الموظف الممتاز يصبح مديراً سيئاً، مبدأ بيتر يكشف سر فشل الشركات التي ترقي الأكفاء

27 أغسطس 2019آخر تحديث :
الموظف الممتاز يصبح مديراً سيئاً، مبدأ بيتر يكشف سر فشل الشركات التي ترقي الأكفاء

صدى الاعلام _رام الله :  «أفضل العاملين ليسوا دائماً أفضل المديرين»، هذا هو الاستنتاج الذي توصلت إليه مجموعة من الباحثين الذين درسوا أكثر من 130 شركة أمريكية حيث تمت ترقية الموظفين الذين أدوا أداءً أفضل في دورهم إلى مناصب إدارية، فيما يعرف باسم مبدأ بيتر.

وفي هذه الترقيات، لم يكن هؤلاء الرؤساء مؤهلين للقيام بدور قيادي، بحسب تقرير للنسخة الأسبانية من شبكة BBC.

لماذا سمي مبدأ بيتر؟

أجريت هذه الدراسة بالاشتراك مع متخصصين من جامعة مينيسوتا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة ييل لإثبات «مبدأ بيتر».

هذه الدراسة أجريت بناء على فكرة طرحها الستينيات أستاذ التعليم الكندي لورانس ج. بيتر على أنه والتي تقول إنه «في التسلسل الهرمي، يميل كل موظف إلى الترقي حتى يصل إلى مستوى من عدم الكفاءة».

ولكن ما هو بالضبط هذا المبدأ؟ وما مدى حدوث أن يصبح الموظف الجيد رئيساً غير كفء في الشركات؟

مشكلة التسلسل الهرمي

لاحظ بيتر أن هناك مشكلة تتعلق بعدم كفاءة الرؤساء في المنظمات التي اتبعت نمطاً من التسلسلات الهرمية (أي الترقيات تخضع للأقدمية والسن) وجعلته علنياً في الافتتاحيات والاتفاقيات والمحادثات المختلفة، لكن فكرته لم تلق استحساناً.

كما هو موضح في كتاب «Peter principle»، الذي كتبه مع المؤلف ريموند هال، رفض 14 ناشراً نشر نظريته. 

كتب بيتر: «بدأت لدي شكوك حول ما إذا كان العالم مستعداً لاستقبال اكتشافي».

جيف بيزوس مالك شركة أمازون وأغنى رجل في العالم

وهكذا بدأ الاثنان (بيتر وهال) في نشر مقالات حول هذا الموضوع في صحف أمريكية مختلفة في منتصف الستينيات، وهكذا بدأا في جذب انتباه الجمهور وأخيراً تم إصدار الكتاب في عام 1969.

ويوضح، من خلال أمثلة حقيقية ولكن بأسماء وهمية، أساسيات الفرضية القائلة «بمرور الوقت، يميل كل منصب إلى أن يشغله موظف غير كفء لأداء مسؤولياته».

وتابع: «يتم تنفيذ العمل من قبل هؤلاء الموظفين الذين لم يصلوا بعد إلى مستوى عدم الكفاءة».

لقد تبين أن استنتاجه حقيقي

أعطانا «مبدأ بيتر» الكثير لنتحدث بشأنه في العمل في وقت إعلانه ولكنه لم يستند إلى بيانات علمية، ذلك، أرادت مجموعة من المتخصصين إثبات صحته في العمل الميداني الفعلي.

في حديثها مع BBC Mundo، قالت كيلي شوي، أستاذة المالية في كلية إدارة جامعة ييل الأمريكية وإحدى مؤلفي دراسة Promotions and the Peter Principle «الترقيات ومبدأ بيتر»، إنهم توصلوا بالفعل إلى أن هذه الفرضية صحيحة.

تقول كيلي: «الأرقام الموضحة في الدراسة التي أجريناها في 131 شركة مختلفة تُبيِّن لنا أن هناك دعماً لأفكار بيتر».

أُجريت الدراسة في شركات أمريكية متخصصة في المبيعات.

وفقاً لاستنتاجات التقرير الذي يتم تحديثه كل عام وكان آخر إصدار له في يوليو/تمّوز من هذا العام «من المرجح أن تقوم الشركات بترقية الباعة الأفضل، رغم أنهم قد يصبحون مديرين أسوأ».

ويضيف التقرير: «يؤدي هذا السلوك إلى قيام الشركات بترقية الموظفين الذين يخفضون أداء فريقهم بنسبة 30%».

لماذا أفضل موظف ليس أفضل المرشحين لمنصب المدير؟

«هذا لأن الوظيفة الإدارية تتطلب غالباً مهارات مختلفة للنجاح، على عكس منصب الموظف»، حسبما تقول كيلي.

