نكبات تلاحق الشعب الفلسطيني!!!

25 مايو 2019آخر تحديث :
نكبات تلاحق الشعب الفلسطيني!!!

بقلم فيصل أبو خضرا عن جريدة القدس

تلاحق شعبنا الفلسطيني نكبات متتالية منذ ٧١ عاماً، وما زال صامدا أمام ظلم أمريكا أولا ومحتل يتفنن في معاقبة شعب مسالم يعيش على أرضه وارض أجداده الكنعانيين منذ الأف السنين قبل الميلاد. وقد بدأت سلسلة هذه النكبات منذ العام ١٨٩٧، الذي فيه القرار الصهيوني برئاسة هرتزل في مدينة بازل السويسرية بإقامة وطن صهيوني في بلادنا.

ومع الأسف لم يكن لدينا نحن الفلسطينيين أي نوع من الدراسة لمواجهة هذه القرارات الصهيونية، علما أنها شطبت إقامة وطن لليهود في بلدان اخرى كالأرجنتين أو أي من بلدان افريقيا، واختارت فلسطين كي تكون دولتهم المستقبلية.

قبل سقوط الدولة العثمانية حاول هرتزل شراء فلسطين من السلطان عبد الحميد ولكنة فشل باعتبار ان فلسطين هي وقف إسلامي لا يملكه إلا الفلسطينيون. ولكن مع الأسف أول من فتح هجرة اليهود الى فلسطين كان الجنرال اتاتورك في العام ١٩٠٣م ، وهذه تعتبر اول نكبة تاريخية من قبل حاكم تركي .

والنكبة الثانية كانت في العام ١٩١٦م عندما اتفق وزير خارجية بريطانيا ووزير خارجية فرنسا على اتفاقية بمعاهدة سايكس بيكو، وكانت فلسطين بموجب هذه الاتفاقية الاستعمارية من نصيب الحكم البريطاني الذي استمر حتى العام ١٩٤٨ ورحل في مثل هذه الأيام مع إقامة إسرائيل.

في العام ١٩١٧ م تلقينا النكبة الثالثة بإعلان بلفور، حيث قررت فيه حكومة ملك بريطانيا إنشاء ” وطن قومي لليهود ” في فلسطين بدون أخذ أي موافقة فلسطينية أو عربية وكأن فلسطين هي ملك خالص لبريطانيا التي كانت عظمى.

النكبة الرابعة حصلت بعد وفاة الرئيس الامريكي روزفلت و حل مكانه ترومان الصهيوني الذي وبقلمة قسم بلادنا الى قسمين، دولة يهودية على مساحة ما يقارب ٥٦ بالمائة من فلسطين التاريخية وما تبقى للعرب الفلسطينيين ٥٤ وهذا كان في العام ١٩٤٧م.

النكبة الخامسة والأهم كانت في العام ١٩٤٨ حيث نفذت بريطانيا وعدها، وذلك بعد ان سلمت مفاتيح فلسطين الى العصابات الصهيونية الاوروبية ، والذين هم من العرق الاشكنازي، ليس لهم أي علاقة بالسامية لأن سيدنا نوح عليه السلام لم يكن له أي وجود في شمال اوروبا.

وعلى اثرها ارتكبت هذه العصابات ١٥٠ مجزرة في المدن والقرى الفلسطينية مما أدى الى هروب جماعي قسري بعد وعود سبعة دول عربية لم يكن لها استقلال كامل ولم يكن لها جيوش مسلحة حتى تستطيع تنفيذ ما وعدت به.

أما النكبة السادسة التي هي الأهم فكانت توقيع دول الطوق ، أي الدول المحيطة بفلسطين على اتفاقيات هدنة دائمة مع إسرائيل بدون شرط عودة اللاجئين الى مدنهم وقراهم ، وحتى بن جوريون اول رئيس وزراء لاسرائيل كان مدهوشا من غياب أي شرطاً لعودة اللاجئين الى وطنهم فلسطين.

