منظمة التحرير حائط الصد الأخير لقضيتنا

23 فبراير 2019آخر تحديث :
حماس
حماس

بقلم عبد الناصر النجار عن جريدة الايام

بعد النكبة والشتات الفلسطيني أصبحت القضية الفلسطينية في مهب الريح، وتحولت فلسطين وشعبها إلى مجرد مجموعة من اللاجئين الباحثين عن مأوى وإغاثة. في الوقت الذي تخلى فيه النظام العربي عن تحرير فلسطين على الرغم من كثرة الادعاءات بأن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة… ولكن حاصل العمل لهذه القضية على مستوى النظام الرسمي العربي لم يرتق إلى الحد الأدنى الذي يمكن فيه تحرير الأرض والإنسان من المحتل الإسرائيلي.

فكرة تمثيل الشعب الفلسطيني جاءت بدعم من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في مؤتمر القمة العربية بالقاهرة في العام 1964 وهو العام نفسه الذي عقد فيه المؤتمر الفلسطيني وأخذ فيه مسمى المجلس الوطني الفلسطيني بعد ذلك بحضور مئات الشخصيات الفلسطينية الممثلة للطيف الفلسطيني.

الشخصيات المشاركة لم تكن نخبوية فقط تمثل الإقطاع ورجال الدين والأغنياء، فقد مثلت فئات الشعب الفلسطيني كافة بلاجئيه ومواطنيه، مدنه وقراه ومخيماته، ضفته وقطاعه والأراضي المحتلة في العام 48 والشتات.

جاء في البيان الختامي للمؤتمر الفلسطيني الأول: «إيماناً بحق الشعب الفلسطيني في وطنه المقدس فلسطين، وتأكيداً لحتمية معركة التحرير للجزء المغتصب منه، وعزمه وإصراره على إبراز كيانه الثوري الفعال وتعبئة طاقاته وإمكانياته وقواه المادية والعسكرية والروحية، نعلن بعد الاتكال على الله باسم المؤتمر العربي الفلسطيني الأول المنعقد في مدينة القدس في 28 أيار 1964 عن:

قيام منظمة التحرير، قيادة معبئة لقوى الشعب العربي الفلسطيني لخوض معركة التحرير ودرعاً لحقوق الشعب الفلسطيني وآمنه وطريقه للنصر …».

وأكد بيان المؤتمر بكامل أعضائه البالغ عددهم 397 عضواً أنه هو الأول لمنظمة التحرير.

منذ أكثر من نصف قرن كانت هناك محاولات مستميتة من النظام العربي لاحتواء المنظمة، أو ضمها تحت جناحه، إلاّ أن حائط الصد الفلسطيني كان دائماً حاضراً وقادراً على إفشال هذه المحاولات.

وبعد تولي الشهيد الراحل ياسر عرفات قيادة المنظمة تمكن من وقف كل محاولات السيطرة الخارجية عليها، بل تمكن في مؤتمر الرباط من انتزاع اعتراف الدول العربية كافة بتمثيل المنظمة للشعب الفلسطيني.

وفي أكثر من محطة من محطات النضال الوطني، كانت تخرج أصوات ناشزة للنيل من تمثيل المنظمة للشعب الفلسطيني، ولكن سرعان ما يتم القضاء عليها. وهنا لا ننسى معارك المخيمات وطرابلس اللبنانية وغزو الاحتلال في العام 1982، وانشقاق مجموعات فلسطينية كان ولائها للنظام السوري أكثر من ولائها لوطنها، والتي سرعان ما نسيها التاريخ، وظلت منظمة التحرير شامخة وصمدت على الرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه المناضلون والفدائيون في سبيل هذا التمثيل.

ولكن أيضاً في محطات النضال التي مرت بها المنظمة نستطيع القول إن القيادة ربما قد أخطأت، ولكنها في الوقت نفسه كانت تدافع بشراسة عن القرار الفلسطيني المستقل، ووحدانية التمثيل.

بعد اتفاق أوسلو حاول البعض أيضاً النيل من المنظمة والتشكيك بتمثيلها للشعب الفلسطيني، وتمكن الشهيد ياسر عرفات من الحفاظ على كيان المنظمة وتمثيلها، ودفع حياته ثمناً لذلك.

قد نختلف مع القادة، وقد لا تعجبنا شخصيات قيادية ضعيفة أو سلبية ولكن خلافنا أو اختلافنا مع الأشخاص لا يعني المساس بالمنظمة، التي نكرر أنها هي حائط الصد الأخير لقضيتنا، وإذا ما انهار خسرنا كل شيء.

قد نختلف أيضا على المكونات الفصائلية وجماهيرية بعضها، وكما قال زميلنا حسن البطل في مقالة سابقة هناك فصائل وفسائل، علماً أن الفسائل هي كلّ عود يُفصَل من شجرته ليُغرس، ولكنها تظل جزءاً من نسيجها.

أما الحديث عن لغة الأرقام والإحصاءات فإنه يمثل خطورة لأن الهدف منه هو التشكيك أكثر في أكبر النظم الديمقراطية في العالم، فالسلطات التشريعية أو التنفيذية، قد لا تحصل على ثلث أصوات الشعب الذي يشارك بالانتخابات، ولكن ذلك لا يفقدها شرعيتها ولا يجعل شعوبها تشكك فيها … رؤساء دول ديمقراطية لا يحصلون على ربع أو ثلث أصوات الشعب، ولكن هذا لا يقلل من شرعيتهم.

في الأسابيع الأخيرة نلاحظ حملة داخلية من بيننا تشكك في تمثيل المنظمة، بينها فصائل مهمة لها وزن ونحترمها، ولكن هذه لعبة خطيرة جداً في وقت نحن بحاجة ماسة إلى الوحدة والالتفاف حول المنظمة، لأن الخطر القادم أعظم مما نتوقع، سواء بما تمثله صفقة القرن أو الضغوط الهائلة على السلطة الفلسطينية القائمة على كاهل المنظمة.

حان  الوقت للنظر بعمق وليس بسطحية من أجل تقوية منظمة التحرير وإصلاح الخلل إن وجد، ولكن المرفوض بشكل قاطع أن تكون هناك معاول لهدمها… لأنها جدار الصد الأخير لقضيتنا وثورتنا.

المصدر جريدة الأيام
الاخبار العاجلة