سؤال عالماشي- الانتخابات بين هيكل الجماعة ودولة المشروع الوطني

6 أكتوبر 2016آخر تحديث :
سؤال عالماشي- الانتخابات بين هيكل الجماعة ودولة المشروع الوطني

بقلم: موفق مطر

الآن وبعد قرار مجلس الوزراء تأجيل الانتخابات لأربعة شهور، فهل يعني ذلك اسناد البنيان المتداعي (بقصب اجوف) لمنعه من الانهيار، أم نحسبها مراجعة ممنهجة لاستدراك مخاطر الاعلان الأول عن اجراء الانتخابات قبل استعادة غزة الى سلطة حكومة الوفاق القانون الأساسي، والنظر في تعديلات واجبة على قانون الانتخابات المحلية، أو الالتزام بما اعلنه الرئيس محمود عباس ابو مازن بأن الانتخابات يجب ان تجرى في كل انحاء الوطن بما فيها غزة او لا انتخابات، ما يعني وحسب فهمنا لمنطلقات وتوجهات الرئيس الوطنية، انه بذلك يحث كل الوطنيين على وضع انقلاب حماس في صفحات التاريخ، ورميها وراء ظهورنا، والعمل على تأسيس شراكة وطنية حقيقية، تمهد للانتخابات على ارضية أن الجميع تحت سلطة قانون فلسطيني واحد، فالانتخابات في واقع الانقلاب والاستفراد بالسلطة بقوة السلاح، وتخليق سلطات موازية للسلطات الشرعية يعني ليس تكريس الانقسام وحسب، بل تقطيع آمال الفلسطينيين بقيام دولة مستقلة بكل معانيها، وفرم المشروع الوطني في ماكينات المصالح الحزبية والفئوية والجهوية، المستخدمة بقوة دفع اقليمية، واطعامه للضباع الذين لم يكفوا عن مهاجمتنا ونحن في احسن حالاتنا من الانسجام الوطني فكيف وهم يقرأون في عيوننا فزع الانقسام الذي كرسته حماس ومجاميعها كمرض مزمن!.

الأصل ان الانتخابات عملية ديمقراطية تجري بعد تأمين مقومات استقرار النظام السياسي، وايمان المواطنين بمنهج الدولة، وبمبادئ حقوق وواجبات المواطنة، وصورة حضارية تبرز في تفاصيلها مدى ايمان المجتمع المدني (الشعب) بمبدأ التداول على السلطة سلميا وليس العكس، فالبعض يأخذها حجة لشرعنة عملية تدمير وتجريف النظام السياسي القائم تحت التهديد بالسلاح، لينشئ على ركامه هيكل حكم (الجماعة) يأتينا بعد ذلك ليقول هذا ما اختاره الشعب!.

في اللحظة الأخيرة تدارك العاقلون في مجتمعنا السياسي سقوطا اخلاقياً وانهيارا وطنيا، والفضل في هذا اليقظة في اللحظة الحاسمة يعود لجماعة حماس – طبعا بغير قصد لفعل اي عمل خير وطني – التي اجهضت بضربة قاضية المولود الذي كان سيشرعن انقلابها، عندما قررت محاكمها الباطلة اصلا وشرعا وقانونا ابطال خمس قوائم لحركة فتح في قطاع غزة، فنجا الوطنيون من السقوط والانهيار، لأنه لو لم تقرر محكمة العدل العليا ايقاف اجراءات الانتخابات وتقرر بقرار آخر عدم اجرائها في غزة، ولأنه لو لم تدرك الحكومة مخاطر الانتخابات مع استمرار واقع الانقلاب، لكنا قد سقطنا جميعا في خطيئة شرعنة الانقلاب، ورفع السقف على (ركائز خاوية) وناقصة، وليست مسلحة بالفكر التقدمي التحرري الديمقراطي الحضاري اللازم لعملية البناء الوطني.

منذ اللحظة الأولى لقرار الحكومة باجراء الانتخابات، حذرنا بمقالة هنا وفي هذا المكان من شرعنة الانقلاب بالانتخابات، لأن الوضع القائم في غزة انقلابي خارج على القانون الأساسي والشرعية الفلسطينية، ولا سلطة لحكومة الوفاق على شرطي سير في القطاع، وقلنا انه ما لم تسلم حماس القطاع لحكومة الوفاق فان الانتخابات ستكون باطلة قانونيا، وهذا ما اكده فقهاء القانون، واقرته السلطة القضائية.

الانتخابات هي كسقف البيت لا يُرفع الا بتصليب الأساسات ومن بعدها الركائز نصب الركائز ومن يظن بقدرته على بناء بيت مخالف لقواعد وقوانين الفكر السياسي والاجتماعي والنظم السياسية الآمنة المستقرة، وغير ذي علاقة بهندسة الوحدة الوطنية، فهو كمن استمرأ رؤية الانهيارات والتلذذ بمنظر الضحايا.

الاخبار العاجلة