يجب اطلاع اليمين العالمي على الظلم التاريخي الذي تعرض له شعبنا

2 فبراير 2019آخر تحديث :
حماس
حماس

بقلم: فيصل أبو خضرا عن جريدة القدس

دأبت حركات التحرير العالمية وخلال نضالها من أجل الحرية والاستقلال على توسيع رقعة علاقاتها مع دول وشعوب العالم لحشد الدعم والتأييد لقضاياها التحررية، سواء كانت تلك الدول في المعسكر الشرقي (السابق) أو المعسكر الغربي، وسواء كانت محسوبة على اليمين أو اليسار واضعة نصب أعينها مصالح شعوبها ونضالها العادل للتخلص من الاستعمار، وحتى الدول الفتية طالما سارت على هذا النهج في مسير نموها ونهضتها.

كان لا بدّ من هذه المقدمة عند التطرق الى واقعنا الفلسطيني اليوم حيث أننا لا زلنا في مرحلة التحرر الوطني من جهة ومن الجهة الاخرى مرحلة بناء الدولة الفتية، وهو ما يستوجب في كلتا الحالتين وفي الوضع الراهن أن لا يكون اعتماد سياساتنا على اليسار العالمي فقط وخصوصاً في أميركا الجنوبية. ولعل اعتراف غالبية دول العالم بفلسطين يأتي تجسيداً لهذا المبدأ، الاّ ان ذلك لا يعفينا من مواصلة توسيع علاقاتنا مع مختلف القوى العالمية طالما أن ذلك يصب في مصلحة فلسطين وحقوق شعبنا..

وفي عصر التغيرات الدولية، فإننا نشهد اليوم الأحداث الدراماتيكية في فنزويلا، التي طالما أيد حكم اليسار فيها قضيتنا العادلة وحقوق شعبنا.

الجميع يعلم قوة اقتصاد فنزويلا قبل حكم الرئيس المتوفي شافيز وبعد حكم مادورو. وقد أصبحت فنزويلا من الدول المصنفة على أنها فقيرة في العالم، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن فنزويلا تعتبر البلد الوحيد في أميركا الجنوبية التي تملك أكبر وأهم مخزون نفطي في أميركا الجنوبية.

لقد أعلن رئيس المعارضة اليميني خوان غوايدو نفسه رئيساً للبلاد، ووجد دعماً قوياً من ترامب، الذي من المفترض أن بلاده زعيمة العالم التي تحترم القوانين الدولية ولا تمارس البلطجة وزيادة التناحر السياسي في أي دولة في العالم، أي أن عليها ان تبتعد عن فرض ودعم أي جهة إن كانت تحكم من اليمين أو اليسار، بل عليها فقط ان تنصح بدعم الديمقراطية والشفافية في أي دولة، لا أن تفرض رئيساً على أي من بلاد العالم.

ولكننا تعودنا من الرئيس ترامب ممارسة بلطجته وفرض رأيه كما يهوى، وفي حالة الإطاحة بالرئيس مادورو ونقل السلطة الى اليمين الفنزويلي فمن الممكن جدا ان تحذو فنزويلا حذو البرازيل بدعمها لاسرائيل ونقل سفارتها الى القدس وتصبح فنزويلا والبرازيل من الدول التي تبتعد عن التأييد المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

وفي ألمانيا فإن عهد المستشارة ميركل يقترب على الانتهاء، بعكس اليمين الألماني الذي اصبح على أبواب حكم ألمانيا، وهذا يعني بأن تكون ألمانيا داعمة بالمطلق لاسرائيل، علماً أن من أهم أسباب نجاح اليمين في أوروبا، هو الموقف المعارض لاستقبال المهاجرين من الدول العربية والافريقية، أو الدول الفقيرة، وهذا يعني بأن الشعب الفلسطيني يدفع الثمن ايضاً في هذه القضية وليس فقط دفع ثمن عذابات اليهود الاشكناز من النازي الذي أجرم بحق هذا الشعب.

وياليت زعماء العصابات الصهيونية التي احتلت أرضنا فلسطين بقوة السلاح وارتكبت المجازر بحق شعبنا الذي عاش على أرضه وأرض أجداده فلسطين أخذت عبرة الجرائم النازية، ولكن هذا اليهودي الاشكنازي الذي أتانا من أوروبا أصبح يمارس، على الشعب الفلسطيني الأعزل الإجرام والقتل والحرق أكثر مما فعله النازي ، كما أن الدول الأوروبية وخصوصا بريطانيا وأميركا لم تفعل شيئا لوقف الممارسات الاسرائيلية، خاصة ان تلك الدول الغريبة ترفع شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان .

