هذا كلام مَن ولدتهم امهاتهم أحراراً يا ترامب

30 يونيو 2019آخر تحديث :
مقالات مروان طوباس جنين

موفق مطر-الحياة الجديدة

 كيف يفكر هذا الرجل؟! فعقلية التفرد، ورؤيته الدونية للآخر، وعنصريته، وغطرسته المتماثلة مع دكتاتورية حملت على كتف الديمقراطية (صناديق الانتخابات)  تجعل منه هتلر جديدا يجلب الدمار للعالم ، ويقوض اركان التوازن في العلاقات مابين الدول والشعوب.
نعتقد الى حد اليقين أن دونالد ترامب لم يفكر يوما بأن الرئيس محمود عباس سيبرز اليه من صفوف الرؤوساء والملوك في المنطقة مبارزا بسلاح القانون والشرعية الدوليين، مدافعا عن حقوق شعبه التاريخية وثوابته الثقافية والسياسية، فهذا (ترامب) الذي يمشي في الأرض مختالا  يعتقد ان (دولة فلسطين) بأرضها وشعبها وقيادتها يمكن أن تكون احدى (جمهوريات الموز) في منطقة الشرق الأوسط. 
 ظن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقدرته على شراء ذمم قيادة الشعب الفلسطيني الوطنية، وتحويل اموال المساعدات المالية الى سلاح لإرهاب منظمة التحرير الفلسطينية وربما صِدق وسوسة شياطين الانس المحيطين به البيت الأبيض أن ضغطا ماليا وسياسيا واعلاميا على رئيس الشعب الفلسطيني سيضمن له استسلام  قائد التحررالوطنية الفلسطينية محمود عباس ابو مازن والمجيء اليه مذعنا خاضعا موافقا على صفقة القرن.. فترامب باعتباره صاحب مشروع استعماري جديد في منطقة الشرق الأوسط عليه أولا ان يحاصر (قلعة فلسطين) ويتمكن من اختراق بوابتها الرئيسة، ولكن أنّى له ذلك فيما القلعة صامدة بشعبها وقائدها، فيا ليته قرأ بونابرت وانكساره عند اسوار عكا، وتحطم مشروعه الاستعماري آنذاك ايضا قبل أن يذهب بعيدا في محاولاته اليائسة، وآخرها ورشة (صبيه وصهره الأنيق) جاريد كوشنير في البحرين التي حشرت ادارته في  (مضيق الفشل).
قبل ان نمضي في المقال وجب اطلاع القراء على معنى (جمهورية الموز)  فالمصطلح يعني نظام دكتاتوري أو غير مستقر يعمل قائدها خادما لمصالح  خارجية وقد اطلقت على بلدان في اميركا الجنوبية وأفريقيا وآسيا، سمحت ببناء مستعمرات لأميركا على اراضيها مقابل مردود مالي يعود على أثرياء حكموا تلك البلاد او الى حكام جاءوا الى سدة الحكم عبر انقلابات عسكرية.
في أحدث تعبير عن الصدمة التي اصابت ترامب نتيجة صفعة الرئيس ابو مازن الفلسطينية الرسمية والشعبية المحكمة، قال ترامب في مؤتمر صحفي على هامش مؤتمر قمة العشرين في اليابان: “لقد قطعت المساعدات عن الفلسطينيين لإجبارهم على العودة إلى المفاوضات”.. بعد ان قال: “قمت بإيقاف هذا التمويل لأنه قبل عام سمعتهم يقولون أشياء سيئة”.
 هل توقع ترامب من الشعب الفلسطيني مديحا أو تسبيحا باسمه فيما نراه يدخل مع الاحتلال مباشرة في معركة هدفها انهاء وجودنا السياسي، ويحاول شطب فلسطين عن خريطة العالم، وتكريس اسرائيل العنصرية الاحتلالية الاستيطانية، ويساعد ساستها على تهويد مقدساتنا؟؟
 هل ترانا سنغض الطرف عن وعده الاستعماري الجديد، وتقديمه على مراحل لبنيامين نتنياهو بالتحديد الذي يراه نسخة طبق الأصل عنه؟؟! 
أم تراه نسينا قراراته ضد شعبنا وقضيتنا التي سنسرد له عناوينها؟ فهو ان نسي فنحن لا ننسى أبداً خاصة عندما يتعلق الأمر بثوابتنا.
