“بتسيلم” لمجلس حقوق الانسان: اسرائيل تحيك الاكاذيب وتواصل عمليات القتل

18 مارس 2019آخر تحديث :
“بتسيلم” لمجلس حقوق الانسان: اسرائيل تحيك الاكاذيب وتواصل عمليات القتل

رام الله-صدى الاعلام

تنعقد اليوم جلسة  مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة لمناقشة تقرير لجنة التحقيق في موضوع المظاهرات قبالة الشريط الحدوديّ في غزّة.

نشرت بتسيلم ورقة موقف توضح فيها لماذا يجب التعامُل مع التصريحات الإسرائيليّة حول فتح 11 ملفّ “تحقيق” في حالات مقتل متظاهرين على أنّها مجرّد خطوة دعائيّة. وفي رسالة وجّهها مدير عامّ بتسيلم إلى رئيس لجنة التحقيق السيّد سانتياغو كانتون جاء فيها  أنّه يجب رفض شبكة الأكاذيب التي حاكتها إسرائيل فيما هي تواصل القتل: “ليس لدى إسرائيل أدنى قدْر من الاستعداد للتحقيق في سياستها نفسها والتنديد بها أو مساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها”. وتفصيلًا بيّنت بتسيلم في ورقة الموقف لماذا الإعلان عن فتح ملفّات تحقيق هو إجراء روتينيّ تقوم به إسرائيل لكي تخفّف عن نفسها الضغط الدوليّ كلّما تصاعد النقد لسياستها المخالفة للقانون.

منذ سنة تطبّق إسرائيل في مواجهة المظاهرات التي تجري بالقرب من الشريط الحدودي في قطاع غزة سياسة إطلاق نار مخالفة للقانون إذ تسمح بإطلاق النيران الحيّة على متظاهرين عزّل لا يشكّلون خطرًا محقّقًا. بعد مضيّ أيّام معدودة على بدء المظاهرات وإزاء صدمة المجتمع الدوليّ من مقتل العشرات استخدمت إسرائيل حيلتها الموثوقة في مثل هذه الحالات وسارعت إلى الإعلان أنّها “تحقّق في حالات استثنائيّة”….

و مؤخّرًا ومع اقتراب نشر تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة عاد الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي يلوّح بهذه التحقيقات الاستعراضيّة: 11 ملفّ تحقيق في “حالات عينيّة” فتحتها وحدة التحقيقات في الشرطة العسكريّة وجميعها لا يزال التحقيق فيها جاريًا. وفي المقابل ظلّت التعليمات على حالها والعمل بها لا يزال مستمرًّا في الميدان مسبّبًا سقوط المزيد من القتلى والجرحى – لا أحد يشكّك بهذه السياسة ولا أحد يحاسَب على نتائجها.

حقّق إعلان إسرائيل هدفه حتّى الآن على الأقلّ حيث رحّب به المجتمع الدّولي وخفّ الضغط على إسرائيل بحيث يمكنها الآن مواصلة تطبيق السياسة نفسها التي تسبّبت بمقتل 200 وجرح أكثر من 6,300. علاوة على ذلك في وقت سابق خلال هذه السنة أعرب قضاة المحكمة العليا عن ثقتهم بذلك التعهّد الخاوي حين أصدروا حُكمهم القضائيّ في التماس ضدّ سياسة إطلاق النار ورفضوا إلزام السّلطات بتغييرها. من ضمن ما استند القضاة إليه في حُكمهم “التحقيق بالاستثناءات” الذي يعتزم الجيش إجراءه فيما تواصل إسرائيل تطبيق سياستها الفتّاكة.

“التحقيقات” التي يجريها جهاز طمس الحقائق في الجيش بقيادة وكيل عامّ النيابة العسكريّة لا يتجاوز معناها الدّور الذي تلعبه في إطار مساعي إسرائيل إلى إسكات النقد الدّوليّ. هذه “التحقيقات” لا تؤدّي إلى اتّخاذ إجراءات ضدّ أيّ من المسؤولين عن الانتهاكات بحقّ الفلسطينيّين لأنّها أصلًا لا تفحص مسؤوليّة المسؤولين الذين وضعوا هذه السياسة وصادقوا عليها وعلى الأوامر المخالفة بوضوح للقانون وهي لا تردع القوّات الفاعلة في الميدان لأنّه يتمّ فتح ملفّات “تحقيق” معدودة، وحتّى هذه يتمّ إغلاقها دون التوصّل إلى شيء ولا هي تحقّق العدالة للضحايا وأسَرهم.

