الأسرى .. تاريخ وقرارات دولية

5 فبراير 2020آخر تحديث :
الأسرى .. تاريخ وقرارات دولية
صدى الاعلام_ رام الله: منذ عام 1948 حتى اليوم، والاحتلال الاسرائيلي ينتهج سياسة الاعتقال كأداة للقمع والسيطرة على الشعب الفلسطيني، حتى أصبحت جزءا أساسيا من سياسته ووسيلة للعقاب الجماعي.

ويُقدر عدد حالات الاعتقال على مدار سني الاحتلال بنحو مليون حالة.

الاعتقالات تشكل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وسلطات الاحتلال لم تلتزم بالضمانات الخاصة بحماية السكان المدنيين، ولا بالقواعد الناظمة لحقوق المحتجزين وأوضاعهم.

منذ بداية العام 2020 حتى اللحظة، اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 300 مواطن، فيما يقبع الآن في السجون نحو 5 آلاف معتقل، منهم 50 من القدامى، و450 معتقل إداري، و570 من أحكام المؤبدات، و38 أسيرة، و200 طفل، و700 مريض، و17 صحفيًا.

وتضع القيادة الفلسطينية موضوع الأسرى على سلم أولوياتها واهتماماتها، وأكد الرئيس محمود عباس مرارا ضرورة تبييض السجون من جميع الأسرى.

وأقرت الحكومة الفلسطينية عام 2004، قانون الأسرى والمحررين رقم (19)، الذي ينص على أن الأسرى والأسرى المحررين شريحة مناضلة وجزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع العربي الفلسطيني، وتكفل أحكام هذا القانون حياة كريمة لهم ولأسرهم، ولتحقيق أهداف هذا القانون، تعمل السلطة الوطنية بكل الوسائل على ما يلي: تحرير الأسرى من سجون الاحتلال، وتقديم كل المتطلبات القانونية لمساعدة الأسير، وتوفير الحقوق المالية للأسير وأسرته طبقا لأحكام هذا القانون وبما يتوافق مع سلم الرواتب المعمول به، وتوفير فرصة التحصيل العلمي للأسير وأبنائه وتأهيل الأسرى المحررين، وتأمين الوظائف لهم.

الاسرى في صفقة القرن:

لم يسلم الأسرى من “صفقة القرن” التي تهدف في المحصلة الى تصفية قضيتنا العادلة، وتكريس الاحتلال الاسرائيلي.

وتنص تلك الصفقة على “إطلاق سراح المعتقلين الإداريين  المحتجزين، باستثناء المدانين بـ”القتل” أو محاولة القتل، والمدانين بالتآمر لارتكاب جريمة القتل، والفلسطينيين داخل أراضي الـ48، وسيتم ذلك على مرحلتين، وتشمل المرحلة الأولى القاصرين، والنساء، والسجناء الذين تزيد أعمارهم على 50 عاما، والسجناء الذين يعانون من أمراض، والذين أمضوا أكثر من ثلثي مدة محكوميتهم، ويتم ذلك بعد توقيع الاتفاقية بين الطرفين، فيما سيتفق الطرفان على توقيت المرحلة الثانية، والتي تشمل السجناء الذين أمضوا أكثر من نصف عقوبتهم”.

كما سيطلب “من كل سجين يفرج عنه أن يوقع على تعهد أن يتصرف بطريقة تجسد التعايش، عدا ذلك لن يطلق سراحه، وجوهر هذه النصوص هو أن كل ذلك مرهون بإطلاق سراح جميع الأسرى الاسرائيليين، عدا ذلك لن يخرج أحد”.

الحركة الأسيرة في الاتفاقيات الدولية:

نصت اتفاقية لاهاي لسنة 1907 أنه حال التوصل لأي اتفاق بين طرفين، يجب أن يتم إخلاء سراح جميع المعتقلين دون استثناء، مقابل وعد أو تعهد منهم بقدر ما تسمح بذلك قوانين الدولة التي يتبعونها، ولكن هذا التعهد ليس شرطا، ولا يجوز إكراه الأسير على ذلك.

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3236: اعتمدت الأمم المتحدة هذا القرار لسنة 1974، وأكد أن الاحترام الكلي لحقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرف، واحقاق هذه الحقوق أمران لا غنى عنهما لحل قضية فلسطين، وتعترف كذلك بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.

الانضمام للمعاهدات والاتفاقيات الدولية: بعد قرار القيادة الفلسطينية الانضمام إلى 15 وثيقة واتفاقية ومعاهدة دولية، أصبحت فلسطين عضواً في اتفاقيات جنيف الأربع والبرتوكول الإضافي، وهذا يستدعي إلزام دولة الاحتلال باحترام حقوق الأسرى وفق هذه الاتفاقيات وتوفير محاكمات عادلة للأسرى، واعتبار محاكمات الأسرى العسكريين لاغية وغير قانونية والنظر في إعادة المحاكمات، واعتبار تعذيبهم والاعتداء عليهم جريمة من جرائم الحرب تلاحق إسرائيل قانونياً عليها، وتوفير الظروف الصحية والمعيشية والإنسانية الملائمة للأسرى بما يحفظ كرامتهم وإنسانيتهم ومعاملتهم معاملة لائقة، وتحريم الاعتقالات التعسفية بلا محاكمة، وغيرها من الأمور.

الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية المتعلقة بالأسرى:

اتفاقية القاهرة الموقعة بتاريخ 1994: بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين عند التوقيع على هذه الاتفاقية نحو (10500) أسير فلسطيني وقد نصت المادة (20): لدى التوقيع على هذه الاتفاق أن تقوم إسرائيل بالإفراج أو تسليم السلطة الوطنية الفلسطينية خلال مهلة خمسة أسابيع، حوالي 5 آلاف معتقل، والأشخاص الذين سيتم الإفراج عنهم سيكونون أحراراً في العودة إلى منازلهم في أي مكان من الضفة الغربية أو قطاع غزة والسجناء الذين يتم تسليمهم إلى السلطة سيكونون ملزمين بالبقاء في قطاع غزة أو منطقة أريحا طيلة المدة المتبقية من مدة عقوبتهم.

وقامت إسرائيل بإطلاق سراح (4450) معتقلا منهم (550) أطلقت سراحهم إلى مدينة أريحا ولم تلتزم بالإفراج عن العدد المتفق عليه.

اتفاقية طابا: عام 1995، أخلّت اسرائيل بالاتفاقية مع منظمة التحرير، وكان يفترض أن يطلق سراح جميع المعتقلين على مراحل، وفي المرحلة الأولى كان من المقرر إطلاق سراح (1500) أسير، إلا أن حكومة الاحتلال لم تفرج سوى عن (882) أسيرا، وفي المرحلة الثانية أفرجت اسرائيل عن (782) من أصل (1200)، وبعد فترة أفرجت عن نحو (260) أسيرا.

مذكرة واي ريفر الموقعة بتاريخ 23 تشرين أول 1998 في واشنطن: لم تتضمن هذه المذكرة أي نص خطي يتعلق بقضية الإفراج عن الأسرى، وإنما كان الحديث حول تعهد إسرائيلي بضمان أميركي للعمل على إطلاق سراح (750) أسيراً فلسطينياً على ثلاث دفعات بواقع (250) في كل دفعة وفي شهر 11، أطلق سراح (250) أسيراً، ما خلق حالة من الإحباط والغضب ودفع  بالأسرى الفلسطينيين لإعلان الإضراب عن الطعام لمدة 10 أيام اعتباراً من تاريخ 5/12/1998 مطالبين بإطلاق سراحهم.

وفي عام 2013، جرى اتفاق، يقضى بأن تقوم إسرائيل بإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين المحتجزين قبل أوسلو، على أربعة دفعات، وأطلقت إسرائيل سراح 78 معتقلا على ثلاث دفعات، وأبقت على الدفعة الرابعة التي تضم 32 معتقلا.

أول أسير:

ويعتبر الأسير محمود بكر حجازي هو أول أسير في الثورة الفلسطينية المعاصرة، واعتقل بتاريخ 18/1/1965، وحكم عليه آنذاك بالإعدام ولكن الحكم لم ينفذ.

وبتاريخ 28 كانون الثاني/ يناير 1971 جرت عملية تبادل، بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي وحركة فتح، وأطلق بموجبها سراح الأسير حجازي مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي شموئيل فايز الذي اختطفته حركة فتح أواخر العام 1969.

فيما تعتبر الأسيرة فاطمة برناوي أول مناضلة فلسطينية يتم اعتقالها، في تشرين ثاني 1967، وحكم عليها بالسجن مدى الحياة وتحررت بتاريخ 11 تشرين الثاني عام 1977 كإجراء وصفته إدارة السجون آنذاك بأنه بادرة “حسن نية” تجاه مصر.

إضراب الحركة الأسيرة:

بدأ أول إضراب في عام 1969 في سجن الرملة، واستمر (11) يوماً، بالتزامن مع إضراب معتقل كفار يونا والذي استمر (8) أيام، للمطالبة بتحسين وزيادة كمية الطعام، وإدخال القرطاسية، ورفض منع التجمع لأكثر من أسيرين في الساحة، وزيادة وقت الفورة، وانتهى بقمع الاسرى وعزلهم وتعريضهم للإهانة.

تلاها إضرابات جماعية عديدة، والتي كان آخرها عام 2019، حيث نفذ أكثر من (50) أسيرًا إضرابات ذاتية عن الطعام، كانت معظمها رفضا لسياسة الاعتقال الإداري.

5 أسرى شهداء سقطوا خلال العام 2019:

وخلال العام الماضي استشهد خمسة أسرى بسبب اجراءات الاحتلال، وأبرزها قضية الإهمال الطبي، والشهداء هم: فارس بارود، وعمر عوني يونس، ونصار طقاطقة، وبسام السايح، وسامي أبو دياك، ويواصل الاحتلال احتجاز جثامين أربعة أسرى، منهم الأسير عزيز عويسات الذي استشهد نتيجة التعذيب عام 2018، إضافة إلى الأسرى بارود، وطقاطقة، والسايح. وبذلك ارتفع عدد شهداء الحركة الوطنية الأسيرة إلى (222) شهيدًا منذ عام 1967.

الاعتقال الاداري:

الاعتقال الإداري هو اعتقال بدون تهمه أو محاكمة، ويعتمد على ما يُعرف بـ “الملف السري”، وهناك من جدد لهم الاعتقال الإداري لأكثر من مرة وأمضوا سنوات طويلة رهن “الاعتقال الإداري”، دون معرفتهم أو اطلاعهم على سبب اعتقالهم.

وجعلت سلطات الاحتلال من هذا الاعتقال سياسة ثابتة في تعاملها مع الفلسطينيين منذ العام 1967، ولجأت إليه كخيار سهل، وتوسعت في استخدامه بشكل كبير وجعلت منه عقاباً جماعيا بحق عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين ما يخالف قواعد القانون الدولي.

الاخبار العاجلة