الخروج من المأزق

14 يونيو 2016آخر تحديث :
الخروج من المأزق

الكاتب عمر الغول

الساحة الفلسطينية بكل مكوناتها الرسمية والشعبية وقطاعاتها: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية/التربوية والاعلامية تبحث عن حلول لانسداد الافق على أكثر من مستوى وصعيد، منها:

الداخلي، والذي لا يقتصر على المصالحة والوحدة الوطنية، بل يطال الاقتصاد والتعليم والصحة والزراعة والحكم المحلي وازدياد الفاقة والفقر والبطالة، واستنهاض دور المؤسسات الوطنية خاصة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح؛ وعلى مستوى التسوية السياسية وغياب الشريك الاسرائيلي، وتضاؤل تأثير الاشقاء والاصدقاء في صناعة السلام، رغم التطور اللافت لانعقاد مؤتمر باريس في الثالث من حزيران الحالي؛ حالة التشظي والحروب الداخلية والصراعات البينية العربية، التي تركت بصماتها القوية على مكانة العرب ودورهم تحت الشمس؛ غياب الحلفاء الاستراتيجيين للشعب الفلسطيني؛ والفرقة وتصاعد حدة التناقضات بين الشعوب الاسلامية على اساس طائفي ومذهبي، التي تجد انعكاسها في اوساط كل شعب منها.

العديد من ممثلي الفصائل والمهتمين بالشأن الوطني العام من كتاب الرأي والمثقفين كتبوا ودونوا وجهات نظرهم في الندوات وورش العمل وحتى في المهرجانات. جميعهم اتفق على ان هناك ازمة عميقة شاملة تصيب اوجه الحياة المختلفة، ولم يختلفوا على ان الساحة تعيش مخاضا وطنيا، والجميع غارق في دوامة السؤال والبحث عن إجابات شافية او ممكنة لتجاوز عنق الزجاجة. ورغم ارتفاع درجة حرارة السؤال في الشارع الوطني، الذي يعتبر احد مؤشرات الادراك الداخلي بعمق الازمة، وزيادة وتيرة الحوارات داخل الغرف المغلقة بين صفوف القيادات والنخب السياسية، نتيجة استشعارهم لتعقيدات اللحظة السياسية والوطنية، إلا ان السمة العامة للاجابات ما زالت دون الطموح، لان الكل يعلق الاجوبة على شماعة المنظمة او يجري توزيع المسؤوليات على الجميع. 

النتيجة المهمة، التي يمكن استخلاصها، هي تراجع وضعف الانتاج المعرفي في الفكر السياسي، واضمحلال الجدل والنقاش الجاد وتلاقح الافكار في الساحة الداخلية وعلى المستوى العربي وحتى على الصعيد العالمي، مع ان الساحة الدولية تعيش مخاضا شبيها بكل المخاضات، التي شهدتها البشرية في زمن الانقلابات الدراماتيكية والانتقال من عصر لآخر. أي ان الظروف تسمح بالنهوض وإحداث حالة إنعاش للعصف الفكري للرد على حالة الهزيمة القائمة.

ودون الفصل التعسفي بين الحالة الفلسطينية وامتداداتها العربية والعالمية او العكس، فإن الساحة الوطنية بحاجة ماسة الآن وليس غدا لعصف فكري سياسي شامل يطال المؤسسة الرسمية والقطاعات الاهلية، ليتم طرح القضايا، كل القضايا على بساط البحث والحوار حتى بلوغ الجواب. ولعل المكان الفلسطيني المناسب لذلك، هو ميدان المجلس الوطني الفلسطيني، وقبل ذلك فتح ابواب المنابر الاعلامية والاكاديمية والثقافية لاثارة كل ما يجول في العقل السياسي الفلسطيني، والسعي للاقتراب من الحل، بغض النظر إن اعجب هذا الفريق او لم يعجب ذاك الشخص. ويمكن ان تكون الساحة الفتحاوية قبل واثناء عقد مؤتمرها السابع ايضا ميدانا خصبا للحوار ومساءلة الذات، لاسيما وانها تمسك بمقاليد القرار الوطني، وتقود الشعب. لذا عليها مسؤولية كبيرة جدا في فتح ابوابها للحوار الواسع والبناء، بعيدا عن الاصطفافات والشخصنة، لان ذلك لا يخدم الهدف المراد والمرغوب تحقيقه. وفي السياق، على فصائل العمل الوطني، كل على انفراد وبشكل جمعي ومع قطاعات المستقلين ورجال المال والاعمال والمثقفين الانخراط في الحوار، وإثارة ما يجول في اوساطها من اسئلة تتعلق بمصير الوطن والمواطن والمستقبل المنشود، وقضية الامة العربية والتحالفات الاممية على المستويات المختلفة، والرد على الخطاب الديني التكفيري، وخطاب الفتنة الطائفي والمذهبي في اوساط المسلمين وخاصة شعوب الامة العربية، ووضع تصور للرد على الهجمة الاميركية الاسرائيلية، التي تستهدف الكل العربي وليس فلسطين فقط. احد اهم ابواب الخروج من المأزق الوطني، هو إخراج الحوار الدائر في الغرف المغلقة إلى العلن وعلى كل المستويات، والعمل على تنظيم دائرة الحوار للبحث عن الاجوبة الشافية في دوائر منظمة التحرير  وخاصة المجلس الوطني، وحركة فتح وفصائل المنظمة…إلخ لان طرق ابواب السؤال بكل تلاوينه واتجاهاته، واستنهاض العقل من سبات اللحظة إلى دائرة التفعيل ومحاكاة الواقع لاستشراف افق المستقبل برؤى نوعية جديدة ومتجددة، يشكل رافعة وحاملا اساسيا لولوج مرحلة الجواب والخروج من عنق الزجاجة.

الاخبار العاجلة