فأقدم المتشدّقون بالديمقراطية في الكنيست على طرد هؤلاء الشرفاء الذين رفضوا هذا القرار وعبروا عن موقفهم الشجاع.

ومن ثم يأتينا سيّء الذكر، جيسون غرينبلات، باتهام ” فتح” بعد أن نعت الشهيدين البرغوثي ونعالوة ليزعم ان ذلك ” عمل مشين” ونسي أو يتناسى هذاالصهيوني بأن الاحتلال لم يترك شيئاً الا وفعله، من قتل للأطفال والشباب والشابات وحتى المقعدين والصحفيين ورجال الإسعاف بدم بارد، ولم يكتف الاحتلال بهذا بل يحتجز جثامين الشهداء، كما ينسى ما يرتكبه المحتل من سرقة الأراضي العامة والخاصة والاستيطان وهدم البيوت، ليس فقط لعائلات منفذي العمليات ضد الاحتلال ومستوطنيه، بل يتم الهدم ايضا بدعوى عدم الترخيص الذي تمنعه سلطات الاحتلال نفسها و يحول دونه شروط تعجيزية مثل المبالغ الطائلة للترخيص التي قد تصل الى أكثر من سبعين الف دولار. وعلى غرينبلات ان يدرك أن من المشين حقاً أن تدعم بلاده هذا الاحتلال غير المشروع الذي أدانته الغالبية الساحقة من دول العالم وشعوبه.

الخان الأحمر أكبر دليل على وحشية الاحتلال ذلك لأنهم يريدون توسعه مستعمراتهم المسلحة وبناء طرق لفصل القدس الشريف عن باقي الأراضي المحتلة على حساب المواطنين البدو الفلسطينيين والذين عاشوا وسكنوا في هذه البلاد قبل قيام اسرائيل.

وكما ذكرنا سابقا فإن وجود هذا البرلمان الاسرائيلي ، يستهدف تكريس الاحتلال واصدار القوانين لتوسيع وبناء المستوطنات في الأراضي المحتلة والدفاع عن الجرائم التي يرتكبها المستعمرون الجدد واستهداف كل ما يخص الفلسطينيين، بينما لا يصدر هذا الكنيست أي قوانين أو قرارات تدين ما يرتكبه المستعمرون والمتطرفون من جرائم حتى داخل “الخط الأخضر”.

لقد فضح وجود أعضاء الكنيست العرب أسطورة ” اسرائيل الديمقراطية” وعروا تضليلها وأكاذيبها، وهو ما يضاف الى معارضة دول العالم بما فيها أوروبا، ومنها بريطانيا التي أجرمت بحق الشعب الفلسطيني منذ اعلان بلفور وقبل وعد اعلان بلفور وأخيراً التحقت بدول العالم، معارضة ممارسات الاحتلال وتأييد مطالب شعبنا العادلة، ما عدا عدوتنا اميركا وبعض الدول التي لا يتجاوز عددها أصابع اليد، التي تعيش على حفنة من الدولارات الاميركية والتي باعت ضمائرها لأجل دولة احتلال عنصرية. ومن ثم يطلع علينا هذا البرلمان الصهيوني بطرد بعض أعضائه لانهم أدلوا بما يقتنعون به بطريقة ديمقراطية ، وليدافع هذا البرلمان عن الاحتلال غير المشروع ويجرّم حق شعبنا في مقاومته، والتي أجازها القانون الدولي.

