واقع مأساوي يعيشه المواطنون المقدسيون في المناطق المهمشة خلف جدار الفصل

14 يونيو 2016آخر تحديث :
واقع مأساوي يعيشه المواطنون المقدسيون في المناطق المهمشة خلف جدار الفصل

بقلم: محمد أبو لبدة

منذ بناء جدار الفصل العنصري قبل عدة سنوات والسكان المقدسيون الذين يعيشون في المناطق التي وقعت خلف هذا الجدار والتي تعتبر جزءا من مدينة القدس وتخضع من حيث الخدمات لبلدية المدينة، منذ ذلك الحين وهذه المناطق والاحياء تعاني من عدة مشكلات بعد ان تخلت بلدية القدس عن تقديم الخدمات لها رغم انها تقوم بتحصيل جميع الضرائب المفروضة عليهم مثلهم مثل القاطنين داخل الجدار مما ادى الى معاناة لا توصف للمواطنين المقدسيين القاطنين فيها.

وحسب جمعية «حقوق المواطن» الاسرائيلية فإن هذه المناطق والاحياء الواقعة خلف الجدار تحولت الى عشوائية وتم عزل ثلث السكان المقدسيين الفلسطينيين والذي يقدر عددهم باكثر من ١٢٠ الف مواطن عن مركز حياتهم في القدس واصبحوا يعانون من حياة الاهمال في جميع مناحي الحياة.

كما ان سياسة الحكومة الاسرائيلية وبلدية القدس تجاه هذه المناطق والاحياء وظروف الحياة الصعبة فيها الحقت ضررا بالغا ومتواصلا بالحقوق الاساسية الخاصة بهم.

وبإلقاء نظرة سريعة على الواقع المأساوي الذي يعيشه الاف المقدسيين في هذه الاحياء والمناطق والناجم عن السياسات الاسرائيلية تجاهها فإنه بإمكاننا تسجيل ما يلي:

١-على صعيد حرية الحركة: يعاني المقدسيون خلف الجدار الفاصل من وجود معابر وحواجز اسرائيلية، يحتاج اجتيازها لوقت طويل بسبب اجراءات التفتيش واكتظاظ هذه المعابر بالمواطنين خاصة في ساعات الصباح وبعد الظهر.

فعلى سبيل المثال الطالب الذي يدرس في المدارس داخل الجدار عليه ان يكون على هذه المعابر قبل ساعتين او اكثر كي يتمكن من الوصول الى مدرسته وفي معظم الاحيان يتأخر عن الوصول بسبب اجراءات التفتيش، وقس على ذلك العمال والموظفين الذين يعملون في المصانع والمؤسسات الواقعة داخل الجدار وكذلك التجار والمرضى.

٢-على صعيد خدمات الاسعاف: منذ اقامة جدار الفصل لا توجد سيارات اسعاف لنقل المرضى الى المستشفيات والمراكز الصحية، مما يضطر سكان هذه المناطق المقدسيين الى الاستعانة بسيارات الاسعاف من مناطق السلطة الفلسطينية التي تقوم بايصال المريض الى الحواجز والمعابر ويمنع دخولها الى داخل الجدار حيث تكون هناك سيارة اسعاف اسرائيلية داخل الجدار لنقل المريض الامر الذي يستغرق وقتا طويلا ويعرض حياة المريض للخطر.

يشار الى ان عددا من المرضى توفوا على الحواجز والمعابر جراء الفترة الزمنية الطويلة التي يستغرقها وصولهم الى المستشفى او المراكز الصحية المتوفرة فيها خدمات طبية كبيرة وكذلك جراء اجراءات التفتيش التي يقوم بها جنود المعابر والحواجز والتي لا يراعون فيها المرضى وحياتهم المعرضة للخطر جراء التأخير في وصولهم للمستشفيات.

٣-على صعيد سيارات الاطفاء: لا يوجد في المناطق والاحياء المهمشة اية خدمات اطفاء على الاطلاق واية حرائق قد تندلع ستؤدي حتما الى كوارث لا تحمد عقباها، وفي بعض المناطق والاحياء يستعان بالدفاع المدني التابع للسلطة الفلسطينية، الا انه في مناطق واحياء اخرى لا يمكن الاستعانة بها جراء بعد المسافة واحتياج ذلك الى تنسيق مسبق مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي.

٤-على صعيد النفايات : المار من هذه المناطق والاحياء خاصة في منطقتي سميراميس وكفر عقب يلاحظ اكوام القمامة والشوارع المليئة بالنفايات والتي تؤثر على صحة المواطنين خاصة عندما يتم حرق هذه النفايات فاضرار الدخان المنبعث منها تؤثر بشكل مباشر على صحة المواطنين.

