أسباب تصاعد الإرهاب

7 أغسطس 2019آخر تحديث :
أسباب تصاعد الإرهاب

عمر حلمي الغول_ بات من المؤكد تاريخيا، وليس استنتاجا حديثا، أو خاصا بي، ان الإرهاب لا لون، ولا دين، ولا جنس، ولا عرق له. وكل الأمم والشعوب فيها ما يكفيها من العوامل المولدة والمنتجة للإرهاب. لكن التعميم هنا، لا يعني التعمية، أو التغطية على الفوارق، والخصائص المساعدة بين شعب وآخر، وبين شرائح وفئات وطبقات اجتماعية عن غيرها، وبين أتباع عرق أو دين عن دين وعرق آخر لتصاعد، أو انخفاض وتيرة الإرهاب. كما لا يمكن إغفال، أو غض النظر عن دور العامل الموضوعي في تأجيج وتفعيل ومضاعفة عمليات القتل والاغتصاب والحرق والجريمة المنظمة بكل تلاوينها في أوساط شعوب بعينها.

وبالانتقال من العام إلى الخاص لقراءة تصاعد ومضاعفة عمليات القتل في الولايات المتحدة الأميركية خلال العامين الماضيين بعد تولي الرئيس دونالد ترامب الحكم مطلع عام 2017، نلحظ انها لم تكن عفوية، ولا عابرة، أو بالصدفة المحضة، بل لها أسبابها ودوافعها الاجتماعية والدينية والعرقية والسياسية، لا سيما ان العمليات الإرهابية ازدادت بشكل ملحوظ، وغير مسبوق، حيث شهدت الولايات المتحدة بين الثالث والرابع من آب/ أغسطس الماضي (2019) ثلاث عمليات إطلاق نار في ثلاث ولايات مختلفة هي: تكساس (مدينة آل باسو) وأوهايو وإلينوي (مدينة شيكاغو)، ومجموع عمليات القتل منذ تولى الرئيس الـ 45 الحكم بلغت في عامين عشر عمليات قتل بدءا من عملية لاس فيغاس في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، مرورا بـ “سذر لاند سبرنغر” في 5 / 11/2017، وباركلاند 14/2/2018، وتري أوف لايف 27/10/2018، وتاوزند أوكس 7/11/2018، وفرجينيا بيتش 31/5/2019، وبلغ مجموع القتلى 165 ضحية وعدد أكبر من الجرحى، والحبل على الجرار.

مما لاشك فيه، أن البيئة الأميركية بشكل عام تعتبر بيئة خصبة لعمليات الإرهاب والجريمة المنظمة لأكثر من سبب وعامل، منها أولا تسيد منطق وفلسفة راعي البقر (الكابوي) بين حملة الجنسية الأميركية؛ ثانيا تعمق وتجذر العنصرية في الوعي الجمعي الأميركي؛ ثالثا الفوارق الاجتماعية والطبقية الواسعة والعميقة؛ رابعا السماح وفق القوانين الأميركية باقتناء السلاح ودون ضوابط، وبكميات كبيرة، وبأشكال ونوعيات متنوعة من الأسلحة وصولا لامتلاك دبابات وسيارات عسكرية ورشاشات بأنواعها بما في ذلك الرشاشات المتوسطة 500، ووفق التقارير الأميركية فإن شخصا واحدة يملك وحده 4000 قطعة سلاح؛ خامسا السماح بتشكيل مليشيات من المرتزقة … إلخ.

مع ذلك، فإن العوامل المذكورة أعلاه على أهميتها في تهيئة المناخ لارتكاب الجرائم المنظمة، إلا أنها لم تصل إلى ما وصلت إليه الجرائم في عهد الرئيس الأفنجليكاني العنصري البغيض، والأسباب تعود إلى الآتي: أولا منذ الحملة الانتخابية الرئاسية لترامب، وبعد توليه الحكم مارس التحريض المباشر والمجنون على المسلمين والمكسيكيين والملونين والسود عموما؛ ثانيا عمق التناقضات الإثنية والدينية، وعزز العنصرية البشعة بشكل خطير بين ابناء الشعب الأميركي؛ ثالثا فتح النار على الشعوب والدول الأخرى، ووسع دائرة التناقضات مع العالم كله باستثناء دولة الاستعمار الإسرائيلية؛ رابعا أعلى من شأن ومكانة الكنيسة الأنجليكانية على حساب اتباع الطوائف المسيحية الأخرى، وطبعا وبشكل جلي على حساب اتباع الديانات والمعتقدات الروحية والفكرية الأخرى؛ خامسا ضاعف من حجم وسعة التناقضات في صفوف الأميركيين اجتماعيا واقتصاديا إرتباطا بمضاعفة وتعمق التناقضات مع الأقطاب والدول والشعوب الأخرى، والتي انعكست على الداخل الأميركي؛ سادسا ما تقدم من عوامل سابقة على وصول ترامب الحكم.

النتيجة الجلية، ان وصول الرئيس النرجسي والعنصري لحكم الولايات المتحدة أسهم بشكل واضح في تسيد الخطاب الشعبوي والغوغائية عموما، وساهم في خطف الثقافة الديمقراطية، ورسخ نزعات الكراهية والحقد ضد الآخر الأميركي، وفتح في نفس الوقت شهية أضرابه من العنصريين على الاستخفاف بقيمة ومكانة الإنسان كإنسان، ما دفعهم لارتكاب جرائم بشعة لمجرد الكراهية، أو الانتقام من الذات والآخر الأميركي لتفريغ شحنة العنصرية المنفلتة من عقالها بحكم انتشار السلاح دون ضوابط ومعايير، وهذا يفتح القوس للاجتهاد والاستشراف، بأن أميركا ما لم تتخذ إجراءات رادعة وحازمة ضد مرتكبي الجرائم الإرهابية، فإنها تتجه بخطى متسارعة نحو المزيد من عمليات القتل والإرهاب، والتي بدورها قد تؤدي لنتائج سياسية واقتصادية واجتماعية غير محمودة العواقب على مستقبل أميركا ككل.

الاخبار العاجلة