المؤمل من القمة

27 مارس 2019آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

 

بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة

تفصلنا أيام قليلة عن القمة العربية، المقرر ان تلتئم في العاصمة التونسية، تونس في الحادي والثلاثين من نهاية الشهر الحالي، ويعول على القمة في دورتها الثلاثين أن ترتقي إلى مستوى التحديات المطروحة على الدول العربية كل على انفراد وبشكل قومي ومشترك. لا سيما أن التحديات تطال كل جوانب الحياة: السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية، والثقافية، والدينية حتى بات المصير العربي برمته محل علامة سؤال بعد التطورات الدراماتيكية العاصفة، التي تشهدها دول وشعوب الأمة على المستويين الفردي والجمعي، وفي ظل استغوال القوى المتربصة بها، ومع غياب الرؤية الواقعية لفرز الأصدقاء من الإعداء، واختلاط المعايير بين الأساسي والثانوي، وانحراف بوصلة الأمن القومي عن سكة ومؤشر المحاكاة الحقيقية لكيفية حماية المصالح الوطنية والقومية.

ورغم الإدراك المسبق لواقع الحال العربي البائس والمعتل، إلا ان الرهان ما زال يحذو كل عربي مخلص، ومؤمن بعروبته بالاعتقاد بوجود قامات عربية مركزية قادرة على انتشال النظام السياسي الرسمي من لعنة التفسخ، والتشظي، والتعثر، ووضع القدم العربية الجمعية على أول خطى الخروج من شرنقة الأزمات الضاربة في العمق العربي، ومحاولة تجسير العلاقة بين الأشقاء، وتصفير بؤر الحروب البينية، وإعادة ترميم الجسور العربية العربية تدريجيا لانتشال الأقطار العربية والأمة ككل من سوداوية اللحظة، إلى فتح بارقة أمل كبيرة لوضع العرب مجددا تحت الشمس، وفتح صفحات التاريخ المشرق لتدوين إنجازاتهم ومآثرهم في مختلف حقول المعرفة والعلم والفضاء، الثقل الاقتصادي والعسكري والإنساني عموما.

وعلى اهمية كل المسائل الوطنية والقومية، التي سيقف أمامها الملوك والرؤساء والأمراء العرب ومن يمثلهم، فإن الضرورة تحتم على كل ذي بصيرة الانتباه للأولويات القومية، وتجديد التركيز على قضية العرب المركزية، قضية فلسطين، التي تزداد، وتستعر في هذة المرحلة الخطيرة من الصراع الحرب المكشوفة والمعلنة الإسرائيلية الأميركية على مصالح وحقوق وثوابت الأشقاء في فلسطين دون أي وازع سياسي أو أخلاقي أو قيمي وقانوني. ومسخ المواثيق والقرارات والمعاهدات الدولية، وإدارة الظهر لها، والهجوم المنفلت من عقاله على حقائق التاريخ والجغرافيا، والاستهتار أولا وثانيا …. وعاشرا بالعرب كأمة وقومية واصحاب حقوق، وليس الأمر متعلقا بأبناء الشعب العربي الفلسطيني وحدهم، الذين دفعوا الف مرة الثمن من دمائهم، وأرواحهم، وحريتهم ومصيرهم في الدفاع عن أمتهم كلها.

آن الأوان للعرب الرسميين والشعبيين كل من موقعه، وقدرته، وبمقدار ما تتحمل طاقته الشخصية والوطنية والقومية نفض الغبار كليا عن حالة التآكل، التي طالت القضية الفلسطينية، وضخ الحياة في عروقها، وتقديم كل مقومات الدعم السياسي والاقتصادي والقانوني واللوجستي لتدعيم الصمود الوطني الفلسطيني، وتأمين شبكة الآمان المالية لتتمكن القيادة الفلسطينية الشرعية من مواجهة التحديات الإسرائيلية والأميركية غير المسبوقة، ومنح القيادة الفلسطينية أوراق قوة عربية كمفاتيح للعلاقة مع الدول والمنظومات العالمية بمستوياتها المتعددة القارية والأممية. وتشكيل درع حماية حقيقيا لمصالح الأشقاء في فلسطين، والتصدي بالكلمة، وسلاح الحق والقانون، وبأوراق القوة المتوفرة باليد العربية للإدارة الأميركية بزعامة الرئيس ترامب المتماهية مع إسرائيل المارقة من خلال السعي لتمرير صفقة القرن المشؤومة، ولحكومة اليمين المتطرف الاستعمارية في إسرائيل، التي ادعت صباح مساء الاختراقات الواسعة في جدار الصمود العربي، وإحداث فتوحات كبيرة في عملية التطبيع المجانية مع البعض العربي ووقف عملية التآكل في عوامل القوة العربية، وربط كل خطوة مع إدارة ترامب، وحكومة إسرائيل الحالية والقادمة من زاوية التزامهما بالحقوق الشرعية الفلسطينية، والقومية العربية، حيث تبرز هنا ايضا مكانة الجولان السورية العربية، التي قرر ترامب رسميا أول امس الموافقة على سيادة دولة إسرائيل الاستعمارية عليها دون وجه حق.

الضرورة تملي على الملوك والرؤساء والأمراء العرب العمل على الارتقاء بمكانتهم الشخصية والوطنية والقومية وحتى الأممية، لكي تسمع كلمتهم وصوتهم، وينتبه العالم كله لحقوقهم وخاصة حقهم غير القابل للنقض في الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني وفق ما نصت عليه مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت 2002.

الاخبار العاجلة