بينما استندت الدراسة إلى شركات من قطاع معين، إلا أن أستاذة ييل تعتقد أن هذه الظاهرة «يمكن أن تحدث في العديد من أنواع المهن والشركات المختلفة».

تقول: «ما وجدناه هو أنه غالباً ما تكون الترقية للباعة الأفضل، خاصةً البائع الأفضل داخل الفريق، لكن مثل هؤلاء الباعة يميلون إلى أن يكونوا مسؤولين أسوأ إذ ليس لديهم قيمة مضافة في قيادة مرؤوسيهم».

في حديثه لـ BBC Mundo، يقول ديفيد كريادو، مستشار وخبير في التغيير الثقافي في الشركات: «النكتة الكبيرة لمبدأ بيتر هي أنه بينما يصبح الشخص أقل كفاءة كل عام، فإنه يبدو أكثر كفاءة كل عام أيضاً».

لماذا تصر الشركات على ترقية الموظفين غير الأكفاء؟

يتفق المتخصصون الذين تمت استشارتهم على أن «مبدأ بيتر» يحدث في المؤسسات بصورة متكررة.

يقول كريادو، وهو مدير شركة Vorpalina الاستشارية وهو يقدم الاستشارات بشأن التغييرات التي أجراها المديرون والفرق في الشركات في إسبانيا منذ ما يقرب من عقد من الزمان: «يحدد  (مبدأ بيتر) جيداً العلل الرئيسية التي عادة ما أجدها في المنظمات الهرمية لسنوات».

وتابع: «المنظمات التي تنمو في حجمها وتعمل وفقاً للتسلسل الهرمي تميل إلى استمرارية عدم كفاءة الأشخاص من خلال آليات الترقية الداخلية التي لا علاقة لها عموماً بقدرات هؤلاء الأشخاص، ولكن مع الممارسات غير السليمة للشركة».

مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس/ رويترز

«مبدأ بيتر» مستمر في الشركات لأن فرص الترقية تمثل الوسيلة الرئيسية لتحفيز الموظفين، حسبما يقول الخبراء.

تقول كيلي: «يقدّر الأفراد الترقيات، لذا، إذا كانت لدى الشركة سياسة ثابتة تقول إن أفضل موظف ستتم ترقيته، فمن المرجح أن يعمل جميعهم بجِدّ».

وتضيف: «هناك أيضاً أدلة على أنه عندما لا تقوم الشركات بترقية أفضل الموظفين في المناصب الإدارية، فإن الموظفين يشعرون بالإحباط ومن المرجح أن يستقيلوا».

ما هو الحل؟

تقول كيلي إن الحلول القائمة ليست رخيصة الثمن.

تحذّر: «بعض الشركات تقدم أعلى كمكافأة على الأداء الجيد للعاملين. لذلك، في هذه الشركات ليست هناك حاجة إلى الترقيات كحوافز. لكن هذا قد يكون مكلفاً بالنسبة للشركات».

من جانبه، يعتقد كريادو أن هناك ثلاثة حلول ممكنة لهذه المشكلة:

الأول هو النزاهة المهنية؛ إذ يقول: «هذا يعني أنك إذا كنت ليس مُعدّاً للعمل الجديد الذي تمت ترقيتك إليه. يتعين عليك التدريب ومحاولة التغلب على ذلك، وإذا لم ينجح ذلك، يتم إجراء تنحية، وهي ترك الوظيفة وتقليل الراتب لأنك لم تعد رئيساً».

ويضيف: «هذه مواقف حساسة للغاية يمكننا تنفيذه طالما قضينا على الدراما».

الحل الثاني وفقاً له أنك: «إذا كنت تعتقد أنك لن تكون قادراً على أداء هذا المنصب قبل أن تُعيّن فيه، وأنك لا تحبه، يجب عليك توصيل ذلك إلى رئيسك في العمل حتى لا تكون هناك توقعات. وبهذه الطريقة يمكنك تجنب الكثير من المشاكل».

وأخيراً، الخروج من الهيكل الرأسي

يقول كريادو: «أن يكون الشخص قادراً على تطوير الحياة المهنية وفقاً لما يريده وليس ما تريده الشركة».

ولهذا السبب، في بعض المنظمات، يتم إنشاء حياة مهنية أفقية في الوقت الحالي، كما يقول.

يختتم الخبير قائلاً: «لا يجب أن تنتهي الحياة المهنية إذا كنت لا ترغب في المناصب الإدارية».

الاخبار العاجلة