شرارة الفلاشا في تل أبيب

4 يوليو 2019آخر تحديث :
مقالات مروان طوباس جنين

موفق مطر-الحياة الجديدة

مواطنون اثيوبيون استغل اصحاب المشروع الصهيوني الاستعماري الاحتلالي العنصري خصوصيتهم، ليقتلعوهم من جذورهم، ووضعوهم في قطار (اليهودية) ليستخدمونهم كأدوات. لكن مساحيق التجميل من ماركة الديمقراطية الاسرائيلية لا تدوم مهما اتقنت صناعتها، وفي لحظة ما تنكشف وجوه العنصريين الحقيقية.

الأثيوبيون اليهود في دولة الاحتلال نزلوا بعنف واشتبكوا مع الشرطة في شوارع تل أبيب، لأن السلطات افرجت عن شرطي اسرائيلي (يهودي أبيض) قتل اسرائيليا (يهودي اثيوبي اسمر) اثر خلاف على الجلوس في مقعد في حافلة لنقل الركاب، فكان الحادث وموقفهم من ازدواجية معايير السلطات الاسرائيلية بمثابة لهب شمعة اضاء زاوية ضئيلة المساحة من مغارة نظام تل ابيب، وكشفت عن جريمة التمييز العنصري التي يرتكبها هذا النظام بحق اسرائيليين (مخدوعين مضللين)، كانوا موعودين بجنة، ولكن على أرض الشعب الفلسطيني، وبحياة رفاهية واستقرار وأمن، ولكن على حساب معاناة وآلام ومشاكل الشعب الفلسطيني، وعدوهم بسلام، فيما فوهات أسلحتهم لم تكف يوما عن التهام وجباتها من لحم ودماء الانسان الفلسطيني.

لا تستقر الدول التي ترتفع أركانها على (عصبية دينية مسيسة)، فكيف إذا كانت قائمة على اركان اغتصاب أرض شعب، ونكران وجوده، وحقه في تقرير مصيره، والحرية، واستباحة مقدراته وكل ما في حياته بدءاً بأرضه وبيته وانتهاء بسفك دمه ما لم يخضع..؟ وربما تصحح انتفاضة الفلاشا (الأثيوبيين اليهود) رؤية اليهود الذين استقدمتهم ماكينة المشروع الاستعماري من أوطانهم الأصلية وزرعتهم في خنادق المواجهة الأمامية مع الشعب الفلسطيني أصحاب الأرض الأصليين، ففلسطين ما كانت يوما وطنا لشعب غير الشعب الفلسطيني رغم موجات الاحتلال التي ضربتها عبر العصور.

الشرطي القاتل الذي كان بلباس مدني في الحافلة، صورة مصغرة عن حالة رئيس حكومته نتنياهو، حيث عكس الشرطي مخاطر الاندفاعة السريعة لقاطرة رئيس حكومة نظام تل أبيب السياسية نحو التعالي والاستكبار وأخذ كل الأمور بمنطق العنف والقوة النارية والتمييز العنصري ليس في التعامل مع الشعب الفلسطيني وحسب، بل مع مجتمع اسرائيل بكل ألوان طيفه، حتى ان ايهود باراك انتقده ودعاه للكف عن العبث بمصير اسرائيل ومحاولة السيطرة عليها لضمان هروبه من القانون، تماما كما يفعل الدكتاتوريون، لذا من البديهي ان يعكس الشرطي سياسة حكومته وهو يرى تحالفا مقدسا بين ترامب ونتنياهو وكلاهما وجهان لعملة استعمارية عنصرية، وكلاهما شريكان في التمرد والخروج على الشرعية الدولية وقوانينها، وكلاهما لا يقيمان وزنا للأعراف والمواثيق، ولا يريان الا مصالحهما الذاتية، وما يكرس نزعته السلطوية مهما كان الثمن.

لا نعرف الى أي مدى ستذهب الأمور، وكل ما نعرفه أن النزول الثاني للأثيوبيين اليهود الاسرائيليين للشارع بعد نزولهم أول مرة في العام 2015 يعني ان جمر التمييز العنصري ما زال مشتعلا تحت رماد المجتمع الاسرائيلي، رغم المليارات المصروفة على تحسين صورة دولة الاحتلال، ورغم توظيف الآلة الاعلامية الأميركية لهذا الغرض، ولكن انبعاث الشرر في شوارع تل أبيب بعد أقل من اسبوع على انقضاء الورشة الأميركية في البحرين، وتقديم اسرائيل كدولة ضامنة للاستقرار والسلام في المنطقة، سيثبت للعالم ان ترامب يسعى لتثبيت دولة دكتاتورية في المنطقة، تحمل في جيناتها عناصر الجريمة ضد الانسانية وجريمة الحرب والتمييز العنصري.

الاخبار العاجلة