النكبة السابعة هي هزيمة العرب الكبرى في العام ١٩٦٧م ونزوح الآلاف من فلسطيني ١٩٦٧م قسرا بفعل الحرب واحتلال إسرائيل باقي فلسطين التاريخية إضافة الى سيناء والجولان السورية.

وبين هزيمة ١٩٦٧ واليوم تواجه شعبنا ولا يزال سلسلة من النكبات والصدمات بما في ذلك المؤامرات التي حيكت ضد الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وسلسلة من الحروب والاعتداءات الاسرائيلية بهدف تصفية القضية.

ثم جاءت نكبة الانقسام المأساوي عام ٢٠٠٧ عندما انقلبت حماس على الشرعية الفلسطينية وسيطرت بالقوة على قطاع غزة ، ثم لتتواصل فصول هذا الانقسام الذي أساء لشعبنا ونضاله وقضيته ولم يستفد منه سوى أعداء شعبنا وفي مقدمتهم الاحتلال وحليفته أميركا.

وآخر النكبات القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس الشريف عاصمة موحدة للاحتلال الإسرائيلي، واستهداف قضية اللاجئين ومحاولة إلغاء حق العودة الذي لا يسقط بالتقادم وليس قابلا للتصرف.

أما الإنجاز الوحيد الذي حققه الرئيس الرمز أبو عمار رحمه الله ورفيق دربه الرئيس الحالي أبو مازن، فكان التوقيع على اتفاقية اوسلو المؤقته في العام ١٩٩٣م ، وخصوصا بند اعادة قادة وأفراد جميع الفصائل الفسطينية مع عائلاتهم إلى ارض الوطن ، أي أن القيادة أصبحت في فلسطين وليس في الشتات، وهذه اهم نقلة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكذلك الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وتوجيه ضربة كبرى لمقولات ارض إسرائيل الكبرى.

وبعد هذا الانتصار الجزئي ، تم اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين ، و تراجعت اتفاقية ارسلو ، خصوصا بعد أن استلم سيّء الذكر نتنياهو رئاسة وزراء إسرائيل وسقوط الثعلب الصهيوني بيريس، مؤسس المفاعل النووي في ديمونا ، وبدأت سلسلة الانتهاكات الاسرائيلية لاتفاقية اوسلو وتسارع تنفيذ مخططات الاستيطان وتهود القدس وحصار غزة …الخ.

وبدل مواجهة كل ذلك بجبهة فلسطينية موحدة ارتكبنا نكبة جديدة اخرى من صنع أيدينا وهي نكبة انفصال قطاع غزة عن باقي الوطن بعد ان قام فصيل حماس بانقلاب على السلطة الشرعية مما اثلج صدر المحتل، الذي سعى ولا يزال لتكريس هذا الانفصال، واعترف على لسان نتنياهو، بان الانقسام يخدم مصالح إسرائيل الاستراتيجية ولذلك سيسعى الى تكريسه، مع أن اتفاق اسلو ينص في احد بنوده على ان قطاع غزة والضفة هي ولاية جغرافية واحدة لا يمكن أن تتجزأ. ولكن مع الأسف حدث ما حدث في اول نكبة ذاتية غريبة تحصل في التاريخ الفلسطيني، اي أننا بأيدينا و بالنيابة عن العدو الاسرائيلي قمنا بتقسيم الوطن.

وبعد هذه النكبة توالت علينا نكبات يومية من محتل غاصب هوايته إصدار قوانين عنصرية و ممارسات عدوانية يومية من قطعان المستعمرين الجدد ، ومنها تدنيس مقدسات المسلمين والمسيحين الدينية والمساس بها، وقتل وحرق أطفال فلسطين، ومصادرة الاراضي الفلسطينية وبناء الآف الوحدات السكنية للمستعمرين للاعتداء على المدن والقرى والمخيمات والمزارع واقتلاع الأشجار المثمرة، وكل ذلك وسط صمت عربي وإقليمي وعالمي وفقط بيانات تنديد لا معنى لها ولا تأثير على سياسات المحتل العنصرية.