ولذلك أرى ان على ممثلينا في جميع أصقاع الأرض واجب وطني مهم وهو الاتصال بزعامات اليمين الأوروبي وغير الأوروبي ليشرحوا لهم الظلم التاريخي الذي تعرض له الشعب الفلسطيني ولا زال من حكومات الاحتلال الاسرائيلي المتعاقبة وايضاح حقيقة الأوضاع المأساوية من احتلال ومصادرات أراضي واستيطان وتفرقة عنصرية، وقبولنا فقط ب ٢٢ بالمائة من أرضنا فلسطين مكرهين رضوخاً للقرارات الدولية وليس كحق تاريخي أو توراتي للشعب الذي هاجز من بلاده في أوروبا أو اميركا أو روسيا، واحتل أرضنا بغفلة من زمن الانحطاط الأخلاقي لبريطانيا وفرنسا، بما يسمى اتفاق سايكس بيكو ١٩١٦ نسبة الى وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا وموافقة روسيا، وكذلك وعد بلفور المشؤوم ١٩١٧.

الشعب الفلسطيني ظلم من بريطانيا وفرنسا وروسيا وأوروبا ومن ثم أميركا، بمد العصابات الصهيونية بسلاح فتاك استخدمه ولا زالت ضد شعب أعزل، فتح أبواب الهجرة لجميع الشعوب المسالمة وليس لفئة مارقة مدعومة من قبل الاستعمار الأوروبي والأميركي ليزرع شوكة سامة في قلب الوطن العربي، كما هو حاصل الآن.

والآن انكشفت الحقيقة بفضل صبر شعبنا الفلسطيني وقيادته الأمينة التي فضحت الأكاذيب الصهيونية – وعرت هذا الاحتلال. فالشعب الفلسطيني وبالرغم من النكبة والتهجير القسري جراء بطش العصابات الصهيونية والمجازر التي ارتكبتها هذه العصابات والتي بلغت ١٢٠ مجزرة بحق شعب يعيش على أرضه وأرض اجداده، الاّ أنه لا زال صابرا صامداً مرابطاً متمسكاً بحقه في الحرية والاستقلال .

وللعلم فإن الشعب الفلسطيني يبلغ عدد ابنائه سواء في فلسطين التاريخية او خارجها أكثر من عدد الشعب اليهودي، فقد وصل عدد أبناء شعبنا في الضفة والقطاع وداخل ما يسمى “الخط الأخضر” نحو ستة ملايين ونصف المليون، هذا عدا عن لاجئي المخيمات في الأردن وسوريا ولبنان وفي الشتات، ليتجاوز العدد ثلاثة عشر مليون فلسطيني.

نعم نحن قبلنا ب ٢٢ بالمائة فقط من فلسطين التاريخية ولكن هذا لا يعني أننا تنازلنا عن حقوقنا التاريخية ، ومن هذا المنطلق لا يمكن لأي زعيم أن يتنازل عن حق لاجئينا بالعودة والتعويض، والذي هو حق لكل لاجيء يريد العودة الى دياره الأصلية، وهذا حق لا يمكن لأي زعيم او حكومة التنازل عنه لأنه حق لا يلغ بالتقادم، وغير قابل للتصرف كما يؤكد القانون والمواثيق الدولية.

والان الخوف كل الخوف بأن ينجح اليمين العالمي بقيادة اميركا اليمينية بسلب إنجازاتنا العالمية وهرولة بعض الدول التي تريد إرضاء هذا اليمين العالمي، ومثال على ذلك اعتراف اسرائيل بزعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو رئيسا لفنزويلا وكذلك اعتراف البرلمان الاوروبي به، وهي ضربة موجعة لنا.

ولهذا نؤكد مجدداً على أهمية الوحدة الوطنية لأن شعبنا بأسره لن يتنازل عن حقوقه، ولهذا نقول للاخوة في “حماس” ان عليهم التقدم نحو المصالحة وان تكون حماس عضوا فاعلا في منظمة التحرير، الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا، التي يعترف بها العالم أجمع.

لقد وافق الأخ الرئيس محمود عباس في أخر انتخابات تشريعية على اشراك حركة حماس بالرغم من معارضة أميركا واسرائيل وأجهض مؤخراً مشروع قرار أميركي يعتبر حماس تنظيماً ارهابياً، ولهذا كفانا انقساما ولتكن حماس عضوا فاعلا في منظمة التحرير، ذكرت ذلك للأخ الرئيس في لقاء معه مؤخرا وأكد أنه أصر على مشاركة حماس لأنها فصيل مهم ويمكن ان يكون شريكا قوياً في منظمة التحرير .

لذلك نقول لحماس بأن الرئيس كان كريما جدا ومع ذلك تطلق الاتهامات جزافا نحو مواقفه الوطنية والأجدر أن يعمل الجميع على استعادة هذه الوحدة وتعزيز منظمة التحرير وأقول ذلك ليس من منطلق حزبي أو فصائلي بل كفلسطيني مستقل.

ونقول للمحتل الاسرائيلي نحن وإياكم والزمن طويل، والذي صبر سبعين عاما على الاحتلال يستطيع أن يصبر الف عام، وأن تجارب العالم أجمع اثبتت ان ارادة الشعوب المناضلة من أجل حقوقها وحريتها لا يمكن ان تقهر، وان مصير الاستعمار والاحتلال الى نهاية.

المصدر جريدة القدس
الاخبار العاجلة