تسخين جبهة الضفة.. قرار إستراتيجي أم تكتيكي؟

15 يونيو 2019آخر تحديث :
حماس
حماس

بقلم عبد الناصر النجار عن جريدة الأيام 

بيان القوى الوطنية الصادر، الأسبوع الماضي، والداعي إلى تسخين جبهة الضفة من خلال تنظيم التظاهرات وتصعيد المواجهات مع الاحتلال، كمقدمة لمواجهة صفقة القرن وإفشالها، يعد الأول من حيث الصيغة المباشرة في الدعوة إلى تفعيل حقيقي وجاد للمقاومة الشعبية، خاصة في المناطق المعرضة لخطر الاستيطان أو تلك المهددة بالمصادرة.

في السنوات السابقة وفي أكثر من مناسبة أو اعتداء إسرائيلي كانت القرارات تقوم على الحد من توجه المتظاهرين نحو حواجز الاحتلال وخاصة في منطقة شمال البيرة، قرب حاجز بيتين أو ما تطلق عليه سلطات الاحتلال “بيت إيل”، على اعتبار أنها الطريق الرئيسة للشخصيات المهمة ورجال الأعمال والدبلوماسيين وغيرهم، ولأسباب ظلت مجهولة.
ورداً على أسئلة الإعلام في حينه كانت إجابات المسؤولين تتركز على أن الهدف هو الحفاظ على أرواح الشباب، أو منع انفلات الوضع، أو إفشال مخططات تقوم على إعادة الفوضى إلى الضفة.
لكن ما الذي تغير اليوم حتى تدعو القوى إلى تبني المواجهة مع الاحتلال بدل الاقتصار على المسيرات والمهرجانات الخطابية الرنانة في مراكز المدن وخاصة رام الله، التي تمتد في العادة نحو ساعة وتنتهي بخطابات قيادات فصائلية وبعد ذلك يتفرق المشاركون الذين يعدون بالعشرات، وكأن شيئاً لم يحدث.
بيان القوى أحدث ردود فعل متباينة على وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض ومتحفظ.. وكل له تبريراته المنطقية. 
المعارضون يركزون على قاعدة أن الجمهور الفلسطيني لا يقاد بأجهزة التحكم عن بعد، وأن المواطن ليس إنساناً آلياً .. وأن كل الدعوات الفوقية للمواجهات مصيرها الفشل، وأن الهبات الجماهيرية تأتي بعد حدث يقتنع فيه المواطن بضرورة المواجهة والتضحية.. أما المؤيدون وخاصة من المؤطرين تنظيمياً فيشيرون إلى خطورة المرحلة وأهمية توجيه رسالة إلى حكومة الاحتلال والقوى العالمية والإقليمية بأن شيئاً لن يمر دون موافقة فلسطينية.
تعليقات المواطنين في غاية الأهمية لأنها مؤشرات واقعية يجب على القيادة أخذها بعين الاعتبار، خاصة أن الدروس السابقة تؤكد أن الفلسطيني إنسان مواجه، قد يسكن عن الحركة مدة قصيرة أو طويلة ولكنه فجأة ودون مقدمات ينتفض من سباته عندما يتعلق الأمر بالأرض والمقدسات والحقوق الوطنية، ولنا عبرة في الانتفاضة الأولى ومواجهات النفق والانتفاضة الثانية، رغم الشوائب الكثيرة، ومواجهات “الأقصى” المتعددة.
نعم، صفقة القرن تحتاج جهداً وطنياً جامعاً وموحداً وقوياً لإفشالها، وهذا غير ممكن دون تعبئة جماهيرية، كي يقتنع المواطن بأن هناك خطراً حقيقياً على وجوده، وليس خطراً على السلطة أو القيادات المختلفة.
التعبئة يجب أن تكون على قاعدة أن الكل الفلسطيني متساو في المواجهة، وما بعدها، وأن المواجهات ليست قدراً على أبناء الطبقة العاملة أو المتوسطة المتآكلة، وإنما على جميع فئات الشعب الفلسطيني وأولاها النخب والقيادات ورجال الأعمال وأصحاب المصالح.. عندها نستطيع القول إن هناك توجهاً حقيقياً لمواجهة الصفقة، وكل المؤامرات التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني.
المواجهة الحقيقية تحتاج إجماعاً يشارك فيه ممثلو الشباب بشكل خاص لأنهم الوقود الأساسي إضافة إلى الاتحادات المهنية والنقابية الفاعلة وغير المسيسة تحت مظلة القيادة السياسية، لأن مواجهة الصفقة قد تستمر حتى نهاية فترة ترامب الحالية، أو حتى أربع سنوات أخرى في حال فوزه بولاية ثانية.
نحن أمام مواجهات طويلة يجب ألا ترهق المواطن، وفي الوقت نفسه تبقي الدافعية لديه للاستمرار، وليس عيباً أن نتعلم من تجربة مسيرات العودة في القطاع وتطوير هذه التجربة بما يتوافق مع البيئة الجغرافية والديمغرافية للضفة الغربية، فهل من مستمع حقيقي لصوت الجماهير، أم أن الأمر مجرد تكتيك للرد على مؤتمر يعقد هنا أو هناك أو “تهويش” لما هو مقبل.. التساؤل المثار بين الفلسطينيين: هل تسخين جبهة الضفة إستراتيجي أم تكتيكي؟

المصدر جريدة الأيام
الاخبار العاجلة