انعقاد قمة بين إسرائيل والفلسطينيين في موسكو مناورة من قبل بنيامين نتنياهو لإفشال أي مبادرة أميركية جديدة

6 سبتمبر 2016آخر تحديث :
انعقاد قمة بين إسرائيل والفلسطينيين في موسكو مناورة من قبل بنيامين نتنياهو لإفشال أي مبادرة أميركية جديدة

خاص ” ترجمة صدى الإعلام “

ووفقاً لعدد من التقارير في الأسابيع الأخيرة، يعتزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استضافة قمة في موسكو بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. نُشر التقرير الأول في صحيفة معاريف في 11 تموز – يوليو وأكد ذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر صحفي هذا الشهر، فضلاً عن مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين وروس.

 وفقاً للمصادر، من المقرر عقد القمة قرابة تشرين الأول – أكتوبر أو بعد ذلك بقليل. هل يواصل نتنياهو “توجّهه نحو الشرق” ومحاولة دعم موقف روسيا كوسيط نزيه في المفاوضات المتعثرة بين إسرائيل والفلسطينيين؟ هل يحاول بوتين تعميق دخول روسيا المتجدد إلى المنطقة؟ بعد زج روسيا في النزاع السوري، هل يحاول بوتين الآن تقويض الدور التاريخي للولايات المتحدة كوسيط نزيه بين إسرائيل والفلسطينيين؟ يبدو أن هذه التقييمات مبالغ فيها. بشكل عام، من المرجّح أن تكون المسألة سياسية وجزء من مناورة تكتيكية متطورة من جانب نتنياهو. ان أهدافه تختلف تماماً عن تلك المذكورة أعلاه.

 انتقد مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وهو بلغاري الجنسية، في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 29 آب – أغسطس بشدة السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. وشمل انتقاده تصريحات قاسية بشأن بدء أعمال البناء في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية والذي قد أعلن عنه مؤخراً، فضلاً عن سياسة “العصا والجزرة” التي يتبعها وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية. أكد ملادينوف أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية تحبط فرص السلام، واستخدم لغة حادة للغاية في انتقاد الحكومة الإسرائيلية. أصدرت القدس رداً غاضباً بدل أن تدير خدّها الأيسر.

 قالت مصادر مشاركة في المفاوضات “للمونيتور” ان تسلسل الأحداث تم التخطيط له بدقة من قبل بوتين ونتنياهو، ولكن الأهداف مختلفة. يتحدّث الرجلان عبر الهاتف مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، والتقيا ثلاث مرات خلال الشهرين الماضيين. ان هذا ليس دليلاً على وجود تقارب حقيقي أو انسجام بينهما، ولكن من الواضح وجود لعبة تقاطع فيها المصالح. يشجع بوتين الأنشطة التي تعزز النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط وتزعج البيت الأبيض، بما في ذلك الخدع الدبلوماسية. وضع نتنياهو، من ناحية أخرى، نصب عينيه هدفاً رئيسياً واحداً وهو تجنّب مبادرة دبلوماسية أمريكية عقيمة.

وتقول مصادر “المونيتور” ان أياً من الرجلان يتلاعبان بأمل أن تحقق القمة مع عباس خرقاً أو فرصاً متقدمة للسلام. وفقاً لعدد من الأشخاص على دراية بما يجري، في ذهن نتنياهو هدف آخر. تحدّث مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع رفض الكشف عن اسمه إلى “للمونيتور”، قائلاً ان “كل ما يريده [نتنياهو] هو أن يمضي الوقت بأمان بين تشرين الثاني – نوفمبر وكانون الأول – يناير، حين يتحرّر الرئيس أوباما من جميع الالتزامات أو يُقدم على خطوة دبلوماسية أو ببساطة يرفض استخدام حق النقض ضد المبادرة الدبلوماسية [في مجلس الأمن]. يمكن أن يلحق ذلك ضرراً استراتيجياً كبيراً بإسرائيل.”

 ان الأمر بسيط: يفترض أن “تهدئ” القمة الدبلوماسية في موسكو في أكتوبر أو نوفمبر من روع أوباما أو توهمه أن الأمور تسير على ما يرام بين نتنياهو وعباس، أو أنه قد يتحقق خرق ما. لهذا السبب يستمر نتنياهو بمحاولة إقناع زعيم المعسكر الصهيوني اسحق هرتسوغ وقسم من حزب هرتسوغ الانضمام إلى الحكومة الحالية. وفي حال تم تعيين هرتسوغ في منصب وزير الخارجية، يكون نتنياهو قد أتم عمله على أكمل وجه.