صحيح انه بعد لجوء العديد من المواطنين الى المحاكم ضد بلدية القدس من اجل توفير الخدمات لهم قامت باتفاق مع مقاولين لنقل هذه النفايات، الا ان عدم وجود رقابة عليهم من جانب واهمال العديد من السكان يؤدي الى بقاء هذه النفايات في الشوارع بين الاحياء السكنية وامام العمارات، مما يؤثر على صحة الانسان.

٥-على صعيد البنية التحتية: ان البنية التحتية في هذه المناطق هشة ولا تتناسب والازدياد المضطرد بعدد السكان فعلى سبيل المثال فان البنية التحتية في منطقتي كفر عقب وسميراميس انشئت قبل عشرات السنين عندما كان عدد سكانها قليلا ولكن الان اصبحتا مكتظتين بالسكان الامر الذي لا تستوعب هذه البنية الزيادة السكانية، فنلاحظ بين الفينة والاخرى طفح مجاري مياه الصرف الصحي وجريانها بين الاحياء السكنية وعلى الشوارع الامر الذي ينقل الامراض للمواطنين جراء الروائح الكريهة. اما على صعيد الشوارع فهي تعاني من الحفر والمطبات غير القانونية وفي الشتاء تتحول في الكثير من المواقع الى برك خاصة وان المصارف لا تستوعب كميات مياه الامطار وهي بحاجة الى صيانة وهو الامر المعدوم بسبب عدم تقديم بلدية القدس للخدمات في هذه المناطق تحت ستار الناحية الامنية.

٦- على صعيد اعمال البناء والعمارات شاهقة الارتفاع: منذ تخلي بلدية القدس عن تقديم الخدمات لهذه المناطق وعدم مراقبة ما يجري فيها، فقد قامت حركة بناء واسعة بدون تراخيص او مراقبة، وبعض العمارات وصل ارتفاعها الى اكثر من عشرة طوابق تبنى عشوائية وتحجب الهواء على المواطنين لانها بنايات متراصة ومتلاصقة، والذي يمر من شارع سميراميس – كفر عقب باتجاه رام الله يلاحظ العمارات الشاهقة التي بنيت في المنطقة والتي من الممكن ان تؤدي الى كوارث حقيقية في حالة وقوع اية هزات ارضية.

٧- التعديات على الشوارع وممتلكات الغير : نظرا لعدم وجود رقابة ومنع سلطات الاحتلال للسلطة الفلسطينية من العمل في هذه المناطق باعتبارها تابعة للاحتلال ولبلدية القدس فان التعديات على الشوارع وخاصة الشارع العام وعلى املاك الغير، قائمة على قدم وساق ومتواصلة الامر الذي يؤدي الى خلق المشاكل وانعكاس ذلك على الحياة الاجتماعية للمواطنين.

٨-انتشار ظواهر اجتماعية غير سليمة مثل الاتجار بالمخدرات والسرقات خاصة سرقات السيارات، والاعتداءات على الغير والاتجار بالاسلحة واستخدامها في الخلافات التي تقع بين الاسر والعائلات.

٩- انعدام الامن: فرجال الشرطة الاسرائيليين لا وجود لهم في هذه المناطق للحد من الخلافات والنزاعات ومنع السرقات والحد من الظواهر الاجتماعية والسلبية، كما ان سلطات الاحتلال تمنع رجال الشرطة الفلسطينيين من العمل في هذه المناطق والاحياء الامر الذي ادى الى انعدام الامن والامان لدى المواطنين المقدسيين فيها.

١٠ – على صعيد التواصل العائلي والاجتماعي: العائلات المقدسية منذ اقامة جدار العزل والمعاناة على المعابر والحواجز، ادت الى عدم التواصل بين العائلة الواحدة خاصة اذا كان عدد من افراد هذه العائلة يعيشون داخل الجدار والعدد الاخر في المناطق المهمشة، وفي كثير من الاحياء لا يرى افراد العائلة بعضهم الاخر عدة اشهر او اسابيع رغم ان صلة القرابة بينهم صلة اساسية، وكذلك الامر بين العائلات المقدسية داخل وخارج الجدار.

١١- على الصعيد الصحي: صحيح ان المؤسسات الصحية الاسرائيلية اوجدت في العديد من هذه المناطق مراكز صحية لها، الا ان هذه المراكز تفتقر للعديد من الامكانات فمن يحتاج لفحوصات عليه التوجه الى المراكز والمستشفيات الصحية داخل الجدار ومن يحتاج لعمليات عليه ايضا التوجه الى المستشفيات داخل الجدار وهذه المراكز المقامة خلف الجدار اشبه بعيادات تداوي الجروح والالام البسيطة اما العلاجات الاخرى فيتم تحويلها الى داخل الجدار حيث المعاناة على الحواجز والمعابر.