وهنا نسأل الحكومة الأميركية بقيادة ترامب، الذي عين ثلاثة أعضاء يهود أشدّ تعصبا من اليمين الاسرائيلي وهم الصهاينة جاريد كوشنر وديفيد فريدمان، سفير اميركا لدى اسرائيل وسيء الذكر جيسون غرينبلات، لإعداد ما سمي “صفقة القرن” هؤلاء الثلاثة أشد المؤيدين لبناء المستعمرات الاسرائيلية على حساب الاراضي الفلسطينية هل يعقل كل هذا ؟! وأخيرا تأتينا نيك هيلي المندوبة الاميركية السابقة في الأمم المتحدة، بشرعنة هذه المستعمرات والدفاع عنها، وبهذا تلغي هذه الصهيونية القرار رقم ٢٣٣٤ الذي صدر باجماع أعضاء مجلس الأمن وامتناع أميركا، وهذا ان دل على شيء فهو يدل على أن اميركا وربيبتها اسرائيل ليس لديهما سوى استعمال البلطجة لأجل خدمة الاحتلال، والأنكى من ذلك ما يصرح ترامب به علناً بأن أميركا لن تستطيع خدمة دول المنطقة بدون ثمن، وينسى بأن اسرائيل هي التي تكلف الخزينة الأميركية ما لا يقل عن أربعة مليارات دولار سنوياً لحماية أمنها وللهيمنة على المنطقة.

وهذا طبعا يأتي من جيوب الشعب الاميركي ، بينما الدول العربية وخصوصا الخليجية تدفع قيمة كل قطعة سلاح مما يدعم الاقتصاد الأميركي.

ومثال آخر على المواقف المشرّفة في الكنيست للنواب العرب، هو أنه بتاريخ ١٥-١١-٢٠١٦ وكرد فعل على مشروع وقف الآذان في القدس الشريف بدعوى أن هذا الاذان يزعج المستعمرين الجدد، مما دفع المناضل الدكتور أحمد الطيبي والسيد طلب ابو عرار بالوقوف على المنصة أمام جميع أعضاء الكنيست من اليمين المتطرف الى ” اليسار” وأقاموا الآذان بالكامل أمام دهشة هؤلاء الأعضاء .

فهذه الدولة العنصرية التي اخترعها الغرب لتكون أداة تدميرية في المنطقة فشلت فشلاً ذريعاً أمام الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧م وفي الداخل الفلسطيني والشتات .

وبهذه المناسبة لا بد من ذكر المناضل الشيخ رائد صلاح من أم الفحم الذي تصدى لعربدات المستعمرين وله مواقفه المشرفة في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك.

لذلك فإننا نقدر ونثمن مواقف هؤلاء النواب العرب ومواقف القيادات العربية في الداخل الفلسطيني ونشكرهم على مواقفهم الشجاعة في مواجهة ما ترتكبه حكومة نتنياهو وسيء الذكر بينيت والمتطرفة اييليت شاكيد وغيرهم من عدوان سافر على الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.

شعبنا الفلسطيني لن يركع ولن يتنازل عن وطنه وعن حقوقه المشروعة في التحرر من هذا الاحتلال واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وعودة لاجئيه إلى ديارهم التي هجّروا منها قسراً.

واخيراً لا بد من التأكيد أننا في هذه الظروف الدقيقة والحرجة وأمام كل هذه التحديات وبعد ان أنتهت ولاية المجلس التشريعي الذي تعطل منذ سنوات سواء بسبب الانقسام أو بسبب الاحتلال، ليس لنا الاّ المسارعة الى أنهاء هذا الانقسام واستعادة وحدتنا الوطنية، الدرع الحامي لنضالنا ولحقوق شعبنا، ولا مناص من العودة الى صناديق الاقتراع واجراء الانتخابات العامة حتى يمارس شعبنا حقه الطبيعي، ويجب على جميع القوى والفصائل احترام ارادة هذا الشعب والقبول بنتائج الانتخابات والمسارعة الى وضع الخطط والبرامج والاستراتيجية لمواجهة كل هذه التحديات.. عندها فقط يزول هذا الانقسام المأساوي.

ومهما طال الزمن فإن الاحتلال سيزول لأن هذا الجيل والأجيال القادمة تتمسك بحقوق شعبنا وتصر على انتزاع هذه الحقوق وذلك عكس ما ردده قادة الصهيانية مثل غولدا مئير بأن الكبار سيموتون والصغار سينسون وطنهم الأصلي فلسطين، وهو ما لم ولن يحدث أبداً.

المصدر جريدة القدس
الاخبار العاجلة