 نقل نتنياهو مؤخراً رسالة إلى البيت الأبيض عبّر فيها عن قلقه من أن يُقدم أوباما في اللحظة الأخيرة على إعلان مبادرة دبلوماسية من شأنها، وفقاً لرئيس الوزراء، أن تلحق ضرراً كبيراً بكلا الجانبين. يرتبط كل ما خطط له نتنياهو في الأسابيع الأخيرة بخدعة دبلوماسية كاذبة تساعد في إقناع أوباما بأنه ما من حاجة حقيقية لمثل هذه المبادرة.

 في 30 آب- اغسطس، تحدث وزير الليكود تساحي هنغبي، وهو مقرّب من نتنياهو، خلال اجتماع بالمحامين الإسرائيليين. جلس هرتسوغ في الصف الأول من القاعة، وكانت قد تضررت صورته ومكانته بشكل كبير بسبب المفاوضات حول الوحدة غير الناجحة مع نتنياهو في وقت سابق من هذا العام. وما يثير الدهشة، هو أن حديث هنغبي بالكامل كان قد تركّز حول تجديد توجيه النداء إلى هرتسوغ للانضمام إلى الحكومة، استناداً إلى الحجة أنه يكاد يغيب أي فرق في وجهات النظر بين الطرفين.

 وفي وقت لاحق في ذلك اليوم، خلال مراسم جنازة وزير الدفاع السابق بنيامين بن اليعازر التابع لحزب العمل، قال نتنياهو انه لا وجود لاختلافات كبيرة في الرأي بين الليكود وحزب العمل اليوم. ان الرسالة واضحة: على الرغم من جلب ليبرمان إلى الحكومة، لا يزال نتنياهو مهتماً بهرتسوغ. تكمن المشكلة في أنه بعد ما فعله نتنياهو بهرتسوغ في الأشهر الأخيرة – إذلاله عن طريق إنهاء المحادثات حول الوحدة، على الرغم من دعم السيسي لمثل هذا التحالف، في حين منح ليبرمان حقيبة الدفاع – لم يبقى شيء لهرتسوغ ليخسره. ان مكانته في حزبه وبين الجمهور متدنية، كما أن الكشف عن اجتماع آخر بين هيرتسوغ ونتنياهو قبل نحو أسبوعين لم يحسن الوضع.

 يلعب نتنياهو مرة أخرى اللعبة كلاسيكية التي لعبها على مر السنين. فهو يساير الجميع في الوقت نفسه وفي جميع المناسبات. خلال سلسلة من المحادثات المكثفة التي بدأها مؤخراً مع ممثلي وسائل الإعلام الأبرز، أوضح نتنياهو أن أي مفاوضات حقيقية مع الفلسطينيين غير مرجّحة في الوقت الراهن، ولا توجد فرصة لإقامة دولة فلسطينية في المستقبل القريب. وبات خطاب بار ايلان الشهير الذي ألقاه في 2009 طيّ النسيان.

 ولكن في الوقت نفسه، ويواصل نتنياهو إلهاء هرتسوغ بالبرامج الدبلوماسية ويكرر للسيسي أنه لا يزال ملتزمًا بكل ما تم الاتفاق عليه بينهما بوساطة مبعوث السلام السابق للشرق الأوسط توني بلير. كما ويستمر نتنياهو ببعث رسائل تصالحيه داعية للسلام في واشنطن في محاولة لإثبات أنه ليس العقبة التي تقف أمام المفاوضات.

 ولكن هذه المحاولات لم تعد تنطلي على أحد في واشنطن. فلقد ضاق أوباما ذرعًا بنتنياهو وبالحجج البالية خلال الستّ سنوات قبل أن يعود إلى رشده في عام 2014.

 أمّا بوتين، فهو واقعي وغير مهتم بشكلٍ خاصٍ بالمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. فكلّ تركيزه ممحور حول مكانة روسيا في المنطقة. ويبقى السؤال مطروحًا ما هي الخطوات التي سيتخذها أوباما في الفرصة الأخيرة المتبقية له بين شهري نوفمبر ويناير؟ في هذه المرحلة حتى أوباما نفسه لا يعرف ما سيفعل. فهو قرار على الأرجح أنه لم يتخذه بعد.

الاخبار العاجلة