جريمة جبانة

5 يناير 2019آخر تحديث :
حماس
حماس

بقلم: عمر حلمي الغول عن الحياة الجديد

جريمة اقتحام مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية في مدينة غزة صباح أمس، جريمة خطيرة وجبانة، وتعكس المآل، الذي تتجه له حركة الانقلاب الحمساوية ومن والاها من الزعران والمرتدين. وتكشف وجها قديما جديدا في سياسة الحركة الانقلابية، التي تعمل بشكل منهجي على تكميم الأفواه، وإسكات الصوت والرأي الآخر، ورفض حرية التعبير، والانتقام من الصوت الوطني الأبرز، الذي شكل حاضنة للكل الفلسطيني، وناقلا أمينا لصورة النضال الوطني منذ أن تأسست الهيئة عشية نشوء وولادة السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994.

هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية كانت، وما زالت منارة للذود عن الهوية والشخصية الوطنية، وحمل منتسبوها منذ اليوم الأول حتى الآن، وإلى ما شاء الله راية الكلمة الحرة والنزيهة، وتخندقوا في كل مواقع العطاء والبذل لإعلاء الكلمة الشجاعة، وكانوا في مقدمة الصفوف في كل المعارك، التي خاضها الشعب الفلسطيني، وقدموا التضحيات الجسام من الشهداء والجرحى، بالإضافة للمعدات، وحتى مواقع ومباني الهيئة تعرضت دوما للتدمير والتخريب من قبل جيش الاستعمار الإسرائيلي، ومن قبل الانقلابيين الحمساويين زمن الانقلاب الأسود عام 2007، وطيلة الأعوام الماضية. ومع ذلك لم يتوقف رؤساء الهيئة المتعاقبين ولا كوادرها ولا مراسليها ومذيعيها وفنييها من مواصلة مشوار العطاء وتقدم الصفوف الإعلامية لتغطية الأحداث، ونقل الصورة لحظة بلحظة للشعب العربي الفلسطيني ولكل العالم، ليشهدوا على الجرائم البشعة، التي ترتكب بحق الشعب ومناضليه ومؤسساته وروايته الوطنية.

ما جرى أمس الجمعة كان عملا جبانا وخسيسا، ولا يستوي مع ابسط معايير حقوق الإنسان والمهنة الإعلامية، وأماط اللثام عن عقم وإفلاس من ارتكبوا الجريمة الرخيصة، والمتناقضة مع كفاح الشعب وممثله الشرعي والوحيد، منظمة التحرير وسلطته الوطنية. وشكل انتهاكا فاضحا للنظام الأساسي، وللمعايير الوطنية والمهنية.

ولا يمكن التعامل مع ما صرح به المدعو سلامة معروف، الناطق باسم مؤسسات الانقلاب الحمساوية إلا بنوع من الإهمال، واللامبلاة، لاسيما ان الفاعل ايا كان اسمه، وهويته، وموقعه السياسي والتنظيمي، لا يمكن له ان يرتكب جريمته دون أن يكون أخذ الضوء الأخضر من قيادة الانقلاب، وضمن الحماية على جريمته من قبلها. وبالتالي المسؤول الأول عن عملية التدمير للمعدات من كاميرات التصوير، وأجهزة الهندسة الفنية المختلفة، والاعتداء على العاملين في الهيئة، هو حركة حماس، ولا أحد سواها. وهو مرتبط أشد الارتباط بما قامت به مليشيات حماس خلال الأيام القليلة الماضية من حملة الاعتقالات الجبانة والمسعورة، التي طالت المئات ضد قيادات وكوادر حركة فتح أثناء إيقاد شعلة الثورة في ميدان فلسطين، وهو ما يكشف مجددا عن هدف قيادة حماس التخريبي في تعميق عملية الانقسام، وتأبيد الإمارة الحمساوية، التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من خطة صفقة القرن الأميركية الإسرائيلية.

وكانت صحيفة “الأخبار اللبنانية” نقلت أول أمس الخميس الموافق 3 يناير الحالي عن مسؤول في حركة حماس، ان حركته ستقوم بتسليم مؤسسات ومكاتب ومقتنيات حركة فتح إلى ما يسمى التيار الإصلاحي، ومنع ممثلي حركة فتح من الوجود في قطاع غزة، والعودة مجددا للقرار الجبان، الذي اتخذته الحركة بعد الانقلاب في أواسط عام 2007، وهو “اجتثاث حركة فتح” في المحافظات الجنوبية، الذي يرأسه المفصول من عضوية حركة فتح، محمد دحلان. وهو ما يكشف النية المبيتة لدى فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين بالمسؤولية عما حصل أمس ضد هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية، التي لا تمثل حركة فتح وحدها، انما هي صوت الكل الفلسطيني، وهي مؤسسة وطنية بامتياز.
أمام الجريمة البشعة، التي نفذتها حركة حماس ومن والاها وتواطأ معها، فإن المسؤولية الوطنية تحتم على الكل الوطني من فصائل فلسطينية ونخب سياسية وثقافية وإعلامية وأكاديمية واقتصادية واجتماعية ومنظمات المجتمع المدني التصدي للجريمة الجبانة دون تردد، أو تلكؤ، وتحميل المسؤولية لحركة حماس، التي تحاول تحميل المسؤولية لجهة غير معلومة. آن الأوان لأن يرتفع الصوت الوطني واضحا وجريئا وقويا في رفض الانتهاك الخطير، الذي حصل أمس، والدفاع عن الذات الوطنية.

كما تملي الضرورة على قيادة هيئة الإذاعة والتلفزيون ونقابة الصحفيين تقديم شكوى لاتحاد الصحفيين العرب، وللجامعة العربية، ولاتحاد الصحفيين الدوليين لملاحقة المجرمين عموما وقيادة حماس خصوصا. ومحاولة حماس التبرؤ من الجريمة لا يعني بحال من الأحوال التغطية على ما اقترفته من عمل دوني وجبان، لأنها المسؤول الأول والأخير عما حصل.

المصدر الحياة الجديدة
الاخبار العاجلة