الفلسطينيون مع المشتركة

19 سبتمبر 2019آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

صدى الإعلام- رام الله:

بقلم عمر حلمي الغول- عن الحياة الجديدة

ما زالت عمليات فرز صناديق الاقتراع جارية حتى إعداد هذا المقال من مساء يوم أمس، والتي أظهرت بعد فرز 93% من إجمالي المقترعين للكنيست الـ22 أن القائمة العربية المشتركة حصلت على 13 مقعدا حتى الآن، مع إمكانية زيادة عدد المقاعد لمقعد آخر أو أكثر، وهو ما يشير إلى أن الجماهير الفلسطينية العربية في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة سجلت خيارها بشكل قاطع، انها مع الوحدة الفلسطينية ضد الانقسام والتشظي؛ كما أن تصويتها للقائمة، كان بمثابة تأكيد على مكانتها كرقم أساسي في المشهد السياسي والقانوني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الإسرائيلي، وتأكيد على عدم تمكن قوة إسرائيلية صهيونية مهما علا شأنها من تجاوز الرقم الفلسطيني، حيث احتلت القائمة المشتركة المركز الثالث في الكنيست الـ22 بعد التكتلين الكبيرين؛ ليس هذا فقط، إنما ايضا باتت رقما مقررا في الشأن الإسرائيلي العام بحدود قوتها البرلمانية، وسيكون لها باع طويل في الكيفية التي ستتشكل بها الحكومة القادمة، فإن تمكنت القوى الصهيونية من اليمين المتطرف واليمين من تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن القائمة المشتركة وزعيمها، ايمن عودة سيقف على رأس المعارضة في الكنيست، ولهذا دلالات سياسية وعلى كل المستويات داخل وخارج البرلمان؛ كما ان اندفاع الجماهير الفلسطينية بالتصويت للقائمة المشتركة، ورغم كل الملاحظات على القوى المشكلة لها، كان انتصارا لهويتها الوطنية والقومية، وردا على الهجمة الصهيونية القذرة، وردا على بعض القوى غير المرئية في المشهد الفلسطيني داخل الـ48، التي حاولت من حيث تدري أو لا تدري تشتيت الجهد الفلسطيني، والصوت الفلسطيني تحت حجج وذرائع واهية وغير واقعية، أو لحسابات أخرى.

ولعلي أتفق هنا فيما ذهب إليه بعض الأخوة من الجليل والمثلث والنقب من ان بنيامين نتنياهو كان المحرض الأبرز لصالح القائمة المشتركة، لأنه بتحريضه المصروع والمجنون والمتواتر، شكل دافعا للجماهير الفلسطينية في داخل الداخل ليتصدوا للحملة العنصرية الوحشية والفاشية، التي تمثلتها كلتا الكتلتين الرئيسيتين بمعايير نسبية مختلفة، وفيه تأكيد على ان تصويت الجماهير الفلسطينية لصالحها، يتضمن إعادة اعتبار لها، ولمكانتها، ولدورها الضروري كحامٍ لمصالحها وحقوقها، وللحقوق الوطنية العامة. كما إن ارتفاع نسبة التصويت في أوساطها، وتعزيز مكانتها في السلطة التشريعية، إنما هو إدراك عميق في أوساطها بأهمية وضرورة التصويت في الدورات الانتخابية المختلفة، وردا حازما على كل القوى الأقصوية، التي دعت لمقاطعة الانتخابات، وزيادة القناعة في أوساطها بأهمية النضال البرلماني، وتجذر الإقرار الواعي بما يمكن أن يتمثله أعضاء الكنيست الفلسطينيين من قدرة على التصدي لكل المشاريع الصهيونية العنصرية، المستهدفة مصالح وحقوق الجماهير الفلسطينية على كل الصعد والمستويات السياسية والاقتصادية والقانونية والثقافية، ويمكنهم بالدعم المتواصل لنوابهم في الكنيست من هزيمة صفقة القرن، من خلال هزيمة نتنياهو وأقرانه، وبالمقابل بإعادة الاعتبار لخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967.

وأهم ما يمكن ان يسجل في انتخابات الكنيست 22 هو نجاح الجماهير الفلسطينية بمنح القائمة العربية المشتركة ثقلا مركزيا، أضعف حظوظ نتنياهو من إمكانية تشكيل الحكومة القادمة. وهذا بحد ذاته يعتبر المنجز السياسي الأهم، لأن انعكاساته سترتد إيجابا على الجماهير الفلسطينية في داخل الداخل، وعلى مستوى القضية الوطنية العامة، وهو ما أشير اليه في الفقرة السابقة المتعلق بصفقة القرن وتداعياتها الخطيرة، فضلا عن قانون “القومية الأساس للدولة اليهودية” وقانون “الكامينت” .. وغيرها من القوانين.

كل التحية للجماهير الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، التي تمثلت دورها ومكانتها، وأدركت بتجربتها، وبما قدمته على مذبح الدفاع عن حقوقها المختلفة وفي مقدمتها الحق السياسي الشهداء والجرحى والمعتقلين، والتي اكتوت بنيران الإرهاب الدولاني الصهيوني المنظم، ونشر السلاح والفوضى، والقتل المأجور، وتحديات العنصرية البغيضة. شكرا لأنها سجلت في صفحات تاريخها المجيدة أن انتخابات 17 ايلول/ سبتمبر 2019 لها ما بعدها، ودونت فيها هزيمة ساحقة لنتنياهو وخياراته الفاشية، وستدفعه بفضل قوتها إلى متاهات السجن، حيث يجب ان يكون نتاج جرائمه وفاشيته وفساده غير المسبوق.

الاخبار العاجلة