أجرت وكالة سبوتنيك الروسية الحوار التالي مع وزير الخارجية الفلسطيني السابق وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ومسؤول العلاقات الخارجية الدكتور-نبيل شعث، نص الحوار جاء كالتالي:
سؤال: هجوم أبو مازن في خطابه الأخير خلال استقباله لذوي الاحتياجات الخاصة موجه تجاه دول بعينها، وحديثه حول التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي الفلسطيني…من المقصود به برأيك؟
جواب: وصلت اليوم من “ماليزيا”، بعد فترة غياب أسبوع عن الوطن، ولكني أعلم أن الموقف التاريخي الفلسطيني، دائما كان يفيد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي، كما أننا لا نرحب بالتدخل في شؤوننا الداخلية من أي بلد عربي، فهو مبدأ عام نسير عليه، فعلى الرغم من كل المآسي التي تمر بها سوريا، لم يحدث أن تدخلنا في الشأن السوري، كما أننا لم نتدخل في شأن العراق، ولا في الشأن المصري، ولم يسبق لنا التدخل في أي شأن داخلي عربي، وهو موقف القيادة الفلسطينية، بداية من الرئيس الراحل ياسر عرفات، وهو الموقف الذي تسير عليه حركة فتح منذ بدايتها حتى الآن، وأنا لا أعلم من بالتحديد، الذي يقصده أبو مازن، لكني أعتقد أنه يقصد، كل من يظنّ أن من حقه أن يطالب الفلسطينيين بأمور تتعلق بشأن داخلي، ونحن في المقابل لا نتدخل بأي شأن عربي يتعلق به. نحن نريد دعم جميع الدول العربية في صراعنا من أجل تحرير بلادنا، ومن أجل الحفاظ على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، لكننا في ذات الوقت لا نتدخل في شؤون الغير، ولا نريد من أحد أن يتدخل في شؤوننا، وهو موقف عام تاريخي لم ولن يتغير.
سؤال: ما الهدف من وراء تصريحات أبو مازن وإطلاقها في هذا التوقيت بالذات؟
جواب: لأن هناك إشاعات كثيرة تفيد بأن هناك تدخلات حول مسألة إعادة محمد دحلان، بعد فصله من حركة فتح، وبأن هناك تدخلات فيما يتعلق بالسياسة الداخلية الفلسطينية. نحن نتعامل في إطار ديموقراطي، وفي إمكان دحلان، وغيره العودة إلى الوطن وطرح قضيتهم، وهناك أكثر من 100 مؤسسة داخل حركة فتح، تستطيع النظر في شكواهم، إن كانت لهم شكوى، وهو أمر قد حدث من قبل مرات عديدة. فعندما زادت الشائعات وتناولت تلك الأمور الداخلية البحتة، جاءت لهجة خطاب أبو مازن بهذا الشكل، فهذا أمر داخلي بحت، لا يتعلق بالسياسة الخارجية لفلسطين، أو يتعلق بعلاقتها بالدول العربية، وإنما يتعلق فقط بالمسألة الداخلية الفلسطينية.
سؤال: خارطة الطريق العربية التي تقودها مصر، وساندتها السعودية بكل ثقلها السياسي، والإمارات، إضافة للأردن البلد التوأم لفلسطين، لماذا لا تلقى دعما من السلطة الفلسطينية في اعتقادك؟
جواب: ليس لدي تفاصيل حول هذا الأمر بحكم تواجدي خارج البلاد الأسبوع الفائت، كما أسلفت، لكني أقول إننا نريد أن نذهب إلى المبادرة الفرنسية، والتي حظيت بموافقة كل العرب وعلى رأسهم مصر، والسعودية، اللتان لعبتا دورا هاما وداعما للفلسطينيين، وللحق الفلسطيني، في “مؤتمر باريس”، ولذلك فالمبادرة الرئيسية الآن، هي المبادرة الفرنسية، لأنها مبادرة دولية، فنحن لا نريد العودة إلى مبادرات ثنائية مع نتنياهو، الذي لا يريد إلا سرقة أرضنا، ولا يريد سوى تنفيذ العملية الاستيطانية التهويدية، التي تسرق بلادنا، وأرضنا، وماءنا، وإذا ما تحدث عن مفاوضات ثنائية، فإنما يتحدث بغرض سرقة المزيد من الأرض، لذا فنحن قررنا الذهاب إلى المبادرة الفرنسية، ليس لأنها فرنسية، ولكن لأنها تستند إلى المرجعية الدولية. كما أن المبادرة العربية التي تبنتها المملكة العربية السعودية، عام 2002، هي مبادرة كنّا قد وافقنا عليها، ولا زلنا نريدها، ولا نقبل أن تغيرها إسرائيل، فتقلبها على رأسها، لتقوم المملكة بالتطبيع مع إسرائيل أولا، ثم تقنع إسرائيل بالذهاب إلى مفاوضات، وقد قام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، في باريس، بتوضيح أن كلا من السعودية ومصر لن تقبلا تغيير شعرة واحدة من المبادرة العربية، وأنهما ملتزمتان بها كما كانت، أي لا تطبيع مع إسرائيل، إلا بعد انسحابها من الأراضي المحتلة عام 1967.
سؤال: بالعودة إلى تصريحات أبو مازن الأخيرة، هل ترى أن تلك التصريحات تصب في صالح القضية الفلسطينية؟
جواب: غيابي فترة الأسبوع الفائت، لم يتح لي قراءة جريدة عربية واحدة، ولكن ما قيل لي عن هذه التصريحات، هو تأكيد لموقف فلسطيني تاريخي لم يتغير، وهو أننا لا نتدخل في شؤون أي دولة عربية، ونتمنى على أشقائنا العرب أن لا يتدخلوا في شؤوننا الداخلية، ما عدا ذلك ، هم حلفاؤنا، وأشقاؤنا الذين يقفون معنا في كل حراك، من أجل فلسطين ومن أجل الأماكن المقدسة في فلسطين، وهذا أمر لم ولن يتغير، فعلى سبيل المثال، الشقيقة مصر قدمت لفلسطين في كل زمان كل دعمها، فليس هناك في اعتقادي قرية مصرية واحدة، تخلو من شهيد مصري كان قد قاتل من أجل فلسطين، كما أن السعودية لم تتأخر يوما عن دعمنا سياسيا، وبالمال والسلاح، ونحن نريد لهذا الدعم أن يستمر دون الدخول في أي قضية داخلية أخرى.
سؤال: أكد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الأحد 4 سبتمبر، توقيع وثيقة تفاهم من أجل تطوير خدمات البريد بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وسط العداء الذي يتوجه به أبو مازن للدول العربية، تقوم السلطة بتوقيع المعاهدات والاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي. كيف لنا أن نفسر ذلك الأمر؟
جواب: في رأيي هذا تضليل، فالسلطة الفلسطينية تقع تحت احتلال إسرائيلي، استيطاني كامل، وحدودنا جميعها خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، والجنود الإسرائيليون يسرقون بلادنا، وأرضنا، ويقتلون أولادنا كل يوم، لذا فنحن لا نقوم باتفاقات جديدة، بل إن إسرائيل تعلن عن ذلك، كي تضلل الموقف العربي، وكي تضلل السرقة التي تقوم بها تجاه أراضينا، وهناك للأسف الشديد من يؤيدونها ويدعمونها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، فالقول بأن “أبو مازن” يهاجم العرب، وفي المقابل يعقد الاتفاقيات مع إسرائيل هو تضليل، ومرفوض بالكامل.