التمويل الاضخم لإسرائيل

17 سبتمبر 2016آخر تحديث :
التمويل الاضخم لإسرائيل

عمر حلمي الغول

تم يوم الاربعاء الماضي الموافق ال14 من سبتمبر الحالي في قاعة المعاهدة بوزارة الخارجية الاميركية توقيع اتفاق التمويل الاضخم في تاريخ الولايات المتحدة لدولة حليفة، هي إسرائيل. وبلغ 38 مليار دولار اميركي خلال عقد من الزمن (2019/2028). ووفق سوزان رايس، مستشارة الامن القومي الاميركي، فإن الاتفاق يؤكد ان العلاقات الثنائية المشتركة بين البلدين “لايمكن كسرها”. وشددت على ان اميركا “تفخر بأنه لم يسبق لإي إدارة أن عملت كالادارة الحالية من اجل تدعيم أمن إسرائيل.” وتابعت بصلف قولها، “ان الولايات المتحدة ستكون دائما هناك من اجل إسرائيل” الاستعمارية، لتصول وتجول بغطرستها وعنصريتها وفاشيتها في عملية تطهير عرقي شاملة ضد الفلسطينيين، وتبديد خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام1967، وفرض سطوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية على كل بلاد العرب من المحيط إلى الخليج.

وما ربط الرئيس باراك اوباما عن التوقيع على الاتفاقية الفضيحة والسلام على المسار الفلسطيني الاسرائيلي إلآ شكلا من اشكال التضليل والرياء والكذب المعلن. لان من يريد السلام، وضمان التعايش بين شعوب المنطقة، عليه ان يضغط على دولة التطهير العرقي الاسرائيلية سياسيا وإقتصاديا وعسكريا وليس العكس. فالتمويل الاميركي الاكبر لارهاب إسرائيل المنظم، هو وصمة عار على جبين إدارة اوباما والولايات المتحدة الاميركية وتاريخها الاسود المعادي للفلسطينيين والعرب. كيف يمكن الربط بين تمويل دولة الاستعمار الاقتلاعي الاجلائي والاحلالي الاسرائيلية وبين صناعة السلام؟ ألآ يرى الرئيس اوباما وإدارته الاميركية الراعية الاولى للارهاب الدولاني في العالم، بأن إسرائيل تقوم على مدار الساعة باعلان عطاءات البناء للوحدات الاستعمارية في المستعمرات المقامة على اراضي دولة فلسطين؟ وألآ تشاهد بإم عينها تصاعد وتفاقم الانتهاكات والممارسات والجرائم العنصرية الاسرائيلية إستنادا إلى تشريعات الكنيست والحكومة والقضاء الاسرائيلي؟ والم تصل التقارير اليومية عن مصادرة وتهويد الاراضي الفلسطينية وهدم البيوت والعقارات او الاستيلاء والسطو عليها وتغيير معالم مدينة القدس، العاصمة الابدية لفلسطين؟

النتيجة المنطقية، التي يمكن ان تخلص اليها القيادة الفلسطينية، هي الاعلان عن نفض يدها من الرعاية الاميركية مرة وإلى الابد. والتعامل مع الادارات الاميركية كقوى معادية للمشروع الوطني ولحق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني، لان مجمل السياسات والممارسات الاميركية، والتي توجت بالتمويل الاضخم في تاريخها لدولة الاستعمار الاسرائيلية، يعني مباشرة التالي: اولا اميركا كانت، ومازالت حليفا إستراتيجيا لاسرائيل، يفوق هذا التحالف في صيغته كل اشكال التحالف المعروفة بين الدول، ولا يرتهن للعلاقات بين قيادتي البلدين في مرحلة معينة بعينها، وأي كان حجم التباين والاختلاف بين الادارات الحاكمة في كلا البلدين؛ ثانيا وفقا لما تقدم، فإن العلاقات العضوية القائمة بين البلدين، وبالنظر لحجم واليات التعاون والدعم السياسي والديبلوماسي والعسكري والاقتصادي، تؤكد للمرة المليون، أن إسرائيل ليست سوى ولاية من الولايات الاميركية، وهي رأس حربة للمشروع الاستراتيجي الاميركي في الاقليم عموما، وليس في فلسطين والوطن العربي. وهي القاعدة المتقدمة لاستعمارها وتفتيت دولها وشعوبها للحؤول دون نهوض المشروع القومي العربي؛ ثالثا العمل بتناغم وتنسيق معلن وعلى رؤوس الاشهاد لقتل وتبديد خيار السلام والتعايش بين دول وشعوب المنطقة. وضرب حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني، وإسقاط حق العودة، ليس هذا فحسب، بل والعمل على تعزيز سياسة التطهير العرقي الاسرائيلية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني؛ رابعا تسييد إسرائيل الدولة المارقة والخارجة على القانون على دول وشعوب المنطقة، وفرضها بالقوة كوكيل اول للولايات المتحدة (إن إستطاعت، ورغم التراجع في مكانة أميركا) في الاقليم، لاسيما وان اميركا تتجه للتركيز على دول جنوب شرق اسيا والاهتمام بالصراع مع التنين الاصفر (الصين)، التي باتت تقض مضاجع الاقتصاد الاميركي، وتهدد مع روسيا مكانة اميركا العالمية.

يبقى على هامش ما ذكر، ان توقيع الاتفاق يمثل خطوة تكتيكية راهنا في الانتخابات الاميركية، لاسيما وانه يأت عشية الانتخابات الرئاسية اميركية، وبالتالي يمكن ان يساهم في تصويت الايباك لصالح مرشحة الرئاسة الديمقراطية، هيلاري كلينتون.

دنيا الوطن

الاخبار العاجلة