١٢- على الصعيد التعليمي: المدارس الموجودة في المناطق والاحياء المقدسية خلف الجدار استيعابها للطلبة محدود جدا الامر الذي يضطر الكثير من الطلبة الى الدراسة في المدارس داخل الجدار رغم المعاناة التي يواجهونها على المعابر والحواجز، هذا من جانب ومن جانب اخر فان المدارس خارج الجدار تعاني من نقص شديد في وسائل التعليم والملاعب وهي غرف منزلية مستأجرة لا تصلح للتدريس كما انها تفتقر للتدفئة والتهوية الصحية وتقع بين المباني السكنية الى جانب عدم وجود رقابة عليها من قبل وزارة المعارف الاسرائيلية او البلدية.

١٣- الخدمات الحكومية المقدمة هي من عدمها واحد! فعلى سبيل المثال اقيمت بعض الخدمات على معبر او حاجز قلنديا فقط دون المعابر والحواجز الاخرى وهذه الخدمات لا تفي بالغرض المطلوب فمثلا خدمات البريد تفتح مرتين في الاسبوع ولساعات محددة وكذلك المكتب الفرعي لخدمات التأمين لا يفتح سوى ليوم واحد وخدمات التشغيل تفتح ليوم واحد في الشهر، وعندما يذهب المواطن الى هناك فانه يقف في صف طويل ويتعرض للتفتيش والفحص الامني الامر الذي يستغرق وقتا طويلا وعندما ينتهي من الخدمة ويحاول الذهاب الى القدس فإن عليه الخروج والدخول مرة اخرى للحاجز والتفتيش مرة ثانية الامر الذي يجعله يتوجه الى القدس فورا لتلقي الخدمات حيث سيكون بالنسبة له اسهل رغم المعاناة.

١٤- التأثير النفسي: بين الفينة والاخرى يطلق قادة اسرائيل ورئيس البلدية وعدد من اعضائها تصريحات تدعو الى التخلي عن الاحياء والمناطق المقدسية خلف الجدار وسحب هويات السكان المقدسيين في هذه المناطق والاحياء الامر الذي ينعكس سلبا على الاف المواطنين، لأن فقدهم لهوياتهم سيحول دون وصولهم الى القدس وبالتالي قطع العلاقات مع اقربائهم واصدقائهم وتعذر وصولهم الى الاماكن المقدسة في المدينة خاصة المسجد الاقصى وكنيسة القيامة من جانب ومن جانب يرى هؤلاء ان الهدف من وراء ذلك هو جعل اليهود اكثرية في القدس لكي تصل نسبتهم الى ٨٠٪ بدلا من ٦٤٪ او اقل خاصة وان عددا من المسؤولين الاسرائيليين حذروا من ان نسبة تزايد الفلسطينيين في القدس سيجعلهم بعد سنوات اكثرية وبالتالي سيكون رئيس البلدية فلسطينيا وعليه فمن الضروري سحب هويات المقدسيين خارج الجدار والذين يشكلون ثلث المواطنين المقدسيين.

وامام ذلك فما هو المطلوب وما هو العمل من اجل تحصيل المقدسيين خلف الجدار لحقوقهم؟

١- يجب عليهم مواصلة رفع دعاوى ضد بلدية القدس لارغامها على تقديم كافة الخدمات لهم خاصة وانهم يدفعون الضرائب المفروضة عليهم دون مقابل.

٢- تفعيل المجالس المحلية الموجودة في بعض المناطق خاصة مناطق كفر عقب وضاحية السلام في عناتا وغيرها للحد من الظواهر السلبية.

٣- ايجاد لجان شعبية في هذه الاحياء، مهمتها حل العديد من القضايا كالنفايات المتراكمة والمشاكل بين بعض العائلات وتنظيم حركة السير خاصة وان منطقة سميراميس وكفر عقب تعاني من ازمات سير خانقة لانها حلقة الوصل بين الجنوب والوسط.

٤- قيام السلطة الفلسطينية بالضغط على السلطات الاسرائيلية من خلال الدول الاوروبية لكي تقوم بتقديم الخدمات للمواطنين المقدسيين.

انه بدون ذلك سيبقى الواقع المأساوي للمناطق المهمشة يسير من سيىء الى اسوأ مما يلحق المزيد من المعاناة والاضرار بالسكان.

يشار الى ان المناطق المهمشة خلف الجدار تضم مناطق مخيم شعفاط وضاحية السلام والزعيم وكفر عقب وسميراميس ورأس خميس ورأس شحادة وغيرها.

الاخبار العاجلة