هذه الممارسات الإسرائيليّة نهجٌ دائم:

في “عملية الرّصاص المصبوب العسكرية” من كانون الأوّل 2008 إلى كانون الثاني 2009 قتلت إسرائيل 1,391 فلسطينيًّا منهم على الأقل 759 (55%) لم يشاركوا في القتال ومن هؤلاء 318 طفلًا وفتًى تحت سنّ الـ18. نزف الجرحى دماءهم حتى الموت عندما منع جيش إسرائيل وصولهم إلى المستشفيات وأطلقت النيران على فلسطينيّين وهم يرفعون الأعلام البيضاء. “فحصت” النيابة العامّة أكثر من 400 حالة وأوعزت بفتح ما لا يقلّ عن 52 “تحقيقًا” وفي النهاية أدين فقط ثلاث جنود بتهم السّرقة واستخدام طفل كدرع بشريّ واستخدام السّلاح بما يخالف القانون.

في “عملية الجرف الصّامد العسكرية” في صيف 2014 قتلت إسرائيل 2,203 فلسطينيّين، بضمنهم 1,392 (63%) لم يشاركوا في القتال ومن بين هؤلاء 528 تحت سنّ الـ18. أسَر بأكملها قُتلت جرّاء القصف الجوّي لمنازلها. أقامت النيابة العسكريّة “جهاز تحقيق خاصّ” حقّق وتقصّى الحالات التي اعتُبرت “استثنائيّة” ورفع توصياته إلى وكيل عامّ النيابة العسكريّة. وفي هذه المرّة أيضًا جاءت النتيجة أنّ كلّ شيء جرى كما ينبغي وبموجب القانون سوى حالة واحدة أدين فيها ثلاثة جنود بتهمة سرقة 2,420 شيكل. ولم تنتهِ بعد عمليّة الطّمس إذ ما زالت بعض “التحقيقات” مستمرّة.

هذه النتائج ليست مصادفة: إسرائيل لا تريد التحقيق ولذلك فإنّ هيئات التحقيق التي أقامتها غير قادرة فعليَّا على إجرائه. كلّ ما تطمح إليه إسرائيل هو إسكات النقد عبر خلق مظهر زائف يوهم بأنّها تقصد فعلًا إجراء تحقيق.

ولكنّ إجراء التحقيقات والمساءلة والمحاسبة ليست مسألة نظريّة أو تكتيكًا دعائيًّا بل هي مسألة حياة وموت: غاية التحقيقات الرّدع عن ارتكاب أفعال مخالفة للقانون – وهذه رسالة ضروريّة لمنع سقوط المزيد من القتلى والجرحى. عندما تنجح حملات الدّعاية في منع المساءلة والمحاسبة التي من شأنها أن تردع صنّاع السياسة والقوى الفاعلة في الميدان عن ارتكاب أفعال مخالفة للقانون يكون الثمن خسائر في الأرواح.

على المجتمع الدوليّ أن يتوقّف عن الانبهار بالإعلانات الترويجيّة التي تنشرها إسرائيل حول “تحقيقات” تجري أو ستجري. لا يوجد أساس عقلانيّ يجعلنا نتوقّع أن تجري في إسرائيل تحقيقات فعليّة. لا يوجد لدى إسرائيل أدنى استعداد للتحقيق مع سياستها هي نفسها أو التنديد بها أو مساءلة ومحاسبة المسؤولين عن هذه نتائجها. لذلك على المجتمع الدّوليّ أن يستخدم نفوذه ويشغّل جميع روافع تأثيره لكي يفرض على إسرائيل إجراء تغيير جذريّ على سياستها ووقف إطلاق النار على المتظاهرين العزّل فورًا.

الاخبار العاجلة