إعلان “صفقة القرن”..”توقيت مشبوه” لإنقاذ نتنياهو

27 يناير 2020آخر تحديث :
استطلاع

أجمع محللون سياسيون فلسطينيون على أن التوقيت الذي وصفوه بـ”المشبوه” للإعلان عن خطة السلام المعروفة إعلاميا بـ “صفقة القرن”، يأتي خدمة لمصالح شخصية وحزبية لكل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو.

ويواجه ترامب محاكمة لعزله، حيث انطلقت بمجلس الشيوخ الأمريكي، الثلاثاء الماضي، الجلسة الإجرائية التي تدشن المحاكمة، بينما من المقرر أن يبت الكنيست الإسرائيلي، الثلاثاء، في طلب نتنياهو الحصول على الحصانة من المحاكمة بتهم الفساد.

والجمعة، قال الرئيس الأمريكي، إنه يعتزم الكشف عن خطته، قبل الثلاثاء، اليوم الذي سيجتمع فيه مع نتنياهو، وزعيم المعارضة الإسرائيلية، بيني غانتس.

ويعتبر هذا الإعلان، وفق المحللين، ومن وجهة النظر الأمريكية والإسرائيلية وصفة لـ”النجاح والحصول على الدعم الداخلي لكلا الطرفين”.
وكانت الإدارة الأمريكية قد أرجأت، خلال الأشهر القليلة القادمة إعلان “صفقة القرن”، لأسباب أرجعها مراقبون سياسيون “إلى الظروف الانتخابية الإسرائيلية”.

وتُبدد هذه الصفقة حلم إقامة الدولة الفلسطينية وفق الأعراف الشرعية القائمة على مبدأ “حل الدولتين”؛ الأمر الذي تتمسك به القيادة الفلسطينية.

**آخر تفاصيل الصفقة

وتقترح “صفقة القرن”، وفق ما جاء بصحيفة “يديعوت أحرونوت”، الأحد، إقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة، على مساحة 70% من الضفة الغربية، يمكن أن تكون عاصمتها بلدة “شعفاط” شمال شرقي القدس، على أن يربطها بقطاع غزة “نفق” يكون بمثابة “الممر الآمن”.
كما تسمح هذه الصفقة لإسرائيل بضم ما بين 30 – 40 %، من أراضي المنطقة “ج”، والتي تشكّل 61% من مساحة الضفة، وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية؛ ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.

** محاولة لإنقاذ نتنياهو

الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني وديع أبو نصار، قال للأناضول، إن توقيت صفقة القرن يأتي لإنقاذ نتنياهو، مستبعدا أن تقدّم الصفقة أي حق للفلسطينيين.
وأضاف: “التوقيت مشبوه، يأتي بالتوازي مع بداية جلسات الكنيست للبت بحصانة نتنياهو، ترامب يريد أن يساعد نتنياهو، ويساعد نفسه كي يظهر أما اليمين المتطرف بالولايات المتحدة أنه قادر على تقديم أي شيء لحماية إسرائيل”.
على الصعيد الإسرائيلي الداخلي، أثار توقيت الإعلان عن الصفقة ريبة عدد من قادة الأحزاب، من بينهم رئيس “إسرائيل بيتنا”، أفيغدور ليبرمان، الذي اعتبر ذلك التجاء من نتنياهو لواشنطن.
واستكمل قائلاً:” لو أن ليبرمان رأى أن إعلان الصفقة يصب في مصلحة إسرائيل لبارك هذه الخطوة”.
ويرجح أن تنجح هذه الخطوة في إنقاذ مستقبل نتنياهو السياسي؛ كون أن المعارضة الإسرائيلية باتت تتبنى ذات الأفكار التي تطرحها الصفقة.
وفلسطينيا، اعتبر أبو نصار أن الوضع الذي تمر به القضية من أصعب الأوضاع بسبب غياب “الاستراتيجية الوطنية”.

** صفقة قديمة جديدة

الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني تيسير محيسن، قال للأناضول، إن صفقة القرن بدأت تسير وفق “وقائع عملية تراتبية هندسية تصوغها الإدارة الأمريكية مع إسرائيل تباعا، منذ أكثر من 26 عاما ( في إشارة لـ 1993 عام توقيع اتفاقية أوسلو)”.
وبيّن أن كل ما يرشح عن الصفقة “يجري تطبيقه تباعا على مرأى ومسمع من كل العالم والقيادة السياسية”.
واستكمل قائلا: “الإدارة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي استطاعوا خلال العقود الفائتة أن يفرضوا واقعا يتعارض كليا مع البنية السياسية التي تم انتاجها في إطار إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي تحت ما يسمى عملية السلام (حل الدولتين)”.
وبيّن أن إسرائيل نجحت في تهشيم “كافة المكونات الديمغرافية والجغرافية للدولة الفلسطينية، ما يعني أن 60% من مساحة الضفة الغربية أصحبت تحت طائلة الضم وفرض السيادة الإسرائيلية عليها (…) كما أن هناك تهديد بضم الأغوار تحت تأييد ترامب؛ وهذا جزء من الصفقة”.

**خدمة لأجندات إسرائيلية

واتفق محيسن مع سابقه أبو نصار، في اعتقاده أن الإعلان عن هذه الصفقة في هذا التوقيت يأتي لخدمة الأجندات السياسية ودعم لتيار اليمين الذي يقوده نتنياهو.
وأضاف:” واضح أن نتنياهو أيضا يوظف مخرجات أفكار الإدارة الأمريكية تحت مسمى صفقة القرن، لخدمة أجندته السياسية للترويج أنه حقق نجاحات خلال ولايته لحكومة الاحتلال”.
وعلى الصعيد الدولي، يواصل نتنياهو مساعيه، وفق محيسن، لـ”كسر الجليد مع المحيط العربي؛ وهذا (التطبيع) أيضا جزء من الصفقة التي تتناول إعادة موضعة الاحتلال في الإقليم وبناء علاقات مع الكيانات العربية المختلفة”.

**رفض فلسطيني

الكاتب والمحلل السياسي، عبد المجيد سويلم يعتقد أن بنود صفقة القرن “لا تعني شيئا للفلسطينيين، لأنهم لا زالوا تحت الاحتلال، وكل ما يجري تطبيقه هو احتلال بنص الأعراف الدولية”.
وبيّن، خلال حديثه لـ”الأناضول”، أن القيادة الفلسطينية السياسية رافضة لهذه الصفقة ولن تقبل بها في أي حال من الأحوال، لافتا إلى أنها تريد “سلام قائم وفق الشرعية والقانون الدولي”.
وعدّ سويلم صفقة ترامب “تكريسا للمصالح وللتوسعية والعدوانية الإسرائيلية”.
ويعتقد أن القيادة الفلسطينية لعبت، وما زالت، دورا رئيسيا في فضح هذه الخطة وتوضيح خطورتها على السلم العالمي، من خلال العمل في إطار الأمم المتحدة والقانون الدولي والعلاقات الدبلوماسية والسياسية.
ويرى سويلم أن على الفلسطينيين مراجعة “كافة الخطط والسياسات للتقدم إلى مسار جديد يؤسس استراتيجية فلسطينية لمواجهة الظرف القائم”.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مرارا خلال العامين الماضيين، رفض الفلسطينيين لـ “صفقة القرن”، لأنها تُخرج القدس واللاجئين والحدود من طاولة المفاوضات.

الاخبار العاجلة