تواريخ مقدّسة

20 مايو 2019آخر تحديث :
تواريخ مقدّسة

رام الله- صدى الإعلام

بقلم: محمّد علي طه – عن صحيفة الحياة الجديدة

سخرنا يومئذ من إسحاق رابين، رئيس حكومة إسرائيل (1992-1995) وانتقدناه عندما قال “لا توجد تواريخ مقدّسة”، متملّصًا من تنفيذ بند في موعده المحدّد من اتّفاق وقّعه مع القيادة الفلسطينيّة بعد اتّفاق المبادئ في أوسلو، ولكن يبدو أنّ الإنسان يسخّر مواعيد التّاريخ وأيامه البارزة لتتوافق مع أهدافه وظروف حياته بعد أن سخّر كتابة التّاريخ لصالحه معتقدًا أن الأقوياء هم من يكتبون التّاريخ.

يحيي الفرنسيّون كلّ عام في 14 تمّوز ذكرى الثّورة الفرنسيّة وتحطيم أسوار سجن الباستيل الرّهيب، كما يحتفل المصريّون في 23 تمّوز بذكرى الثّورة التي أطاحت بالنّظام الملكيّ في هبة النّيل، وتحتفل الطّبقة العاملة في العالم بعيدها الأمّمي في الأول من شهر أيّار، ولا شكّ بأنّ هناك أيّامًا وطنيّة أو دينيّة أو اجتماعيّة في كلّ بلد وعند كلّ شعب يحتفلون بها بطرق شتّى، أعني أنّ هناك تواريخ ثابتة لها لا نقاش فيها سواءً كانت أيّاما قاتمة أو فاتحة أو مفرحة أو محزنة مثل أيّام معركة حطّين ومعركة عين جالوت وسقوط برلين ووعد بلفور.

منذ الخمسينيات في القرن الماضي يحيي الحزب الشّيوعيّ في إسرائيل الأوّل من أيّار بمسيرة أو تظاهرة كبيرة تشقّ الشّارع الرّئيسيّ في مدينة النّاصرة ويشارك في الآلاف وقد اكتسب هذا الحدث زخمًا بعد تظاهرة العام 1958 الشّهيرة وجرح عشرات المتظاهرين واعتقال المئات من المشاركين فيها، ولكنّ الحزب نفسه ومنذ سنوات صار يحتفل بالأوّل من أيّار في يوم السّبت الأخير من شهر نيسان إذا لم يصادف الأوّل من أيار في يوم سبت وهذا يعني أن يحتفل الحزب وأنصاره بالأوّل من أيّار في السّابع والعشرين من شهر نيسان كما حدث هذا العام، كأن يحتفل إخوتنا المسيحيّون بخميس الصّعود في يوم الثّلاثاء وأن يبتهج أطفالهم بأحد الشّعانين في يوم الجمعة.

قد يبرّر البعض ذلك بأنّ يوم السبت يوم عطلة رسميّة في البلاد وهذا الأمر يساعد على المشاركة الواسعة في المسيرة ولكنّ يوم الأوّل من أيّار يوم عطلة رسميّة لكلّ عامل أو موظّف يرغب بها كما انّ المحافظة عليها قيمة نضاليّة يجب غرسها في أبناء وبنات الطّبقة العاملة.

وتحيي لجنة المهجّرين في البلاد منذ ما يربو على عقدين ذكرى النّكبة بمسيرة يشارك بها الألوف من أهلنا إلى إحدى القرى المهجّرة التي تربو على خمسمائة قرية وعلى الرّغم من أنّ التّاريخ الرسّمي للنكبّة 15 أيّار قرّرت اللجنة أن تحيي هذه الذّكرى في يوم استقلال إسرائيل الذي يقع وفق التّاريخ العبريّ بين منتصف نيسان وبين منتصف أيّار مبرّرة ذلك بأنّ “يوم استقلالهم يوم نكبتنا”.

اعتقد أنّ ذكرى النّكبة يجب أن نحييه في 15 أيّار الميلاديّ وأنّ أبناء وبنات شعبنا سيلبّون نداء لجنة المهجّرين سواء كان هذا اليوم يوم عطلة رسميّة أم لا.

هناك تواريخ لا يصحّ تبديلها.

الاخبار العاجلة