الحرب الأميركية الإسرائيلية

3 فبراير 2019آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

عمر الغول- الحياة الجديدة

يوما الخميس والجمعة الماضيان مدد ما يسمى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان قرار إغلاق مؤسسات منظمة التحرير في القدس، وأصدرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) قرارا رسميا بوقف المساعدات للشعب الفلسطيني بشكل رسمي ونهائي، ومع رفض القيادة الفلسطينية المساعدات الأميركية للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وتوقفها تكون إدارة ترامب قطعت شعرة معاوية مع القيادة والشعب الفلسطيني عن سابق تصميم وإصرار بهدف لَي ذراع الإرادة الوطنية، وإرغامها على الاستجابة لسيف الإملاءات الأميركية، والقبول بمشيئة الرئيس المتغطرس ترامب وصفقته المشؤومة. 

إذا الحرب الأميركية الإسرائيلية الضروس على الشعب الفلسطيني ومؤسساته وأهدافه ومصالحه العليا لم تتوقف، ولن تتوقف، وستتضاعف مع الوقت لقهره، وتركيعه حتى يتخلى عن تاريخه وهويته وثوابته الوطنية. ولتكتمل حلقات الحرب الإجرامية على الشعب والقيادة، جيشت الولايات المتحدة حلفاءها في  الساحتين العربية والإسلامية والدولية، وألقت فتات الإمارة الغزية للانقلابيين من جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين لتشد حبال المقصلة على رقبة المشروع الوطني، وانتزاع الاعتراف “المجاني” من قيادة منظمة التحرير بصفعة القرن، و”الاستسلام” لرواية العدو الصهيوني المزورة والكاذبة، التي لا تمت للحقيقة والتاريخ والجغرافيا بصلة. 

للعام الـ18، ومنذ آب/ أغسطس 2001 تواصل حكومات إسرائيل الاستعمارية المتعاقبة إغلاق المؤسسات الفلسطينية (بيت الشرق، الغرفة التجارية، المجلس الأعلى للسياحة، المركز الفلسطيني للدراسات، نادي الأسير، مكتب الدراسات الاجتماعية والاقتصادية… إلخ) وكأنها شاءت طي صفحة من التاريخ وما تضمنته اتفاقية أوسلو البائسة، وفتح صفحة أخرى عنوانها الضم الكلي لعاصمة فلسطين التاريخية، زهرة المدائن. واختارت لحظة مهمة تمثلت برحيل القائد المناضل فيصل الحسيني في ايار 2001، كعنوان لإستراتيجيتها القديمة الجديدة، فجاء قرارها بالإغلاق بعد سبعين يوما من استشهاد مسؤول ملف القدس في اللجنة التنفيذية للمنظمة بهدف طي صفحة الوجود الفلسطيني في العاصمة الأبدية، القدس، ولتعمق خيارها الكولونيالي في ضمها إليها كليا، عبر فرض الوقائع، وإحداث التغييرات الديمغرافية والتراثية والتاريخية في أحيائها ومعالمها الحضارية ومقدساتها، وغيرها من الانتهاكات وجرائم الحرب المتواصلة بدءا من مصادرة الأرض والعقارات وتهويدها، وتزوير ملكيتها، وسحب الهويات، وإعلان العطاءات لبناء الآلاف من الوحدات الاستعمارية فيها، وفرض الضرائب، والاعتقالات والإعدامات الميدانية، وفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى، واقتحاماته اليومية من قبل ضباطه وجنوده وقطعان المستعمرين الصهاينة من وزراء وأعضاء كنيست وحاخامات، والاعتداءات المتكررة على الكنائس والأديرة، وإغلاق مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين فيها، لإغلاق ملف اللاجئين الفلسطينيين فيها، بالإضافة لتوسيع دائرة الاستيطان الاستعماري في محافظات ومدن الضفة الفلسطينية، وطرد بعثة المراقبة الدولية في الخليل مؤخرا، كعنوان أخير للقطع كليا مع اتفاقية أوسلو وملحقاتها…. إلخ من جرائم الحرب اليومية على الحقوق والمصالح الفلسطينية، وفصل القطاع عن الضفة لتأبيد مشروع الأمارة. 

تضاعفت عناوين وساحات الحرب الإسرائيلية على الوجود الفلسطيني بعد قرار الرئيس الأميركي، ترامب بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل المارقة والخارجة على القانون، ونقل السفارة الأميركية من تل ابيب لها، وتوسيع دائرة المطاردة والملاحقة الأميركية للمصالح والحقوق الفلسطينية في ملفي القدس واللاجئين خصوصا، وكل الحقوق والثوابت الوطنية عموما، التي كان آخرها مساعدات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ودعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي جاءت بقرار من القيادة الفلسطينية. 
ورغم شراسة الحرب الأميركية الإسرائيلية ومن لف لفهم من عرب وعجم وغيرهم، إلا ان القيادة والشعب الفلسطيني لهم بالمرصاد، لم تستسلم القيادة، ولن تركع إرادة الشعب، ولن ترفع الراية البيضاء، وستقاوم بكل الإمكانيات الوطنية والقومية والأممية المتوفرة لرد كيد محور الشر والإرهاب والاستعمار. مع ان المعركة ليست عادية، وليست متكافئة، وفيها اختلال فاضح في موازين القوى لصالح الأعداء مع تراجع مكانة العامل القومي الرسمي والشعبي، وغياب حقيقي للإرادة الدولية في لجم الخروقات غير المسبوقة للإدارة الأميركية وحليفتها الإستراتيجية، دولة الاستعمار الإسرائيلية للقرارات والمواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية. 

لكن مطلق حرب تقاس بنتائجها، والحرب الأميركية الإسرائيلية وحلفائها على وحشيتها وقذارتها، إلآ انها مازالت تعاني من الأرباك، والتقهقر أحيانا كثيرة نتيجة الصمود الفلسطيني، وتمسك الشعب العربي الفلسطيني بحقوقه وثوابته، ولتمسكه بخيار السلام الممكن والمقبول، وبقرارات الشرعية الدولية، وعدم الاستسلام لمشيئة اباطرة رأس المال الصهاينة وأداتهم أميركا ومن يدور في فلكهم، وبالتالي طالما الرئيس محمود عباس لم يوقع على صك صفقة القرن، فلن تمر، وستهزم الحرب الأميركية الإسرائيلية، والحرب سجال، والتاريخ وحده كفيل بإعطاء الجواب في المستقبل غير البعيد.

الاخبار العاجلة