ديختر والتحريض المسخ

27 يناير 2019آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

عمرالغول- الحياة الجديدة

في خضم الحملة الانتخابية في دولة الاستعمار الإسرائيلية تحتل عملية التحريض والقتل والإرهاب ضد ابناء الشعب الفلسطيني مكانة مركزية في أوساط الأحزاب والقوى والكتل الإسرائيلية بمختلف مشاربها، ولا يتورع ممثلو القوى عن استخدام أبشع وأحط الأساليب دونية وهمجية في التحريض على القيادات والقوى الفلسطينية عموما وشخص الرئيس محمود عباس خصوصا، واستهداف الشخصية والهوية الوطنية بشكل مباشر.


آخر ما تفتقت عنه عقلية رئيس الشاباك، ووزير الأمن السابق، آفي ديختر للتحريض على شخص الرئيس عباس وأسرى الحرية والهوية الوطنية من خلال إنتاج وإخراج شريط فيديو قميء، عكس فيه الانحطاط الأخلاقي والسياسي، الذي أكد فيه على دوره العنصري والفاشي في صياغة قانون “القومية الأساس”، الذي صادق عليه الكنيست المنحل في 19 تموز/ يوليو 2018، واستهدف من خلاله استقطاب الشارع الإسرائيلي لصالح حزبه “الليكود” اليميني، الذي يعاني من أزمة ثقة نسبية مع الشارع الإسرائيلي نتيجة قضايا الفساد، التي تلاحق زعيم الحزب، ورئيس الحكومة، نتنياهو، رغم انه الحزب والقائد الإسرائيلي الأوفر حظا في تبوء مركز الصدارة في الانتخابات القادمة وفق كل استطلاعات الرأي حتى الآن، ما لم تحدث تطورات مغايرة للواقع الراهن. وكأن معادلة الشارع الإسرائيلي تقوم على قاعدة جذرها: كلما كنت قائدا فاسدا، ومجرما ومستبيحا للدم الفلسطيني، كلما كنا معك!


وتناسى ذلك القاتل المجرم، ديختر ان التزام الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية تجاه أسرى الحرية الأبطال، هو التزام وطني وأخلاقي، لأنهم أسرى حرية، واعتقلوا لأسباب تتعلق بالدفاع عن أهداف ومصالح الشعب العليا، ولم يعتقلوا بسب قضايا جنائية، أو مخلة بالأخلاق والقيم السياسية والاجتماعية والدينية، إنما لأنهم جنود الوطن والقضية، دافعوا بثبات عن الهوية والشخصية الوطنية، وعن ثوابت الشعب، التي لا يمكن الحياد عنها تحت أي تهديد، أو وعيد، أو إرهاب مهما كان وحشيا. ولأن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، هو ربان السفينة الوطنية، وحامل راية الأهداف الفلسطينية جميعها. وبالتالي محاولة التحريض الرخيصة والمفضوحة، إذا كان يمكنها أن تستقطب اتباع اليمين واليمين المتطرف الصهيوني، واضرابهم من الحريديين المتزمتين في صناديق الاقتراع، فإنها مرفوضة في أوساط العقلاء، وانصار السلام داخل إسرائيل الاستعمارية، وفي أوساط الرأي العام العربي والعالمي.


وشريط الفيديو الصهيوني القبيح والمبتذل يكشف بشكل جلي، أن ديختر وحزبه وأقرانه من الأحزاب الصهيونية المختلفة لا يؤمنون بخيار السلام، ويرفضون الإصغاء لصوت العقل والحكمة السياسية، وكونهم يتخندقون في خنادق الاستيطان الاستعماري، ولأن الكراهية وسياسة التطهير العرقي وسن القوانين الفاشية وخاصة قانون “القومية الأساس” الفاشي المتوافقة مع روايتهم المزورة كانت بوصلتهم وخيارهم لدفن وتصفية عملية التسوية السياسية، وبحكم انهم يتجاهلون عن سابق تصميم وإصرار وجود الشعب الفلسطيني، صاحب الأرض الفلسطينية العربية، وعنوان التاريخ والرواية الأصل للبلاد من النهر إلى البحر، وبالتالي يتعامون عن رؤية الشريك الفلسطيني، لأن منطق الاستعلاء والغطرسة والعنصرية الصهيونية أعمتهم عن تلمس حاجات الشعب المتجذر في أرض وطنه الأم في حقه بالحياة الحرة والكريمة، وباستقلال دولته المحتلة منذ الخامس من حزيران/ يونيو 1967، وبعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، التي طردوا وهجروا منها في اعقاب نكبة عام 1948، ونزحوا عنها أثناء وبعد نكسة حزيران 1967، ولأن إسرائيل الاستعمارية ترى نفسها فوق القانون الدولي، ولعدم وجود قرار دولي صريح وجاد لإنصاف الشعب الفلسطيني، وإلزام الدولة الصهيونية الغاصبة للأرض الفلسطينية باستحقاقات عملية السلام، ومع تماهي إدارة ترامب الأميركية معهم (الصهاينة) في شن حربها المعلنة على الحقوق والمصالح الفلسطينية بعد سلسلة القرارات والإجراءات المتعاقبة منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 وحتى الآن، والتي شملت الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية للقدس العاصمة الفلسطينية الأبدية، ووقف المساعدات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ووقف كل اشكال وعناوين المساعدات لموازنة السلطة الوطنية بما في ذلك مستشفيات القدس، وهي جميعها عناوين أساسية من صفقة القرن المشؤومة. لكل ما تقدم، لا يجد ديختر حرجا في التحريض على رمز الوطنية الفلسطينية، الرئيس عباس، وعلى الأسرى الأبطال، وعلى الحقوق والأهداف الوطنية.


مع ذلك الشعب الفلسطيني وقيادته وقواه ونخبه السياسية، لديهم القدرة والكفاءة والشجاعة على مواجهة التغول الصهيوني العنصري والفاشي، ولن يستسلموا لخيار دولة الأبرتهايد الإسرائيلية، ومن خلال تمسكهم بخيار السلام سيردون الصاع صاعين للمجرم الفاشي ديختر واضرابه الصهاينة، ولمن يقف معهم وخلفهم، وميدان الصراع وحده كفيل بهزيمة الحركة الصهيونية وقاعدتها المادية، دولة الاستعمار الإسرائيلية شاء الصهاينة أم ابوا.

الاخبار العاجلة