ترامب الذي يعتبر نفسه اول التاريخ  للولايات المتحدة، سيكون اول من سيجلب لها العار وبداية الانهيار، فالذي يشن الهجمات على الشرعية الدولية بين الحين والآخر، وعلى صحافة بلاده، ويذم رؤساء الولايات المتحدة السابقين وتحديدا باراك اوباما ذا الاصول الأفريقية ويشهِّر به  مدفوعا بنزعة عنصرية، من البديهي أن يعتبر مواقف الرئيس ابو مازن وتمسكه بحقوق الشعب الفلسطيني وثوابته، واصراره على تطبيق عدالة القانون الدولي والشرعية الدولية كلاما سيئا، ولو لم يعتبره كذلك لكنا نحن المخطئون في قراءة نهج وسياسة ترامب البلفورية الهتلرية المستنسخة من جديد.  
 عندما اتى الينا فرشنا له السجاد ألأحمر، لكن بعد أن غدر بنا وأصدر قراراته التالية؛ سنفرش الأرض ما بيننا وبين البيت الأبيض بلاءات مسمارية حتى لاتمضي عربة المؤامرة على حقوقنا.
 ماذا يتوقع منا ترامب بعد أن طعننا في القلب يوم اشهر قرار اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال اسرائيل على مرأى العالم عموما والمسلمين خصوصا، ما يعني موافقته على تهويدها بكل ما فيها وبالدرجة الأولى مقدساتها  المسيحية والاسلامية؟؟ ثم نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس والحقها بدمج القنصلية الأميركية مع سفارته بالقدس، أما ورشة البحرين التي اراد منها نسف تقزيم قضية تحررنا واستقلالنا  وسيادتنا على ارضنا، وتبديد ملامح وجهنا الفلسطيني الوطني، وقطعه مع قلبنا العربي، وجذورنا الانسانية الحضارية، وتحويل أم القضايا في العالم الى مجرد مشكلة انسانية، فهي التعبير الحقيقي عن اخفاقه وفشله، فمخطط اذلالنا عبر سلاح المال لم ولن يفلح، وكأنه لايعلم أننا استطعنا مواجهة سلاح المجازر والقتل والتهجير والتدمير والعنصرية التي اتبعها معنا ساسة وجنرالات الاحتلال  الاسرائيلي وهانحن صامدون ثابتون متشبثون بأرضنا.  
سنذكرترامب بطعناته المتتابعة دون الدخول بتفاصيلها، فقد باتت معلومة للعالم، نذكره حتى لا ينتظر منا الا المواقف الصلبة، فهو قد الغى المساعدات المالية والعينية لـوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا بقصد الغاء قضية اللاجئين، ونصب نفسه مكان المؤسسات الدولية الشرعية، وحدد عددهم بأربعين الف فلسطيني فقط، وكأنه لا يعلم أن عائلة واحدة في فلسطين قد يساوي عدد افرادها الرقم الذي تحدث عنه!!.. وقطع ترامب التزامات الولايات المتحدة المالية للسلطة الفلسطينية باعتبارها راعية للاتفاق الذي تم مابين منظمة التحرير وحكومة اسرائيل عام 1994 فهو ليس كرما ولا منحة ولا مساعدة وانما وعد بالالتزام نفذته ادارات اميركية سابقة.
 الغى الدعم المالي لمستشفيات القدس، وقرر اغلاق منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن  وكذلك حساباتها المصرفية وطلب من سفير فلسطين مغادرة واشنطن.
نحن لا نقول اشياء سيئة عن واحد، فلدى قيادتنا من القيم والسلوك الأخلاقي ما يكفي لأن يكون قاموسا لساسة العالم، لكن من يتجرأ على حقوق شعبنا، ويعتدي علينا فعليه ألا يتوقع منا إلا قولا وفعلا لايصدر إلا عمن ولدتهم امهاتهم أحرارا.

 

الاخبار العاجلة