ان النكبة القادمة وبعد انتهاء شهر رمضان المبارك هي الإعلان عن صفقة العار من تأليف الجاهل ترامب وفرقته العنصرية المتطرفة المؤلفة من كوشنر، وغرينبلات ، ديفيد فريدمان، وبولتون وغيرهم من المتطرفين اليهود واليمين المتطرف.

الشعب الفلسطيني سئم من النكبات المتتالية التي تحل به من العالم اجمع، وبالمقابل نرى العجز الحقيقي من زعماء فصائلنا الذين لا يجدون اي وسيلة حقيقية لوقف هذه النكبات ، بل بالعكس نجد إننا في انحدار مخيف الى المجهول، خصوصا عدم استطاعة حماس وفتح إيجاد أي طريق لإنهاء الانفصال، كي نضع خطة حقيقية لوقف نزيف هذه النكبات المتلاحقة.

ان الشعب الفلسطيني الصابر على هذا الظلم من العالم اجمع على استعداد كامل لتنفيذ ما تراه منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا كي نخرج من هذا النفق المظلم منذ اكثر من قرن.

العبقري كوشنر يحاول تشجيع الدول على المشاركة في ما اسموه الورشة الاقتصادية في المنامة الشهر المقبل تحت شعار تشجيع الاستثمار في الاراضي الفلسطينية معتقدا انه يجرنا الى إغراءات اقتصادية ،واضعا العربة قبل الحصان، وهذا التفكير لن يمر على اخواننا العرب، خاصة وان كوشنر وادارة ترامب يتجاهلان تماما ان الاحتلال الاسرائيلي هو السبب الرئيسي لتدهور الوضع الاقتصادي الفلسطيني والاجدر بمن يهمه هذا الوضع ان ينهي السبب وهو الاحتلال الاسرائيلي، لا ان يبتدع فذلكات لن تنجح وفي غياب صاحب الشأن الرئيسي وهو الشعب الفلسطيني وقيادته.

السلطة الفلسطينية متمسكة بجميع القرارات الدولية، و قرارات القمم العربية والاسلامية، واهمها حل القضية السياسية أولا أي إنهاء الاحتلال وحل قضايا الحدود واللاجئين والمستعمرات والمياه ، واطلاق سراح الأسرى ، ومن ثم نجلس لبحث شؤون الاقتصاد.

هذه الألاعيب الأميركية الإسرائيلية التي فُصِّلت على مقاس اليمين الاستعماري الاسرائيلي لن تمر على الشعب الفلسطيني ويرفضها كل عربي ومسلم.

وفي هذا المقام يتمنى الشعب الفلسطيني على أشفائنا في جميع الدول العربية الالتزام بما وقعت عليه دولهم من قرارات الجامعة العربية والقمم العربية بشأن القضية الفلسطينية خاصة مبادرة السلام العربية، وبهذا يكون الشعب الفلسطيني في مأمن على مستقبلة السياسي.

صحيح ان الاقتصاد مهم ولكن ليس على حساب الحقوق السياسية المشروعة لشعبنا ولا على حساب ارضه وحريته ومستقبله.

واذا كانت امريكا فعلا مهتمة بمساعدة الشعب الفلسطيني، فلماذا قطعت مساعداتها عن تعليم مليوني طفل يحتاجون للتعليم؟ ولماذا قطع ترامب مساعدة المستشفيات الفلسطينية بقدس العرب والمسلمين؟ ولماذا شجع إسرائيل على اقتطاع المستحقات الضريبية بقيمة ألأموال التي تدفع لعائلات الشهداء والأسرى.

الشعب الفلسطيني يريد الحرية والاستقلال والعيش بكرامة مثل أي شعب آخر على ارضه وارض أجداده وفي دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس، ولن تغرينا كل وعود اميركا ومشاريعها الاقتصادية في المساومة على هذه الحقوق. والله المستعان٠

المصدر جريدة القدس
الاخبار العاجلة